تربط الحضارة المصرية بالحضارة الهندية ثمة علاقات وطيدة في مجمل المجالات التي شهدت تطورا ملحوظا على مر العصور، يتشابه الجدار التاريخي المصري الهندي من حيث العمق الحجري و الطوبي، معتقدات و ثقافات متأصلة الجذور بينهما. التاريخ وحده يذكرنا بمواقف الهند تجاه النضال المصري ضد العدوان على أرضها، فلم يتخلى الرئيس الراحل ” نهرو ” عن مساندة مصر و دعم مواقفها السياسية و الدولية و قد هدد بانسحاب بلاده من ” الكومنولث ” إذ لم يتراجع العدوان الثلاثي على مصر. حتى أن شعبي البلدين تجمعهما ثقافة التحرر المتجانسة، التي تربعت على عرش ثورة 1919م، و كان الزعيم غاندي دائم التواصل بالزعيم سعد زغلول، على متن مبادئ تحررية مشتركة، كما رحبت الهند بمبادرة السلام الخاصة بالزعيم الراحل السادات عام 1977م، مدافعة عن زيارته للقدس و اتفاقية السلام التي عقدها لحقن دماء الشعب المصري. و قد منحت الهند جائزة جواهر لال نهرو 1995م، للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عند زيارته لها، و على مائدة إفطار رمضاني زارت الهند القاهرة ، فالبلدين تربطهما علاقات وثيقة في مختلف المجالات التي و تتطور هذه العلاقات بشكل مستمر. وتعد مصر و الهند على شراكة كبيرة في الفهم السياسي المتقارب الناتج عن التاريخ الطويل من التعاون في مجمل القضايا السياسية والدولية و أيضا الإقليمية، فالعلاقات بيننا ليست وليدة اللحظة فعلى قرابة مائة عام يمتد العمق بين البلدين، فيضرب بجذوره أعماق التاريخ الإنساني. و تعتبر الهند ثالث أكبر شريك تجاري لمصر، فأكثر من مليارين و نصف المليار دولار تستثمرهم الهند في بلادنا التي ترتكز في قطاعات الغزل و النسيج و تخزين البضائع حيث يعد المجال الاقتصادي بوصلة أمان لكل البلاد التي تسعى لتعزيز وضعها ووجودها على سطح الكرة الأرضية، و قد جرت العديد من الاتفاقيات بين البلدين التي توثق هذه الصلة و تعزز التبادل التجاري بالبلدين . و بالرغم من حجم و قوة العلاقات المصرية الهندية القائمة على مر الزمان إلا أن هناك احتياج لتعزيز العلاقات في مجال التعاون الأثري المصري الهندي . قال الدكتور مجدي شاكر، الباحث الاثري ، لنبض العرب ، أن هناك تراجع ملحوظ في حجم التعاون الأثري بين مصر و الهند و يضيف : ” أنا عمري ما سمعت عن بعثة هندية بتشتغل في مصر ” . و أكد شاكر على تشابه الحضاري و السياسي بين مصر و الهند لافتا إلى التقصير في دعم التعاون الأثري بين البلدين، موضحا أن عدم أهتمام الهند بهذا المجال إضافة إلى قصر الإمكانيات المادية أسباب واضحة تعرقل هذا الاندماج في هذا المجال، لافتا أن البلدين لم يشهدا أي تعاون آثري حتى من منطلق المجال الثقافي. و شدد الباحث الاثري على ضرورة توطيد العلاقات في مجال الحفريات لاسيما أن حضارة الهند حجرية مثل الحضارة المصرية إلى جانب مجال الترميمات الأثرية، و تابع : ” الفكر و المعتقد الثقافي بين الحضارتين متقارب و تنمية العلاقات في هذا المجال تبدأ من مصر. و أشاد شاكر بزيارة السفير الهندي لمصر التي جرت خلال الأيام الماضية قائلا : ” دي بداية مبشرة للتعاون الأثري على وجه التحديد ” مؤكداً أن دعم هذا المجال سيعزز بإطلاق المعارض الأثرية في الهند، مرحبا بانبهار الأفواج السياحية الهندية التي بدأت تأتي في زيارات لمصر على مدار الخمس الأعوام الأخيرة .