سليمان القانوني هو سليمان الأول بن سليم خان الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح، ولد في عام 1494 وتوفّي في عام 1566، وهو السّلطان العاشر لسلاطين الدّولة العثمانيّة، ويعده بعض المأرخين بإنه الخليفة رقم ثمانين من خلفاء المسلمين، وبذلك فهو أقوي وأشهر السلاطين العثمانيين الذين حكموا الأرض. تولّى حكم الدّولة العثمانيّة منذ بداية عام 1520 إلى أن توفّي، ويعتبر أطول سلاطين الدّولة العثمانيّة بقاءً في الحكم، وقد امتدّت مدّة حكمه لتصل إلى 48 عاماً فاستطاع بسط نفوذ الدَّولة العثمانيَة على أرجاء واسعة من البِلاد وحفِظ هيبتها، فهو أحد الأشخاص الذين حكموا بالإسلام، ولُقّب بأمير المؤمنين، واستطاع أن يُشكّل بفضل قوته، ونفوذه، وحنكته أقوى دولة عرفها التاريخ في ذلك الوقت، والمعروفة بالدولة الإسلاميّة تحت الحكم العثمانيّ وقد عُرِف عند الغرب بسليمان العظيم نظراً للأمجاد التي حقّقها خلال فترة حكمه، ولقّبه الشّرق بالقانونيّ، لما حدثت في فترة حكمه من إصلاحاتٍ في النّظام القضائيّ. ولِد سليمان القانوني في مدينة طرابزون، كان والده والياً على مدينة طرابزون عند ولادة سليمان فاهتمّ به كثيراً ورّباه على حب العِلم والأدب ومجالسة العلماء والفقهاء، وقد كان سليمان منذ صغره مشهوراً بالجديّة والوقار مختلفاً عن أبناء جنسه. توّليه للحكم بعد وفاة الحاكم سليم الأول تسلّم ابنه سليمان الحكم، وبدأ بمباشرة أمور الحكم، وقد كان شجاعاً وحكيماً وفطِناً على الرّغم من صغر سنه؛ حيث كان لا يتجاوز السادسة والعشرين في تلك الفترة، فاستطاع منذ توّليه الحكم أن يخمد الثورات، وأن يفرض هيبة الدولة، وأن يقضي على الخارجين وكان الحاكِم سليمان محبّاً للجِهاد، فقد شملت حملاته دولة أوروبا؛ حيث حاول فتح فينا مرّتين ولكنه لم يفلح، وفتح بلجراد وأجزاء من المجر مثل العاصمة بودابست، كما أنه شنَّ ثلاث حملاتٍ كبرى ضد الدّولة الصفويّة؛ ففي الحملة الأولى عام 1534م استطاع ضم العِراق، وفي الحملة الثانية عام 1548م استطاع السيطرة على أملاك الدّولة تبريز وقلعة وان وقلعة أريوان، أما في الحملة الثالثة عام 1555م استطاع أن يجبر الشاه طهماسب على الصّلح والاعتراف بحق العثمانيين في أريوان وتبريز وشرق الأناضول. لم يقتصِر جهاد سليمان على أوروبا وآسيا، وإنّما جاهد البرتغاليين وحدّ من نشاطِهم في منطقة البحر الأبيض المتوسط، واستطاع ضمّ عُمان والأحساء وقطر إلى الدولة العثمانيّة، ومن الدوّل الإفريقيّة التي استطاع السيطرة عليها ليبيا وقسمٌ كبيرٌ من تونس وجيبوتي والصومال، واستطاع السلطان سليمان تطوير البحريّة العثمانيّة؛ حيث أصبح نطاق الأسطول البحري واسعاً وشمل البحر الأحمر، وسواحل الحبشة. تطوّرت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني بشكلٍ كبير نظراً لذوقه الرَّفيع وحبه للأحجار الكريمة؛ فخصّص المبالغ الكبيرة لتشييد المباني الكبرى المميّزة مثل: المعاقل، والحصون، والمساجد، والصهاريج، والقناطِر، كما ظهر المهندسون المعماريون