بدأ لبنان يتحضّر، نفسياً، للدخول في فترة طويلة من الفراغ الحكومي، في ضوء مضيّ هذا الاستحقاق إلى مزيد من التعقيد، وبالتالي التأخير في إنجازه قريباً ما لم يبادر الأفرقاء المعنيّون إلى تقديم تنازلات متبادلة، على مستوى ما يطرحونه من شروط ومطالب. في وقت لم يعرف ما إذا كانت التشكيلة الوزارية التي قدّمها الرئيس المكلّف سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مطلع الأسبوع، قابلة للنقاش والتعديل إذا استدعى الأمر، أم أنها رُدّت كلياً وبات على الرئيس المكلّف تقديم تشكيلة جديدة. علماً أنّ ما رشح من قصر بعبدا وأوساط سياسية يفيد بأنّ عون رفض هذه التشكيلة برمّتها. وقد يكون أسوأ ما حملته الساعات الأخيرة، على مستوى أزمة تأليف الحكومة، أنها أبرزت للمرة الأولى بحدّة عالية تحوّل عملية الـتأليف إلى نزاع صلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولو نفت كل منهما هذا البعد الخطير والطارئ للأزمة. ذلك أنه، وبدلاً من أن توجد الصيغة الحكومية التي سلّمها الحريري لعون حلاً لـ«حرب الأحجام» الدائرة بين الأحزاب والتيارات السياسية الراغبة في المشاركة في الحكومة العتيدة، فإنها فجّرت حرب مواقع وصلاحيات بين رئاستَي الجمهورية والحكومة. وتوقعت مصادر متابعة، أن تبدأ في الأيام المقبلة اتصالات لتحديد مفهوم الدستور المنبثق من «اتفاق الطائف»، انطلاقاً من الإشكالية التي يثيرها تأليف الحكومة المتعثر. وذلك، بعدما طغى على المشهد ما يجري التحضير له في بعبدا، لجهة لجوء رئيس الجمهورية إلى البند «10» من صلاحياته، التي تنصّ عليها المادة 53/د، وفيها أن الدستور يعطي الرئيس الحق بتوجيه رسائل إلى مجلس النواب، والنصّ الحرفي «يوجّه عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النواب». واقع.. وترقّب لم يأتِ الأول من سبتمبر لمصلحة إرادة رئيس الجمهورية في الحثّ على الإسراع في تأليف الحكومة وإقلاع عهده، الذي ربطه بحكومة ما بعد الانتخابات، إذ إن تقديم الرئيس المكلّف تشكيلته ورفض رئيس لبنان إياها أدّيا إلى نتائج عكسية، انعكست تصعيداً في المواقف لدى كل الأطراف المعنيّين، وإرجاء للاستحقاق المتأخر ثلاثة أشهر حتى تاريخه. والذي ربما كان دخل ثلاجة انتظار التطورات الإقليمية، ما يدفعه إلى أشهر مقبلة تتجاوز الشهر الجاري الذي يتهاوى منذ مطلعه، ويصطدم بأسفار متكرّرة لرئيس الجمهورية، ما دفع المعنيين إلى البدء بضرب مواعيد جديدة، قد تتجاوز رأس السنة الجديدة. ووصفت مصادر معنية بالتأليف الوضع الحكومي كالتالي: العُقد المسيحية والسنية والدرزية على حالها، الأمور غير ناضجة محلياً لابتكار الحلّ النهائي، صلاحيات الرئاستين الأولى والثالثة دخلتا صراع التأليف، والرئيس الحريري يمكن أن يعيد العمل من «نقطة الصفر». وحذّرت المصادر نفسها من مواصلة النهج نفسه الذي قد ينقل البلاد من أزمة حكومية إلى أزمة كيانية، ولفتت المصادر لـ«البيان» إلى أن مؤشرات الانزلاق إلى أزمة كهذه بدأت تطلّ برأسها في أكثر من مكان، من الصدام مع ممثلي الطائفية الشيعية، تحت عنوان «تكسير الرؤوس»، إلى الصدام مع ممثلي السنة تحت عنوان «إعادة النظر في الصلاحيات». وتكريس أعراف جديدة، إلى الصدام مع الموحّدين الدروز تحت عنوان «الميثاقية»، الذي لم يكن مطروحاً في أي يوم من الأيام، إلى الصدام مع جزء واسع من المسيحيين من أجل تكريس أحادية أسقطتها الانتخابات. رسائل أميركية ساد قلق في لبنان مما اعتبرته أوساط سياسية، ثلاث رسائل أميركية، في ثلاثة أيام، للبنان، إذ كان قرار قطع التمويل الأميركي عن «الأونروا» الرسالة الأولى، ثم تلتها معلومات من مصادر أميركية عن إفراغ طائرات إيرانية أسلحة في مطار بيروت الدولي، ومن ثم توجيه واشنطن تحذيراً إلى رعاياها من زيارة لبنان بحجّة الأخطار السائدة على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية وعلى الحدود الشرقية.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :