هل تنتقل عدوى الأسواق الناشئة إلى «وول ستريت»؟

  • 9/10/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت الأسهم الصينية إلى نطاق السوق الهابط، وانهارت العملة التركية، وتعثر الاقتصاد الجنوب أفريقي، وحتى خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي البالغة قيمتها 50 مليار دولار لا تبدو كافية لوضع نهاية للتدهور في الأرجنتين، مما يجعل المشهد العام للأسواق الناشئة أكثر تشاؤماً، بحسب تقرير لـ«سي إن إن موني». تشكلت أصول العاصفة التي تهز الأسواق الناشئة الآن في واشنطن، فتراجع قيم عملات هذه البلدان جاء مدفوعاً في المقام الأول برفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة وتشديد سياساته، فيما كان تبني الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحمائية التجارية بمنزلة سكب البنزين على النار. ما يشغل الأسواق الآن هو احتمال انتشار العدوى إلى مزيد من المناطق أو حتى «وول ستريت»، تماماً كما حدث قبل عقدين من الزمان أثناء الأزمة المالية الآسيوية، وقد ظهرت بعض المقدمات لذلك، حيث انخفضت الأسهم الأندونيسية 4 في المئة دفعة واحدة خلال جلسة الخامس من سبتمبر، وهبطت الروبية الهندية إلى أدنى مستوياتها، ومُني الريال البرازيلي بخسائر حادة. ومع ذلك، لا توجد إشارة تذكر – حتى الآن – حول احتمال انتقال العدوى إلى «وول ستريت»، خصوصاً في ظل المقومات الاقتصادية القوية للولايات المتحدة، ومع تداول الأسهم الأميركية قرب مستويات قياسية، وانخفاض مؤشر الخوف «فيكس» إلى 14 نقطة، بعدما بلغ ثلاثة أمثال هذا المستوى خلال فبراير الماضي. رسائل متضاربة تراجع صندوق الاستثمار المتداول «آي-شيرز إم إس سي آي» للأسواق الناشئة بنسبة 11 في المئة هذا العام، ويتداول الآن قرب أدنى مستوياته في 14 شهراً، فيما هبط مؤشر الأسهم الصينية «شنغهاي» المركب بنسبة 18 في المئة، وانخفضت الليرة التركية بمقدار النصف تقريباً مقابل الدولار، ورفعت الأرجنتين أسعار الفائدة إلى 60 في المئة، وأظهرت المعادن الصناعية أيضاً بعض الضعف، وفقد النحاس الذي يعد مقياساً عن القوة الاقتصادية خُمس قيمته منذ أوائل يونيو. تعليقاً على هذه الاضطرابات، قال كبير محللي الاستثمار لدى «بلاك روك» ريتشارد تورنيل «إن الأسواق المالية تبعث برسائل متضاربة، وبدلاً من القلق بشأن الأوضاع الاقتصادية في تركيا، يركز المستثمرون على تحقيق أرباح قوية من الشركات الأميركية». وارتفعت أرباح الربع الثاني للشركات المدرجة بمؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 25 في المئة، وهي أعلى وتيرة منذ عام 2010، وفقًا لـ«فاكتست»، ولم يكن هذا النمو وليد التخفيضات الضريبية فقط، وإنما جاء مدفوعاً بزيادة المبيعات بأسرع وتيرة خلال سبع سنوات، وهو ما يأتي متزامناً مع تسجيل الاقتصاد الأميركي نمواً نسبته %4.2 خلال الربع الثاني. الحرب التجارية لا تساعد كانت مشكلة الأسواق الناشئة مدفوعة بمجموعة من العوامل، بما في ذلك الاضطرابات السياسية المحلية، ولكن واحدة من القوى الرئيسية هي تحركات الاحتياطي الفدرالي، حيث شجّع ارتفاع أسعار الفائدة وخفض الميزانية العمومية للبنك المركزي الأميركي تدفق الأموال إلى الولايات المتحدة من الاقتصادات الأخرى. تسبب ذلك في رفع سعر الدولار أمام عملات بلدان مثل تركيا التي تحتاج إلى العملة الأميركية لسداد ديونها، في ما يبدو أنها حلقة مفرغة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تعميق الأزمات المتعلّقة بالعملة. والحرب التجارية التي أشعلها ترامب تزيد الأمور تعقيداً، وقد أدت الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية إلى تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولم تشكّل ضغطاً على بكين فحسب، بل طالت البلدان المجاورة التي تعتمد عليها، كما عمّقت التعريفات على المنتجات التركية من مشاكل الليرة. والخطر هو أن سياسات ترامب قد تتسبب في أزمة واسعة النطاق في الأسواق الناشئة، خصوصاً أن أحدث بيانات حول حركة التجارة أشارت إلى ارتفاع العجز التجاري للولايات المتحدة بأكبر وتيرة منذ عام 2015، وهو ما قد يدفع ترامب نحو مزيد من الإجراءات الحمائية. هل يقوم الفدرالي بعملية إنقاذ؟ يعول البعض على تدخل الفدرالي، ومن الناحية النظرية يمكن للبنك المركزي الأميركي إبطاء وتيرة رفع الفائدة لتهدئة الأسواق الناشئة، إذ يرى محللون أنه لا يرغب في التسبب في أزمة بهذه الأسواق. تطلب الأمر تدخلاً من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لوقف الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات، حتى أن الاحتياطي الفدرالي أعد خطة لإنقاذ صندوق التحوط الأميركي «لونغ تيرم كابيتال مانجمنت». على أي حال يبدو أن «وول ستريت» بمنأى عن العدوى هذه المرة، ويقول كبير محللي الاستثمار لدى «ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز» مايكل أرون «إنه لا ينبغي القلق حيال تكرار هذه الحادثة، ويرى أن مخاوف انتشار العدوى مبالغ فيها»، وأنه على المستثمرين الدخول إلى الأسواق الناشئة مقابل أسعار رخيصة، مع انخفاض المعنويات فيها. (أرقام)

مشاركة :