رغم أن كتلتي «سائرون» و«الفتح» لم تعلنا انسلاخهما من تحالفيهما: «الإصلاح والإعمار» الذي تنتمي إليه الأولى، و«البناء» الذي تنتمي إليه الثانية، لتكوين كتلة جديدة تسبق جلسة البرلمان العراقي السبت المقبل، فإن التقارب الواضح بينهما أربك توازنات «الكتلة الأكبر» التي تشكل الكابينة الحكومية المقبلة. وطبقاً لسياسي عراقي مطلع على أجواء التفاهمات السياسية، فإن الاتصالات بين «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، أخذت مدى بعيداً خلال الأيام الأخيرة. ويقول السياسي العراقي، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «جسور العلاقة لم تنقطع بين العامري وزعيم التيار الصدر، بمؤازرة واضحة من زعيم (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي الذي بات يملك 15 مقعداً في البرلمان العراقي، وذلك لجهة أن تشترك (سائرون) في الحكومة المقبلة، من منطلق أن اشتراكها في حكومة يمثل جناحها الآخر (بدر) و(العصائب) يمثل ضمانة لهدوء الشارع؛ في ظل أن كل هذه الأطراف لديها شارع وسلاح».ويضيف السياسي العراقي أن «الصدر كان قد مضى بعيداً في تحالفاته منذ البداية، بعيداً عن الاثنين، خصوصاً لجهة تقاربه مع (حيدر)العبادي زعيم تحالف النصر، و(عمار) الحكيم زعيم تيار الحكمة، و(إياد) علاوي زعيم ائتلاف الوطنية، بالإضافة إلى زعيم ائتلاف القرار أسامة النجيفي، لا سيما أن قائمة الصدر تتصدر النتائج، بوصفها الفائزة الأولى، وهو ما يعني أنه لا يريد أن يكون ملحقاً لأحد، بل يريد من الآخرين الانضمام إليه».ورداً على سؤال بشأن أسباب التقارب السريع بين الطرفين، يقول السياسي العراقي إن «العقدة كانت بالنسبة للصدر هي نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون المتحالف مع (الفتح)، بينما يمثل العبادي عقدة بالنسبة لجماعة (الفتح) لأنه لم يعد مرغوباً به من الجانب الإيراني، مع أنه حتى وقت قريب كان مرحباً به في الانضمام إلى ذلك المحور، شريطة أن يكون مرشحاً بين المرشحين، لا المرشح الوحيد مثلما يريد هو».ويتابع السياسي العراقي قائلاً إن «ما صدر عن مرجعية النجف أخيراً شكّل نقلة نوعية في العلاقات بين الطرفين، أو بالأصح تم استثمار أجوائها، لأن المرجعية دعت إلى المجيء بوجوه جديدة، وهو ما جعل ذلك يعجل بتطوير العلاقة بين (الفتح) و(سائرون)، مما بات يثير مخاوف داخل ائتلاف (دولة القانون)، لجهة انسلاخ (الفتح) عنه، وتكوينه كتلة مع (سائرون)، وكذلك مخاوف لدى (النصر) و(الحكمة)، وذلك لجهة انسلاخ (سائرون) عنهما، مما يعني نهاية كتلتي (الإصلاح) و(الإعمار والبناء)». وبشأن ما إذا كانت حظوظ العبادي قد تراجعت، يقول السياسي العراقي إن «هناك بلا شك متغيرات قد لا تصب في صالح العبادي، لا سيما أنه تم تصويره وكأنه خيار الولايات المتحدة الوحيد، بينما إيران لم تطرح مرشحاً محدداً لكي تدعمه، بل تسعى إلى تكوين كتلة ترضى عنها وهي ترشح من تشاء، ولذلك تبدو مناوراتها أكبر، لكن هذا لا يعني أن العبادي قد خرج من التنافس».وفي هذا السياق، يقول خالد الأسدي، القيادي في ائتلاف «دولة القانون» إن «السفير الأميركي في بغداد والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي له دور سيئ في تشنيج الأجواء السياسية، وخلق نوع من الاستقطابات السياسية والاصطفافات الطائفية، وهذا ما تسبب في خلق أجواء التأزم السياسي».ويضيف الأسدي: «لا نستبعد أن يكون ما حدث في البصرة هو جزء من عملية لي أذرع القوى السياسية الرافضة للتدخلات الأميركية، ونوع من العقوبة بحق القوى التي رفضت المشروع الأميركي»، مبيناً أن «الخطوة التي اتخذها العبادي تجاه فالح الفياض كانت غير صحيحة، وغير مدروسة، واعتبرت جزءاً من عملية تصفية حسابات»، وأوضح أن «ما ندركه ونؤمن به في تحالف (البناء) أن وجود (سائرون) والقوى الوطنية السياسية الأخرى معنا كشريك أساسي في الحكومة المقبلة أمر ضروري».من جهته، فإن النائب في البرلمان العراقي عن تحالف «الفتح»، نعيم العبودي، يقول لـ«الشرق الأوسط» بشأن التقارب بين «سائرون» و«الفتح»، وما إذا كان سوف يفضي إلى تحالف، إنه «حتى هذه اللحظة، فإن التقارب والتفاهم بين (الفتح) و(سائرون) ليس تحالف، وإنما هو تفاهم وتقارب حول شخص رئيس الوزراء، وكذلك دعم من سيكون رئيساً للبرلمان، وكذلك رئاسة الجمهورية، وبالتالي هو ليس تحالف».وأضاف العبودي أنه بعد «التقارب والتفاهم بين (سائرون) و(الفتح)، لم يعد هناك ضير في من سيكون هو الكتلة الأكثر عدداً، وسوف ننتظر أيضاً قرار المحكمة الاتحادية»، مشيراً إلى أن «المساعي بين (الفتح) و(سائرون) الآن هي التنسيق والتفاهم، والاتفاق على شخص رئيس الوزراء، بصرف النظر عمن ستكون هي الكتلة الأكثر عدداً».
مشاركة :