مثل سنان باشا. وفاته توفّي السلطان سليمان القانوني عام 1566م بسبب داء النقرص، وقد كان قد عانى من داء النقرص من فترةٍ طويلةٍ، ولكنّه كان يخرج للجهاد ويكابِر على ألمه، وتوفّي أثناء المعركة التي خاضها ضدّ المسيحيين في مدينة سيكتوار البحريّة. وفي عهده ازدادت القوة البحرية على نحو لم تشهده من قبل وخاصة بانضمام "خير الدين برباروسا"، وكان يقود أسطولاً قويًا يهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب "قبودان". وقد عقد القانوني العديد من المعاهدات كان ابرزها: - معاهدة إسطنبول (1533) هي معاهدة جرت بين الدولة العثمانية وأرشدوقية النمسا تم عقدها في 22 يوليو عام 1533. نصت المعاهدة على دفع النمسا جزية قدرها 30000 دوقية ذهبية سنويا للدولة العثمانية. وألا يطلق لقب إمبراطور إلا على الخليفة العثماني، أما سواه من ملوك أوروبا فيكونون موازين للصدر الأعظم في الخلافة العثمانية - معاهدة أماسيا عقدها عام 1555 وهي أول معاهدة رسمية بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية ، وتم بموجبها تعيين الحدود بينهما. في عام 1539 م/898ه أصدر الخليفة سليمان القانوني أول لائحة قانونية للحفاظ على البيئة في أوربا وفي عهده وُجد موظفون مختصون بالحفاظ على نظافة البيئة، وكان يطلق عليهم اسم "جوبلوك صوباشيسي"، رغم أن هذه المواد تبدو من المسلمات في هذا العصر إلا أنها في ذلك الوقت لم تكن كذلك في أي بقعة من العالم. وقد أولي التعليم اهتماما خاصا وقد منحت مدارس المساجد والتي تمولها المؤسسة الدينية تعليما مجانيا لأطفال المسلمين وكانت متقدمة على تلك في الدول النصرانية في ذلك الوقت، كما زاد عدد المدارس إلى أربعة عشر تعلم الصغار القراءة والكتابة ومبادئ الإسلام. وأمكن للأطفال الذين رغبوا مواصلة تعليمهم الشروع في واحدة من ثمانية مدارس جامعة، والتي شملت شعبها قواعد اللغة والميتافيزيقيا والفلسفة وعلم الفلك والتنجيم. أُصيب سليمان في نهاية حياته بمرض النقرس، الذي منعه من القدرة على ركوب الخيل، وبالرّغم من ذلك كان يتظاهر بأنّه يمتلك القوّة، وكان هذا الأمر متلازماً مع غارات الملك الهايسبرج على المسلمين، وقاد الجيش الإسلاميّ في ذلك الوقت بنفسه للذهاب إلى مدينة سيكتوار الموجودة في البلاد المجريّة، وعند وصولهم كانت في المدينة مجموعة من أقوى القلاع التي شُيّدت على يد النّصارى، والمليئة بالمدافع الموضوعة في مناطق استراتيجيّة، وبالرغم من ذلك تمكّن من محاصرة القلعة في أقلّ من أسبوعَين، وقاتل قتالاً شديداً استمرّ إلى خمسة شهور، ومع مرور الوقت اشتدّ المرض عليه، وكان الأجل يقترب منه شيئاً فشيئاً، وخلال ذلك الوقت استطاع الجيش أن يجهز على المجريّة، ويحقّق نصراً عظيماً، وقال سليمان في ذلك الوقت الآن طاب الموت، وخرجت روحه إلى بارئها في تلك اللحظة، وتحديداً في اليوم الخامس من شهر سبتمبر أي في مثل هذا اليوم لعام ألف وتسعمئة وستة وستين، ودُفِن في مدينة اسطنبول وتحديداً في المسجد المُسمّى على اسمه.;
مشاركة :