قبل سنوات عديدة، عشنا في عصر التكنولوجيا البسيطة، وهنا أقصد الحواسب المكتبية العملاقة، وكانت هذه الموجة التي استمرت مدة 15 سنة تقريباً هي أقصى ما وصل إليه العالم من تطور في عالم الأجهزة والتكنولوجيا. وربما لم يكن أحد يتوقع أن يكون بمقدور هذه الأجهزة الصغيرة كل هذا القدر من الإمكانيات اللا محدودة! ومع مرور الزمن، وتطور الصناعات (التكنوحاسوبية)، بدأت الأحجام تقل شيئاً فشيئاً، فمن ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، نحن نحمل في جيوبنا ما كان يستطيع القيام به الحواسيب العملاقة آنذاك، من مراسلات، واتصالات، وغيرها. لقد انتقلنا من عصر الحواسيب إلى عصر الأجهزة الذكية التي واجهت في البداية العديد من الانتقادات والتحديات في سبيل انتشارها، لاسيما محاربة عقول (المدارس الكلاسيكية) لها. ولكن، الواقع يفرض نفسه دائماً، ولابد أننا سنعيش هذا العصر.. عصر الأجهزة الذكية، أو المحمولة، أو الصغيرة العملاقة، سموها كما شئتم، دون غض البصر عما هو قادم، فكل ما تقدم العلم، قدم لنا أشياء لا يتصورها العقل، وهناك أشياءً بدأت تصلنا بعض من ملامحها منذ سنوات قليلة.. نحن على وشك أن نعيش ما بات يعرف بعصر (إنترنت الأشياء Internet of Thing) أو ما يعرف اختصارا بـ IoT. ما إنترنت الأشياء؟ لا يوجد حتى الآن تعريف دقيق لإنترنت الأشياء، وذلك بسبب أنه لا توجد جهة تمتلك أو تتحكم بإنترنت الأشياء، فبالتأكيد لن يكون هناك تعريف رسمي له، ولكن جميع التعاريف التي وضعت تصب في مفهوم واحد، وهو: (مفهوم متطور لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الاتصال بالإنترنت أو ببعضها بعضا لإرسال واستقبال البيانات لأداء وظائف محددة من خلال الشبكة). يمكننا القول، إن إنترنت الأشياء هو العالم الذي بدأنا نعيش بعضا من جوانبه حالياً حيث إن بعض الأشياء التي نستخدمها أصبح لديها قدرة الاتصال بالإنترنت، مثلاً الساعات، التلفزيونات، أساور اليد، النظارات وغيرها. هذه الموجة الضخمة ستجعل كل شيء حولنا تقريباً متصل بالإنترنت لتحسين أدائه وحتى لتغيير طريقة تعاملنا معه بالكامل، ولكن ما هي الأرقام الحالية والمتوقعة لعالم إنترنت الأشياء وما هي الفرص المتاحة للمصنعين والمطورين في هذا المجال؟ البحرين ومدى جاهزيتها قمنا بالتواصل مع عدد من المسؤولين والخبراء في هذا المجال، ولعل أبرزهم وزير شؤون الكهرباء والماء، د. عبدالحسين بن علي ميرزا الذي أكد لنا في حديث حصري، أن جميع المؤسسات والجهات عليها أن تبدأ بالعمل والتهيؤ لدخول هذه التقنية الحديثة، مشيرا إلى أن التحول الرقمي الذي حدث في العالم، حتم علينا أن نستخدم كل شيء بطريقة رقمية والكترونية، وهذا يدل أن انترنت الأشياء سيأتي لا محالة، وأيضاً غيرها من التقنيات مثل Big Data Analysis، وتقنية الحوسبة السحابية، وجميع تلك التقنيات تساعد المؤسسات على حماية المعلومات وتوفير المصاريف، ونحن نشجع استخدام تلك التقنيات. ولكن لا نخفي أن تلك التقنيات لديها مخاطر أخرى أيضا، فمثلا الهاتف الذكي معرض للاختراق، لذا علينا أيضا الاستعداد لمواجهة تحدياتها واتخاذ إجراءات تحمي المستخدمين من تلك المخاطر. وبالنسبة للتحول التكنولوجي