التاجران النصار والعوضي مثالان للثقة وحسن الظن

  • 9/9/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ضرب أهل الكويت الكرام أمثلة رائعة في التعامل بثقة وبنية حسنة في ما بينهم، كما حرصوا على حسن الظن وتقديمه دائماً على سوء الظن في ما يتم بينهم من معاملات مادية وتجارية، وهذا ما سوف نستعرضه في ذكر هذه القصة الواقعية، وقد حدثت بين التاجر عيد النصار والتاجر الحاج عبدالله هادي العوضي رحمهما الله رحمة واسعة. يقول التاجر عبدالله عيد النصار: «كان الوالد رحمه الله يسافر إلى الهند في رحلات تجارية مثله مثل العديد من أهل الكويت في كويت الماضي، وكان الوالد موضع ثقة بين أقرانه من تجار الكويت رحمهم الله جميعاً، ومن شدة ثقتهم به كانوا يطلبون منه شراء الذهب لهم، وكان الوالد رحمه الله يقوم بإخفاء أكياس الذهب التي يشتريها لتجار الكويت داخل البضائع القادمة معه من الهند، وذلك يعود إلى أن الحكومة الهندية قد منعت إخراج الذهب خارج أراضيها، وفي أحد الرحلات طلب منه اثنا عشر تاجراً أن يشتري لهم ذهباً ويحضره معه في هذه الرحلة، فوافق وتحمل مسؤولية شراء الذهب لهم، وبالفعل قام الوالد بشراء الذهب المطلوب، وكتب اسم كل تاجر على الكيس الخاص به، ووضع الأكياس جميعاً في مكان آمن مع أكياس البضائع، وعندما عاد من رحلته أخذ الأكياس وبدأ في توزيعها على أصحابها، وقام بالفعل بتوزيع أحد عشر كيساً على أصحابها، ولكنه فوجئ بضياع الكيس الثاني عشر، وكان صاحبه التاجر عبدالله هادي العوضي رحمه الله فأُحرج الوالد إحراجاً شديداً أمام ذلك الموقف غير المقصود، وذهب مسرعاً إليه وأخبره بأنه قام بشراء الذهب المطلوب بالفعل، وأنه وضعه مع غيره من أكياس الذهب في وسط البضائع، ولكنه فوجئ بعدم وجوده عند الانتهاء من توزيع جميع الأكياس الأخرى، وطلب منه أن يقبل اعتذاره لضياع كيس الذهب الخاص به، وأصر الوالد أن يرد إليه المبلغ الذي دفعه له لشراء الذهب، وكان تقريباً ألفي روبية وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، ولكن التاجر عبدالله العوضي بروح من التسامح وحسن الظن رفض أن يسترد المبلغ منه مرة أخرى، وقال: «أنا أتحمل المسؤولية كاملة، فأنا من كلفتك بشراء الذهب، وأنا متأكد أنك سوف تجده عاجلاً أو آجلاً بإذن الله لأن فلوسي حلال والمال الحلال ما يضيع أبداً»، وأمام إصرار التاجر عبدالله العوضي بعدم تحمل الوالد رد المبلغ من ماله الخاص، عاد الوالد إلى دكانه في السوق حزيناً، وكلما سأله أحد من أصدقائه عن سبب حزنه كان يحكي لهم قصة ضياع كيس الذهب الخاص بالتاجر عبدالله العوضي الذي رفض إعادة المال له عوضاً عن ضياع كيس الذهب الخاص به، في موقف من الشهامة والنبل وحسن الظن قلما نجده الآن في وقتنا المعاصر. وفي بداية الموسم التالي، وعند الاستعداد لتجهيز السفن وإعدادها للسفر، أرسل النوخذة الذي ركب معه الوالد عماله لتنظيف السفينة وتجهيزها، وفي تلك الأثناء وجد أحد هؤلاء العمال كيساً به ذهب في الخن (المكان المخصص للتخزين في جوف السفينة)، فذهب مسرعاً به إلى النوخذة الذي أخذه وسلمه إلى الوالد، وعلى الفور أخذ الوالد كيس الذهب وذهب إلى التاجر العوضي الذي قابل الوالد بابتسامة كبيرة مؤكداً أنه كان على ثقة من عودة ماله إليه لأن ماله حلال. وهكذا ضرب لنا التاجر عيد النصار رحمه الله نموذجاً رائعاً في الأمانة والتمتع بالثقة بين أقرانه، وقابله التاجر عبدالله العوضي بالسماحة وحسن الظن. د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي ajkharafi@yahoo.com www.ajkharafi.com

مشاركة :