رحم الله الزميل الأستاذ عبدالعزيز بن صالح أبوحيمد

  • 9/9/2018
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

كم من جميع أشتَ الدهر شملهم وكل شمل جميع سوف ينتثرُ جادت الموت آهلة بقوافل الراحلين ليلاً ونهارا، فكم فرق شعوبُ بين متحابين ومتآلفين، على مر الدهور والأعصر، وهذه سنة الله في خلقه حياة ثم ممات الى يوم البعث والنشور، فالسعيد كل السعادة من يرحل بزاد من التقى عند وضع الموازين القصد، وللعبور على متن الصراط المستقيم الى دار النعيم المقيم، راجين المولى أن يكون الزميل الفاضل عبدالعزيز بن صالح أبوحيمد في زمرة المقبولين والمغفور لهم، الذي لاقى وجه ربه بنفس راضية قُبيل صلاة يوم الجمعة 28 /11 /1439هـ وأديت صلاة الميت عليه بعد صلاة عصر يوم السبت 1439/11/29هـ بجامع الجوهرة البابطين، ثم ووري جثمانه الطاهر بمقبرة شمال الرياض – تغمده الله بواسع رحمته – وقد حضر الكثير من المشيعين والمعزين لأبنائه من زملاء وجيران ومحبيه..، وكان الحزن ولوعات الفراق بادياً على محيا كل واحد من أبنائه وأقاربه، وأصدقائه.. داعين له بالرحمة وطيب الإقامة في جدثه الى أن يأذن الله بنهوض جميع الخلائق من مراقدهم،ولله قول لبيد بن ربيعة العامري: فراق أخ كان الحبيب ففاتني وولى به ريب المنون فأسرعا وكانت ولادته في مدينة الرياض في آوائل الخمسينيات الهجرية، وعاش كأمثاله من الأطفال والصَبية بين أهله وأقرانه في أجواء لهو ومرح، وعند بلوغه السن النظامي التحق بالمرحلة الابتدائية حتى نال الشهادة بها بتميز عام 1369هـ، وحينما علم بوجود مدرسة دار التوحيد بالطائف التي أسسها جلالة الملك عبدالعزيز عام 1364هـ - طيب الله ثراه –صمم وعقد العزم على السفر صوب المدرسة بالطائف للالتحاق بها عام 1370هـ هو وعدد من زملائه.. أمثال الشباب – آنذاك – الطالب راشد بن عبدالله المبارك، وشقيقه مبارك، وصالح بن سليمان الحميدي، وسعد بن عبدالعزيز الصفيان وغير أولئك..، رحم الله من مات منهم.. وهما: راشد المبارك وسعد الصفيان – تغمدهما الله بواسع رحمته، وأسعد الباقين منهم – وكانت المدرسة محل عناية جلالة الملك عبدالعزيز واهتمامه بها طمعاً بأن يتخرج منها علماء وأئمة مساجد ومعلمين أكْفاء، حيث جلب لها نخبة من علماء الأزهر المشهورين في تلك الحقب الزمنية..، وعندما تم افتتاح المعهد العلمي بالرياض 1371هـ عادوا لمواصلة الدراسة بالمرحلة الثانوية، وبعدما نالوا الشهادة به عام 1373هـ، واصل الدراسة بكلية الشريعة حتى حصل على الشهادة العالية عام 1377هـ هو ومن معه من الزملاء أمثال فضيله الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله - فهم يمثلون الدفعة الثانية من كلية الشريعة، أما فوجنا فهو بالدفعة الثانية بكلية اللغة العربية عام 1378هـ، وقد سعد هو وزملاؤه بتكريمهم في حفل بهيج أقامه الرئيس العام لكليتي الشريعة واللغة العربية سماحة الشيخ المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وأخوه فضيلة الشيخ عبداللطيف برعاية جلالة الملك سعود – رحمهم الله جميعا – فاستلموا الجوائز من يد جلالته، وهي عبارة عن ساعات يدوية ثمينة تحمل شِعار المملكة العربية السعودية، أحتفظ كل واحد منهم بهديته تذكاراً خالداً لذالك الحفل المميز الذي يدل على عناية ولاة أمر هذه البلاد بطلاب العلم وتشجيعهم، والفرح بتفوقهم حيثَ شدَّ على أيديهم قائلاً: أنتم رجال الغد..، وهذا التشجيع لطلاب العلم لايستغرب من ملوكنا وأمرائنا بدءاً من الملك عبدالعزيز ــ طيب الله ثراه ــ باهتمامه بطلاب العلم منذ تربعه على عرش مملكته، وتخصيص مكآفأت لكل طالب مع إيجاد عدد من البيوت والأروقة لسكن المغتربين عن أهليهم في أماكن عدة: هم الملوك وأبناء الملوك لهم فضل على الناس في اللأواء والنَّعَم ثم عين الأستاذ عبدالعزيز أبوحيمد مُعلماً بمدينة عنيزة فترة زمنية وكان مدير المعهد – آنذاك – الأستاذ محمد بن إبراهيم بن عبدالسلام – رحمه الله -..، وبعد ذلك عين مديراً عاماً لامتحانات الشهادة الابتدائية بالمملكة العربية السعودية عام 1381هـ، ثم حضر دورات تدريبية وثقافية بلبنان مكللة بالنجاح والتفوق، ثم ابتعث معلماً لدولة الجزائر مع كوكبة من المعلمين منهم الزميل عبدالله الحمد الحقيل والأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله العقيلي – متعهما الله بالصحة والعافية -،والأساتذة: عبدالعزيز الرويس وعبدالرحمن بن سليمان الرويشد، ومحمد بن ابراهيم بن عبدالسلام – رحمهم الله -، عام 1383هـ، ثم عاد منها عام 1390هـ وبعد عودته كُلف موجهاُ تربوياً يقوم بجولات على كثير من المدارس لما يتحلى به من حِنكة ودراية بمهام عمله، وحسن تعامل بلطف وأدب جم رفيع، مما جعل النفوس تميل إليه حباً واحتراما، وبعد عودته التحق بالتفتيش الإداري بوزارة المعارف حتى وصل مدير عام المتابعة ثم تقاعد بالمرتبة الثالثة عشر بمسمى « مدير عام التعليم بالمدينة المنورة «. فحياة أبو أحمد – يرحمه الله – كلها كفاح ونشاط مستمر، وكان محبوباً لدى زملائه ومعارفه وجيرانه لمايتحلى به من دماثة خلق وطيب معشر، ولي معه ذكريات جميلة باقية بين جوانحي لايمحوها ماح مدى عمري، متمنياً عودتها ولكن هيهات رجوعها: وليست عشيات الحمى برواجع عليك ولكن خَلّي عينيك تدمعا وقد خلف ذرية صالحة بنين وبنات تجدد ذكره وتدعو له، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم ذويه وأبناءه وبناته وعقيلته أم صلاح، ومحبيه الصبر والسلوان.

مشاركة :