في القطاع المالي (فنتك) وخدمته في إنترنت الأشياء، لفت محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج، إلى حرص المصرف بأن تأخذ كل التطورات التقنية التي ستفيد الاقتصاد المحلي، مشيراً إلى التوجيهات التي يعطونها لجميع العاملين في القطاع المصرفي بعدم تخلف البحرين عن أي منتج وخدمة تفيد الوضع الاقتصادي من ناحية التكلفة والفعالية والجهوزية. وأوضح محافظ المصرف المركزي على أن مصرف البحرين المركزي جهز نفسه وعدل الكثير من المعايير الرقابية والتوجيهات من أجل استيعاب هذه التقنيات، حيث أصبح المصرف الأول على مستوى الشرق الأوسط ينشئ قسم خاص لتقنيات التكنولوجية المالية والابتكار، وتطوير الكثير من الأنظمة والبيئة الرقابية التجريبية التي مضى عليها سنة، حيث دخل فيها العديد من الشركات فاقت العشرة. وأضاف المعراج، نضع نصب أعيننا دائماً وباستمرار السعي بأن تكون آخر المتطلبات التكنولوجية والتقنيات أن تكون موجودة ومتوفرة لجميع المتعاملين مع البنوك. أرقام وحقائق بحسب Business Insider، بحلول 2020، سيكون حجم سوق إنترنت الأشياء أكبر من سوق الهواتف المحمولة و أجهزة الحاسب والأجهزة اللوحية مجتمعين بمقدار الضعفين! حيث ستصل عدد أجهزة إنترنت الأشياء إلى 35 مليار جهاز متصل بالإنترنت. ويتوقع أن تصل إيرادات سوق إنترنت الأشياء إلى أكثر من 600 مليار دولار في عام 2020. وعلاوة على ذلك، عصر البيانات الضخمة Big Data سيعيش مستويات جديدة حيث ستولد الأجهزة في عالم إنترنت الأشياء بحلول 2020 ما يزيد عن 40 ألف إكسا بايت من البيانات، ما حجم ضخامة هذا الرقم؟ 40 ألف إكسا بايت = 40 تريلليون جيجا بايت، وهي المساحة التي تكفي لتسجيل كل الكلام الذي نطق به البشر صوتياً و بجودة عالية من عصر سيدنا آدم إلى يومنا هذا! وغير ذلك، الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال إنترنت الأشياء تضاعف 10 مرات خلال الـ5 سنوات الماضية. نماذج إنترنت الأشياء ربما لم يستوعب البعض من تعريف إنترنت الأشياء ماهيته، وكيفية عمل هذه التقنية أو التكنولوجيا الرهيبة التي ستسيطر على عالمنا في السنوات المقبلة، هذه بعض النماذج التي سوف توضح معالم المستقبل لدينا - بإذن الله -: فعلى سبيل المثال، تستيقظ صباحاً وتفرش أسنانك باستخدام فرشاة الأسنان الذكية التي تخبرك كم من الوقت استخدمتها وهل قمت بتغطية جميع أنحاء فمك ونظفته بطريقة سليمة أم لا! وأيضاً، تلبس ملابسك وتستعد للخروج من المنزل ولكنك تقف للحظات أمام المرآة الذكية التي تطلعك على حال الطقس وآخر الأخبار ومعلومات عن حال الطريق، قد يمتد وقوفك لدقائق إذا قررت قراءة ملخص الأخبار أو متابعة تغريدات من تتابعهم على تويتر! حسناً، إليكم هذه.. تجلس مع عائلتك على مائدة العشاء وتتناول طبقك المفضل باستخدام الشوكة الذكية المتصلة بالإنترنت، والتي تتتبع نمط وطريقة أكلك و تساعدك على الأكل بشكل أبطأ و بطريقة صحية. وغيرها من النماذج التي قد لا يستوعبها العقل الآن، ولكن في الحقيقة أن بعضها أصبح موجوداً في يومنا هذا، فمثلاً الساعات الذكية قادرة على قراءة المؤشرات الحيوية، مثل دقات القلب، والضغط، والتواصل مع الهواتف الذكية.
مشاركة :