يعد الشمول المالي، موضوع الساعة لصناع السياسات في كل الاقتصادات النامية تقريبا، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء، فهو ييسر التوفير ويسمح بتراكم الأصول وتنوعها، ويدعم النشاط الاقتصادي في هذه العملية. ومع استمرار النمو في اقتصاداتها، على المنطقة أن تأخذ خطوة واحدة حاسمة إذا كانت تريد الإفلات من مصيدة الفقر، خاصة أن البلدان المصدرة للمواد الأولية تواجه اتجاها سلبيا في معدلات التبادل التجاري، وهو توفير مزيد من الخدمات المالية للناس والمؤسسات. غير أن حصول الفقراء على الخدمات المالية كان محدودا. فالحد الأدنى من متطلبات الأرصدة المصرفية، والرسوم العالية المرتبطة بالدفاتر "تكاليف الاحتفاظ بالحسابات الصغيرة"، والمسافة بين منازل الفقراء ومنافذ البنوك تعيق حصولهم على الخدمات المالية والائتمانية. إضافة إلى ذلك، فإن التكاليف التي لا يمكن تحملها بشأن "تكنولوجيا الضمانات "نظام الأصول الثابتة اللازمة للموافقة على القروض ترفع التكاليف أكثر من أي شيء آخر، وغالبا ما تكون المنتجات المالية المتاحة غير مناسبة للعملاء من ذوي الدخل المنخفض وغير المنتظم. كذلك تعين على البنوك أن تتحمل التكاليف الباهظة لتوفير الخدمات المالية للفقراء. يؤدي تجزؤ السوق وضعف التطور التكنولوجي والطابع غير الرسمي وضعف التنظيم إلى زيادة تكاليف ممارسة الأعمال. في كينيا، وفي إفريقيا بشكل أعم، يتم تجزؤ الأسواق بشكل كبير وفقا للدخل وقطاع السوق والموقع، ويعكس هذا التجزؤ مدى تطورها ومستوى تنميتها وطابعها الرسمي أو غير الرسمي. وشكلت التكاليف المرتفعة المرتبطة بمتابعة حسابات العملاء، والمخاطر العالية الملحوظة، والافتقار إلى معلومات شفافة، تحديات لم تستطع البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر والمؤسسات المتخصصة الأخرى التغلب عليها تقريبا. غيرت الأزمة المالية العالمية الوضع في السوق، فقد خفضت البنوك الأجنبية أنشطتها في بعض البلدان الإفريقية، في حين زودت البنوك المحلية الجديدة وجودها. وشجع النجاح النسبي لمؤسسات التمويل الأصغر في بعض البلدان - خاصة تلك التي أدخلت منصات تكنولوجية جديدة لإدارة المدخرات الصغيرة وحسابات الودائع - البنوك المحلية على توسيع شبكاتها. وفي الوقت نفسه، أضفت المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل تعاونيات الادخار والقروض، الطابع الرسمي على أنشطتها. واستجابة لذلك، بدأت الهيئات التنظيمية تطبيق نماذج بديلة ساعدت على خفض تكاليف الوساطة. على سبيل المثال، سمحت الوكالات المصرفية للبنوك بتحديد مواقع لمنافذ غير تقليدية في المناطق النائية، حيث إقامة الفروع أو المنافذ الفعلية لا تكون مجدية فيها من الناحية المالية. ويمكن لممثلي البنوك في هذه المنافذ أداء المهام المرخص بها، مثل فتح الحسابات المصرفية، وتجهيز طلبات القروض وتسلم مبالغ تسديدها، وما إلى ذلك. وكانت هذه التغيرات مدفوعة بالطلب، ومارس المشاركون في السوق ضغوطا على المنظمين لبناء قدراتهم من أجل مواكبة الابتكارات وتطوير المؤسسات لدعم نمو القطاع المالي. وأدت زيادة تبادل المعلومات عن الائتمان وتطوير المعلومات للمشاركين في السوق والتأمين على الودائع ووحدات الاستخبارات المالية، إلى وجود حلقة إيجابية. لكن تتضاءل هذه التغيرات مقارنة بالتحول الناتج من ظهور الخدمات المالية الرقمية وانخفاض تكاليفها. وفي كينيا، أسفرت التكنولوجيا القائمة على الهواتف المتنقلة M-Pesa لتقديم الخدمات المالية عن انخفاض تكاليف المعاملات بشكل كبير، وبدأت ثورة في نظام الدفع. ونظام M-Pesa منتج لتحويل الأموال إلكترونيا يتيح للمستخدمين تخزين قيمة على هواتفهم المتنقلة أو حسابهم المتنقل في شكل عملة إلكترونية. ويمكن استخدام هذه العملة لعدد من الأغراض، بما في ذلك إجراء تحويلات لمستخدمين آخرين، ودفع قيمة السلع والخدمات، وتحويل من النقد وإليه. فجأة، لم تعد الشركات تحتاج إلى إعطاء موظفيها وقتا من دون عمل لتوصيل الأموال إلى قراهم لرعاية الأقارب أو المزارع الصغيرة.
مشاركة :