لا شك أن الخبرة عامل حاسم من عوامل ضبط إيقاع الحياة واستيعاب ما يصلح منها مما لا يصلح، وفي المثل الدارج يقال «اللي قبلك بيوم أعرف منك بسنة».وإذا تأملنا في المثل السابق نجد ملامح إجلال كبيرة من قبل المجتمع لأولئك الذين خاضوا التجارب وواجهوا الحياة قبلنا بزمن، حتى وصلت المبالغة بالمجتمع والناس إلى حد الاعتراف بالتميز والحكمة والرأي الصائب لمن ولدوا قبلنا بيوم.من هذا المنطلق جرى تقدير الخبرة من قبل الإنسان في كل شيء، لذا نجد تقدير كبار السن في مجتمعاتنا حتى الآن شيئا أصيلا مستمرا لا يتعلق بأي فائدة سوى اعتراف ضمني بقيمة هذه الفئة من المجتمع وكونها أدت رسالتها على أكمل وجه وحان للجميع أن يضعوهم لدى ما يستحقون من راحة وإشعار بالامتنان.وامتد تقدير الخبرة كذلك بل واعتبارها مطلبا ضروريا وأساسيا في مجال الأعمال، حيث بات الانضمام إلى أي عمل حاليا مهما كان صغيرا مشروطا بوجود خبرة لدى الشخص المتقدم، فمجتمع الأعمال يوما بعد يوم صار يدرك قيمة الخبرة وما لها من أثر في تقويم سير العمل ومنع هدر الموارد وعدم خوض مجازفات يمكن أن تؤدي للإضرار بصالح العمل.من هنا ينبغي النظر بجانب التقدير والإجلال لآبائنا المتقاعدين، النظر إليهم كذلك بغرض توظيفهم ووضعهم في أماكن استشارية تسمح لنا بالاستفادة منهم ومن خبراتهم المتراكمة في دعم العمل والوصول به إلى حالة جيدة، فالخبرة التي يمتلكونها لا تقدر بثمن، وما عاينوه من تجارب ومشكلات وتفاصيل تسمح لهم بإعفائنا من الوقوع في الأخطاء الفادحة وتوجيهنا صوب ما يجلب لنا النجاح والفائدة.فهؤلاء الذين عملوا في الشركات والمؤسسات واجهوا المشكلات قبلنا وتعرفوا على كيفية ترويضها والنجاة منها، وبذلك سيرسمون لنا طريقا يخرجنا من دائرة ما واجهوه من مشكلات وتحديات، طريقا يقترب بنا من الصحة ويضعنا جوارا مع المكاسب والارتقاء.الخبرة التراكمية العظيمة التي يمتلكها هؤلاء من شأنها أن تتقدم بعملنا إلى الأمام، فالتوازن في العمل مطلوب وكما أننا شباب أو نمتلك في قطاعات عملنا شبابا يتسمون بالحماسة والجهد والفكر الجديد والعمل الدؤوب فلابد لنا كذلك أن نمتلك خبرات عظيمة مثل هؤلاء المتقاعدين، فبهم نستطيع أن نوجد تنوعا مميزا وتوازنا مطلوبا لسير العمل، ومتى وجد هذا التوازن. ومتى وجدت روح الشباب وبجانبها روح الحكمة والتعقل فلا شك عملنا سيمضي في خط وسطي آمن يصلنا بالأحلام وما نتمناه من حقائق.لذا فهذه دعوة مباشرة لأرباب الأعمال والشركات الوطنية أن تستثمر في جميع قطاعات المجتمع بمن فيهم المتقاعدون فكل له مميزاته وكل فئة يتوفر فيها ما لا يتوفر في الأخرى، وبتوفر كل هذا التنوع على خارطة العمل سنضمن تحقيقا للآمال وخطوات للأمام باتجاه ما نتمناه.
مشاركة :