عمان - تستبعد أوساط سياسية ونيابية أردنية إمكانية طرح حكومة عمر الرزاز مشروع قانون جديد للضريبة على الدخل خلال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، التي تنطلق أعمالها الأحد، خاصة وأن الدورة العادية لم يعد يفصل عنها سوى أسابيع قليلة. وربطت هذه الأوساط فرضية عرض مشروع الضريبة بحالة وحيدة وهو أن يتم التمديد في الدورة الاستثنائية، ذلك أنه ليس لدى النواب الوقت الكافي لمناقشة مشروع بهذا الحجم في حال لم يحصل ذلك. ويشكل مشروع قانون الضريبة على الدخل اختبارا صعبا لرئيس الوزراء عمر الرزاز، وحكومته، خاصة وأن المشروع السابق الذي تم سحبه من مجلس النواب في يونيو الماضي، أثار موجة احتجاجات غير مسبوقة أدّت إلى الإطاحة بحكومة هاني الملقي. ويجد الرزاز نفسه مضطرا إلى موائمة شبه مستحيلة بين متطلبات صندوق النقد الدولي الذي يصرّ على عدم تأجيل المشروع وعلى تنفيذ الشروط التي يطرحها بشأنه، ومطالب الشارع الرافضة لأي زيادات في الأعباء الضريبية. وقال رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، مؤخرا إن إنجاز قانون الضريبة على الدخل مطلب من البنك الدولي بالرغم من أن القانون لقي معارضة في عهد الحكومة السابقة وأودى بحكومات أخرى قبلها. وأضاف الطراونة في حوار أن الأردن دخل في برنامج تصحيح اقتصادي منذ سنوات وبالتالي لا بد أن تكون هنالك ضغوط حتى تبقى صورة الأردن النقدية جلية وواضحة وجاذبة لعمليات الدعم. وأشار “عندما نتحدث عن لجان تفتيش تأتي للأردن ولا تجد أي إحراز للتقدم في برنامج التصحيح الاقتصادي، فهذا سيشكل أعباء إضافية على المملكة وصعوبة في الاقتراض”. ويحذر خبراء اقتصاديون من إنه في حال فشلت الحكومة في التوصل إلى تسوية مع صندوق النقد الدولي بشأن مشروع الضريبة قد يتم تجميد القروض التي يأمل الأردن في الحصول عليها وبنسب فائدة منخفضة. ويمر الأردن بوضع اقتصادي دقيق ومعقّد، في ظل عجز كبير في الميزانية وارتفاع معدل المديونية بشكل قياسي، وقد أثّر ذلك بشكل كبير على الوضع الاجتماعي حيث تشهد نسب البطالة ارتفاعا مضطرا حيث قفزت في الربع الثاني من العام الحالي إلى 18.7 بالمئة مقارنة مع 18.4 بالمئة في الربع السابق. وأجرى نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، المكلف بصياغة مشروع الضريبة خلال الشهرين الأخيرين حوارات مع فعاليات نقابية واقتصادية حول المشروع الجديد، بيد أن الحكومة ما تزال لم تحسم بعد في طبيعة الإعفاءات وسط تسريبات تتحدث عن ضغوط من صندوق النقد الدولي لإقرار مشروع مماثل عن ذلك الذي تم سحبه. وذكرت أوساط نيابية أن الصندوق يريد الإبقاء على ذات البنود المثيرة للجدل في المشروع الجديد خاصة تلك المتعلقة بتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة من الأفراد وزيادة نسب الاقتطاعات في مختلف القطاعات الاقتصادية. وأدى تشدّد صندوق النقد الدولي في مطالبه، انتقادات حادة من نواب ومسؤولين أردنيين. واعتبر النائب يحيى السعود أن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الأردن مارتن سيرسول، ينفذ “مخططا اقتصاديا يسعى للنيل من الأردن وأمنه واستقراره”. وقال السعود، في بيان له إن “صندوق النقد الدولي أينما وُجد حلّ الخراب الاقتصادي والاجتماعي”، مبينا أن البرامج التي يحملها الصندوق لدول المنطقة تعمل على زيادة الأعباء على المواطنين وبالتالي زيادة الضغط على حالهم المعيشي السيء، ما قد يدفع إلى حالة من السخط والاحتجاجات”. من جهته حذّر النائب نبيل غيشان حكومة عمر الرزاز من الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي. ويرى مراقبون أن هذه الانتقادات الموجهة لصندوق النقد الدولي مبررة، ولكن لا مناص أمام الحكومة من إيجاد توليفة ضريبية ترضي الأخير، وتأخذ بعين الاعتبار في الآن ذاته الأوضاع الاجتماعية، خاصة وأن عمّان مقبلة على استحقاقات داهمة تستوجب تحقيق هذه المعادلة الصعبة وبسرعة.
مشاركة :