طهران- قصفت طائرات حربية روسية وسورية بلدات في محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة السبت بعد يوم من إخفاق قمة جمعت رؤساء تركيا وإيران وروسيا في الاتفاق على وقف لإطلاق النار من شأنه الحيلولة دون شن هجوم تدعمه موسكو. وقال شهود وعمال إغاثة إن 12 ضربة جوية على الأقل أصابت سلسلة من القرى والبلدات في جنوب إدلب وبلدة اللطامنة في شمال حماة، وهي بلدة لا تزال تحت سيطرة المعارضة. وقال اثنان من سكان المنطقة الواقعة في جنوب إدلب إن طائرات هليكوبتر سورية أسقطت براميل متفجرة على منازل مدنيين على مشارف مدينة خان شيخون. وفشل رؤساء إيران وتركيا وروسيا الجمعة في تجاوز خلافاتهم لكنهم اتفقوا على مواصلة "التعاون" من أجل التوصل إلى حل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح في هذه المحافظة بشمال غرب سوريا وحيث يحشد نظام بشار الأسد قواته استعدادا لهجوم يبدو وشيكا. وشنّت طائرات روسية الجمعة غارات على مقار تابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وأخرى لحركة أحرار الشام الإسلامية في محافظة إدلب، موقعة خمسة قتلى على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبدأ مئات المدنيين الخميس الفرار من مناطق في إدلب خوفا من هجوم وشيك. وتتركز عمليات النزوح خصوصا من الريف الجنوبي الشرقي الذي يستهدف منذ أيام بقصف جوي سوري وروسي والذي يتوقع أن يشهد المعارك الأولى في حال بدأ الهجوم. وتمت الغارات بينما كانت القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والايراني حسن روحاني والتركي رجب طيب اردوغان منعقدة وقبل ساعات على اجتماع لمجلس الأمن الدولي بدعوة من واشنطن حول الوضع في إدلب. اقرأ أيضا: سقوط رهانات أردوغان على روسيا وإيران وشهدت القمة سجالا بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي. فقد طالب اردوغان بـ"وقف لإطلاق النار" محذرا من "حمام دم" في حال شنّ هجوم على المحافظة الواقعة على حدوده. إلا أن بوتين رفض الاقتراح مشددا على "عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة" مخولين التفاوض حول الهدنة، في موقف أيده روحاني. بشكل عام، ظلّ الرؤساء الثلاثة متمسكين بمواقفهم فقد شددت طهران وموسكو على ضرورة محاربة "الإرهاب" وحق دمشق في استعادة السيطرة على كامل أراضيها بينما حذرت تركيا التي تدعم مقاتلين وتستقبل لاجئين من "مجزرة". وصرح روحاني عند استقباله نظيريه أن "محاربة الإرهاب في إدلب جزء لا بدّ منه في المهمة المتمثلة بإعادة السلام والاستقرار الى سوريا"، مضيفا "إلا أن هذا يجب ألا يكون مؤلما للمدنيين وألا يؤدي الى سياسة الأرض المحروقة". واعتبر بوتين من جهته أن "الحكومة السورية الشرعية لها الحقّ في استعادة السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وعليها القيام بذلك". ودعت ثماني منظمات دولية غير حكومية ناشطة في سوريا "القادة الدوليين" المجتمعين في طهران وفي نيويورك إلى "العمل معا لتفادي" وقوع "أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع السوري قبل سبع سنوات"، والذي أدى الى مقتل أكثر من 350 ألف شخص وملايين النازحين. وترعى روسيا وإيران وتركيا محادثات أستانا للسلام التي أطلقت بعد التدخل الروسي العسكري في النزاع في العام 2015 ما شكل نقطة تحوّل في النزاع لصالح نظام بشار الأسد. وطغت تلك المحادثات على مفاوضات جنيف التي كانت تقودها الأمم المتحدة. قبل القمة، أشارت بعض وسائل الاعلام الى إمكان التوصل إلى اتفاق حول إدلب لكن البيان الختامي اكتفى بالقول إن الرؤساء الثلاثة اتفقوا على معالجة الوضع في إدلب "بروح من التعاون الذي طبع محادثات أستانا". وصرح بوتين في أعقاب القمة "لقد تباحثنا في الاجراءات العملية لفرض الاستقرار على مراحل في منطقة خفض التوتر في إدلب، تشمل خصوصا إمكان أن يوقع الراغبون في الحوار اتفاقا"، في إشارة الى المقاتلين الراغبين في تسليم سلاحهم. بوتين وروحاني للحسم في إدلب بوتين وروحاني للحسم في إدلب وفي الوقت الذي دعا فيه اردوغان وروحاني الى ضرورة حماية المدنيين، طالب مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا أمام مجلس الامن المنعقد في نيويورك الجمعة بإجراءات ملموسة. وقال دي ميستورا عبر الفيديو "يجب منح الناس ممرًا آمنًا إلى الأماكن التي يختارونها إذا أرادوا المغادرة"، مضيفا "يجب أن نسمح بفتح عدد كاف من ممرات الإجلاء الطوعي المحمية للمدنيين في كل اتجاه: الشرق والشمال والجنوب". ومن المقرر أن يجري دي ميستورا محادثات مع ممثلين عن تركيا وروسيا وايران الأسبوع المقبل في جنيف حول الأزمة في إدلب. وترسل قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات متواصلة الى محيط إدلب، تزامناً مع تصعيد قصفها المدفعي في الأيام الأخيرة على مناطق في الريف الجنوبي الشرقي بمشاركة طائرات روسية. تقول الأمم المتحدة إن نصف سكان المحافظة تقريبا وبعض جيوب المقاتلين في محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة من النازحين.
مشاركة :