تونس - لوّح اتحاد الشغل أكبر منظمة نقابية في تونس، بدخول المؤسسات العمومية في إضراب عام، في خطوة تشير إلى أنّ موسما سياسيا ساخنا ينتظر البلاد، التي تعيش على وقع التجاذبات السياسية والحزبية بشأن مصير حكومة يوسف الشاهد. وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية إنّ “الدخول في إضراب عام في المؤسسات والمنشآت العمومية وارد بنسبة 90 بالمئة”، مشيرا إلى أن الهيئة الإدارية للاتحاد التي ستنعقد في 13 سبتمبر الجاري وستتخذ القرار الملائم”. وحسب الطبوبي يأتي قرار الإضراب تعبيرا عن رفض ما اعتبره “سياسة التسويف التي تعتمدها الحكومة في ملف القطاع العام” الذي وصفه “بالقطاع المستهدف”. وتابع الطبوبي “يتم العمل على إضعاف هذا القطاع بالتقليص من جودة خدماته ورفض تمويله بهدف إفشاله، إضافة إلى تعطل ملف المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام واختيار الحكومة حل المماطلة والتسويف”. أحمد نجيب الشابي: الأزمة الحكومية في طريقها إلى الحل برحيل الشاهد ولا تستحق تصعيد الاتحاد أحمد نجيب الشابي: الأزمة الحكومية في طريقها إلى الحل برحيل الشاهد ولا تستحق تصعيد الاتحاد ويقول المراقبون إن تلويح الاتحاد بإضراب عام يأتي في إطار المعركة السياسية المحتدمة بين الطرف النقابي والحكومي، التي زادت وتيرتها منذ إقالة يوسف الشاهد لوزير الطاقة خالد قدور المحسوب على الاتحاد على خلفية تهم فساد مالي وإداري. وأعتبر أمين عام المنظمة إقالة وزير الطاقة خالد قدور “من باب القرارات العشوائية للحكومة التي تدل على حالة التخبط والتسرّع وعدم الحنكة والدراية”، نافيا أن يكون ذلك القرار ضربا للاتحاد الذي يبقى وفق قوله “أكبر من رئيس الحكومة أو غيره من الوزراء”. واعتبر أن “الأسباب المعلنة لإقالة الوزير كانت واهية ولم يتم تأكيد الفساد من السرقة أو غيرها من الاتهامات”. وتشهد علاقة المنظمة النقابية مع الحكومة أسوأ فتراتها حيث يتمسك الاتحاد بتغيير حكومي شامل بسبب ما يعتبره “سوء إدارة للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد”. ويجد اتحاد الشغل في الملف الاجتماعي الورقة التي من شأنها إضعاف حكومة الشاهد، بسبب الاستياء الشعبي من موجة الغلاء وتراجع القدرة الشرائية. وقال عضو البرلمان صحبي بن فرج لـ”العرب” إن تلويح الاتحاد بشن إضراب عام هو موقف سياسي وليس موقفا اجتماعيا” مشيرا إلى أن “الاتحاد منذ فترة يطالب بإسقاط الحكومة ومن يطالب بإسقاط الحكومة هي الأحزاب السياسية وليست النقابات.. بالتالي هو موقف سياسي وليس موقف نقابي”. ويعتقد بن فرج أن الاتحاد متوجّس من ألاّ تكون نتيجة المحادثات بين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والرئيس التونسي في صالحه بتنحية الشاهد عن السلطة، وأن يختار كلّ منهما الإبقاء على الشاهد حفاظا على الاستقرار بدل الاستجابة لمطلبه. ويقول “تصريح الاتحاد حول إضراب عام بعد لقاءات بين الغنوشي والسبسي تبيّن أن الاتحاد يطرق باب التصعيد مجددا في حال عدم إسقاط الحكومة”. ويقول مراقبون إن التجاذبات السياسية المتعلقة برحيل الشاهد أو بقائه تشل العمل الحكومي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتعمّق الأزمة في البلاد. وتعقد خلافات اتحاد الشغل مع الحكومة المشهد السياسي والاجتماعي لتباين وجهات النظر في إدارة أزمات البلاد حيث يعارض الاتحاد الإصلاحات الاقتصادية كمشروع خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام. وقال أحمد نجيب الشابي رئيس الحركة الديمقراطية لـ”العرب” إن “الوضع في البلاد هش وجنوح الاتحاد إلى إضراب عام غير موات بل يعمق الأزمة أكثر”. وأرجح الشابي سبب تلويح الاتحاد بإضراب عام كطريقة للضغط على الحكومة للحصول على تسوية تخص المطالب الاجتماعية. واستبعد أن تكون حكومة الشاهد مستهدفة من خلاله باعتبار أنها “زائلة”. وأشار الشابي إلى أن الأزمة الحكومية في طريقها إلى الحل باعتبار أن حكومة الشاهد فقدت كل سند بما فيه دعم حركة النهضة غير مستبعد إقالتها قبل البدء في إعداد قانون الموازنة لعام 2019 في أكتوبر أو بعد الانتهاء منه في ديسمبر. وتابع الشابي “الإضراب طريق مشروع لكن الوضع في البلاد لا يتحمل”. ورأى الشابي أن الحلّ في تسوية اجتماعية بين الحكومة والاتحاد تهني الخلافات. وتواجه تونس أزمة اقتصادية ومالية حادة، مع تجاوز معدل التضخم حاجز 7 بالمئة، وارتفاعًا قياسيًا في الاستدانة من الخارج.
مشاركة :