نتطرق في هذا المقال إلى التاجر والنوخذة محمد الناصر الأحمد الحمدان، ذلك الرجل الذي كان محباً لفعل الخير ومساعدة أهل بلده والإحسان إليهم والتفريج عمن لا يملك المال، كان يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله عز وجل وطمعاً في نيل ثوابه عز وجل، لذلك أحبه الناس على صنيعه وكانوا ينشدون فيه الشعر لكرمه وحسن خلقه وتسامحه مع الناس. يروي نجله أ. د. جاسم الحمدان قائلاً: «كانت بداية عمل والدي في النقل البري (نقل الركاب)، حيث قام بشراء أول سيارة لوري في منطقة الفنطاس عام 1946، ولم يكن يتقاضى أجرة من الركاب الذين ليس معهم نقود، حيث كان يتسامح معهم ويقول لبعضهم (من عسرك إلى يسرك)، ومن تقدير أحد الركاب الذين من الله عليهم لاحقاً أن أحضر له خروفين عرفانا وتقديرا لمعروفه عندما كان لا يستطيع أن يدفع أجرة الركوب وكان ذلك في حقبة الخمسينات». ويضيف ابنه د. جاسم قائلاً: «كما أن العمال ومسؤوليهم الإنكليز عندما كانوا يرجعون من إجازاتهم التي كانت في الديرة، فلا يرجعون إلى الأحمدي إلا مع الحمدان حتى لو ما كان دوره في طابور الانتظار (السرى) للتحرك من الكويت، وذات مرة أتى المسؤول الإنكليزي للعودة إلى الأحمدي وأخذ بعض السائقين الجهلاء يرمونه بكلام غير مناسب وأوصاف غير مقبولة باعتباره أجنبيا لا يفهم لغتهم، فنهرهم والدي وقال لهم إن كلامكم هذا عيب لأن المسؤول الإنكليزي لا يفهم لغتكم، فأراد هذا المسؤول أن يركب مع أبي في سيارته، وقال أصحاب السيارات ان الدور ليس له، ولكن الإنكليزي أصر على أن يركب مع والدي وأخرجه من الدور، وفي الطريق تفاجأ والدي بأن الإنكليزي يعرف العربية واللهجة الكويتية، وقال للوالد: (أنت رجال زين، وما تتكلم كلام خربوطي، وما راح نركب إلا معك). وعند وصولهما إلى الأحمدي أراد الإنكليزي زيادة الأجرة له من باب الإكرام له، ولكن الوالد رفض ولم يأخذ إلا ما تم الاتفاق عليه، وهذا إن دل فإنما يدل على أن حسن الخلق يجلب الرزق». وقد بلغنا موقف آخر أنه في عام 1957 أنشأ والدي مخبزا وقام بتأجيره، وفي بداية عمل المخبز كانت العادة أن كثيرا من «البيوت» يصنعون خبزهم في بيوتهم، لذلك كان مدخول المخبز ضعيفا، لأن الإقبال على الشراء كان ضعيفاً، لهذا السبب كان والدي رحمه الله يتسامح مع مستأجر المخبز في تقاضي الإيجار الشهري، وظل يرفض تقاضي الإيجار حتى تحسن دخل مستأجر المخبز. وحينما عمل في مجال النقل البحري، وكان نوخذة ويمتلك سفينة، ينقل بها البحارة الذين يمتهنون مهنة الغوص، فكان رحمه الله يتسامح معهم حينما لا يتمكنون من دفع الديون التي عليهم له.. بعد ذلك قام بإنشاء كراج لغسل السيارات في منطقة الفحيحيل في عام 1962 ولا يزال هذا الكراج موجودا إلى الآن، وقام بتأجيره، وكان رحمه الله شديد التسامح مع المستأجرين للكراج، لذلك كان لا يتقاضى منهم الإيجار خلال فترة شهر رمضان، تقديراً للشهر الكريم وحباً في عمل الخير. ثم أنشأ مؤسسة لتعليم قيادة السيارات، وكان يعفي الكثير من المتدربين الذين لا يستطيعون دفع الأجرة، وكان رحمه الله يسمح بتعليم من يعرفهم بالمجان، أما المدربون فكان يترك لهم دخل تدريب يوم الجمعة لهم، وقد أعطاهم ذلك حافزا للتفاني في العمل بقية أيام الأسبوع. ويتضح مما سبق أن التاجر والنوخذة محمد الناصر الحمدان كان مثالا لحسن الخلق والكرم والتسامح مع الناس، لذلك أكرمه الله وفتح عليه من أوسع أبواب الخير.. رحم الله التاجر محمد الحمدان. د. عبدالمحسن الجارالله الخرافيajkharafi@yahoo.com www.ajkharafi.com
مشاركة :