عاد التوتر إلى شوارع مدينة البصرة (560 كيلومتراً جنوب بغداد) أمس، بعد هدوء حذر شهدته إثر ليلة هاجم فيها محتجون ضد الفساد وتراجع الخدمات، مقرات حكومية وحزبية وأضرموا فيها النيران. وفي أول رد فعل على استهداف المقرات تعهد الشيخ قيس الخزعلي الأمين العام لـ «حركة عصائب أهل الحق» عدم الانجرار إلى «اقتتال داخلي». وخلال توقف حركة الاحتجاجات قبل ظهر أمس، قام متطوعون شباب بحملة لتنظيف الشوارع والأبنية التي أحرقت من الأنقاض وبقايا المواد المحترقة. وكانت حملة إحراق المقرات الليلة قبل الماضية في البصرة شملت أحزاب: «الدعوة الإسلامية- المقر العام» (جناح نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي) و «الدعوة الإسلامية تنظيم العراق» (جناح نائب رئيس الجمهورية السابق خضير الخزاعي)، و «منظمة بدر» التابعة إلى هادي العامري و «حزب الفضيلة» التابع إلى رجل الدين محمد اليعقوبي و «تيار الحكمة» التابع إلى عمار الحكيم و «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» (النائب الأول لرئيس البرلمان السابق الشيخ همام حمودي)، و «عصائب أهل الحق» بزعامة الشيخ قيس الخزعلي و «حركة إرادة» التابعة إلى النائب السابق حنان الفتلاوي، و «حركة النجباء» التي يرأسها الشيخ أكرم الكعبي و «الحزب الإسلامي» (فرع جماعة الإخوان المسلمين في العراق)، إضافة إلى فصائل أخرى من «الحشد الشعبي» منها: «كتائب سيد الشهداء» و «سرايا الخرساني» ومنزل نائب رئيس المجلس المحلي للبصرة وليد كيطان، كما كانت هناك محاولة لإحراق أحد مقرات «سرايا السلام» التابعة إلى رجل الدين مقتدى الصدر. وشملت عمليات الحرق مقرات تابعة إلى أحزاب محلية هي: «حركة ثأر الله» و «حركة البدلاء» و «حركة أنصار الله الأوفياء»، وطاولت أيضاً مقر النائب فالح الخزعلي، ودار استراحة المحافظ و «إذاعة النخيل» و «قناة الفرات» و «قناة الغدير». وكانت «المفوضية العليا لحقوق الإنسان» أصدرت بياناً أكدت فيه سقوط 120 شخصاً بين قتيل وجريح نتيجة العنف في الاحتجاجات التي تشهدها البصرة، حيث لقي 9 منهم حتفهم وتوزعت الإصابات بين 93 من المتظاهرين و18 من القوات الأمنية. وفي أول رد فعل سياسي على إحراق مقرات الأحزاب في البصرة، قال الخزعلي: «إننا بمستوى الشجاعة لأن نقف أمام كل الدواعش ونتصدى لهم، ونحن بمستوى شجاعة أكبر لأن نفوت الفرصة على من يريد جرنا إلى ساحة الصراع وإيجاد الاقتتال الداخلي وتأجيج الأمور». وفي سياق متصل، أكد عضو مجلس البصرة الشيخ أحمد السليطي صدور توجيهات بـ «عدم التصادم مع المتظاهرين لأن دماء الناس أغلى من الأبنية ولا داعي لأن يدفع الأبرياء ثمنها». وأفاد «مركز الإعلام الأمني» في بيان بأنه «مع انطلاق التظاهرات المطالبة بالحقوق والخدمات، برزت هجمة شرسة ضد قواتنا المسلحة ومحاولة مغرضة للنيل منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال التعدي عليها». وأضاف: «على رغم أن دماء العراقيين جميعاً غالية، ومن أسفنا لكل قطرة دم سقطت، لاحظ الجميع، أن أعداد المصابين في صفوف القوات الأمنية ليست بقليلة، ما يؤشر إلى صبر هذه القوات والتزامها لأنها من هذا الشعب وجزء لا يتجزأ منه». ووصف البيان «عمليات الحرق الممنهجة للمؤسسات الحكومية وسواها بالمخربة»، لافتاً إلى أن «العالم يراقب تلك المظاهر وهذا الأسلوب، الذي بات منبوذاً من الجميع لأنه يندرج في خانة العبث بأمن الوطن والمواطن ولا يجني معتنقوه غير الخسائر ويعطي فرصة كبيرة للعناصر الطارئة أن تحرف مسار التظاهرات عن وجهتها الصحيحة». إلى ذلك، شيع مئات من أهالي بلدة الهارثة شمال البصرة جثمان المتظاهر علي يوسف الشرموخي الذي قتل في تظاهرة ليل الخميس الماضي وسط المدينة. وأعلن الاتحاد الأوروبي في بيان أمس، أن «تصاعد العنف والاحتجاجات في الجزء الجنوبي من العراق، الذي أدى في اليومين الأخيرين إلى مقتل متظاهرين وجرح آخرين، يؤكد الحاجة الملحة إلى تشكيل حكومة جديدة تمثيلية تستجيب تطلعات الشعب العراقي». ودعا قوات الأمن العراقية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والمحتجين إلى الإبقاء على سلمية الاحتجاجات. وكشفت وزارة المال العراقية أمس، صرف أكثر من 53 بليون دينار عراقي ضمن المبالغ المخصصة لمحافظة البصرة في الموازنة الاستثمارية. وأكدت الوزارة في بيان أنها «تواصل صرف المبالغ المخصصة لمحافظة البصرة ضمن الموازنة الاستثمارية لتلبية حاجة المواطن العراقي في المحافظة».
مشاركة :