توقع صيادون سعوديون أن يتسبب تطبيق مشروع «صياد»، الذي ستطلقه وزارة البيئة والمياه والزراعة ابتداءً من الأحد 20 محرم الجاري، (30 أيلول/ سبتمبر الجاري)، في «أزمة» لقطاع الصيد السمكي، ويحول دون وفاءهم بالتزاماتهم مع صندوق التنمية الزراعي، مشيرين إلى أنه يهدد مهنتهم بالزوال. ويبلغ عدد قوارب الصيد في المملكة حوالى 15 ألف قارب، ويعمل بها أكثر من 30 ألف فرد، نسبة الصيادين وعمال الصيد السعوديين منهم 41 في المئة فقط. وقالت وزارة البيئة إن مشروع «صياد» الذي ينفذ بالتعاون مع جهات حكومية عدة، يستهدف تحفيز الشباب السعودي ورفع مخزونهم الثقافي، ليتسنى لهم الإبحار والصيد. وقال وكيل الوزارة للزراعة المهندس أحمد العيادة، إن المشروع يُعد من المشاريع الوطنية المهمة، ويهدف إلى تمكين المواطن السعودي من مزاولة مهنة الصيد، وكذلك استدامة قطاع الصيد وقدرته على المنافسة ومسؤوليته تجاه البيئة. وعد مصائد الأسماك «قطاعاً اقتصادياً أساسياً ورافداً مالياً مهماً يدعم اقتصاديات الدولة وسبل عيش المواطنين». وأكدت الوزارة على الصيادين وجمعياتهم والشركات والمؤسسات العاملة في القطاع، التزام تطبيق المشروع، والبدء في استقطاب الراغبين في الانتساب لهذه المهنة من المواطنين، مؤكدة أنه لن يتم التصريح لأي قارب من حرس الحدود إلا بوجود صياد سعودي. وسيتولى صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) استقطاب الباحثين عن العمل في المناطق المستهدفة، ودعم وتأهيل الباحثين عن الفرص الوظيفية والدعم خلال فترة التوظيف لمدة سنتين. فيما سيتكفل صندوق التنمية الزراعية بدعم المنشآت «الأفراد» من خلال تقديم القروض التي تساعد الصياد على الدخول في المجال. إلا أن صيادون دعوا «البيئة» إلى التأني في دراسته؛ والإحاطة في التجارب الرسمية السابقة قبل فرض مرافقة السعودي لسفن الصيد مستقبلاً؛ مطالبين الوزارة بضرورة التريث وإعادة النظر في آلية القرار. وأبان الصيادون إنهم ليسوا ضد القرار، مبدين تعاونهم التام مع أي مشروع وطني يسهم في خلق فرص وظيفية للصياد السعودي؛ إلا أن قرار المرافق لا يستند إلى دراسة لواقع حال القطاع السمكي وظروف العمل فيه، فهو لم يعتد بالتجارب السابقة التي لم تنجح بسبب عدم وجود التأهيل والتدريب الجيد. من جهته، قال الصياد خليفة البوعينين: «المشروع بشكله الحالي ليس لمصلحة الصياد، ولا قطاع الصيد، بسبب العبء الإضافي على الصياد، بسبب المرافق السعودي، نظراً لقلة العائد المادي فإن الصيادين على مستوى المملكة مهددون بتراكم ديون صندوق التنمية الزراعية، وسيؤدي القرار لإنهاء مهنة الصيد التي يعيش عليها آلاف المواطنين والتسبب في أزمة اقتصادية، فالوزارة نفسها لن تستطيع توفير 13 ألف صياد سعودي، أو حتى 10 في المئة من الصيادين المدربين السعوديين، لعدم توافرهم في السوق السعودية». وأشار إلى قطاعات مهنية أخرى طبقت قرار توطين المهن جزئياً وعالجت المعوقات ودرست واقع حال العاملين بها. وقال: «مازالت هناك قطاعات لم تكمل نسبة 100 في المئة، فيما لا توجد طلبات في وزارة العمل والتنمية السعودية لسعودي يرغب في مزاولة المهنة أجيراً لدى الغير، فلماذا يعمل أجير في ظل دعم الدولة، إذ يستطيع الحصول على دعم وقرض صندوق التنمية الزراعية ويعمل لصالحه، فالقرار لا يمكن معه تطبيق نظام ولائحة وزارة العمل، نظراً لكون نوع العمل لا يطبق ساعات عمل محددة، وكون بيئة العمل قاسية وطاردة ومنفره وقليلة الدخل، يسافر فيها المركب أو القارب إلى مناطق بعيدة، ينقطع فيها عن المجتمع، ويتوجب عليه العمل على مدار خمسة إلى سبعة أيام متواصلة في البحر من دون انقطاع، في الحر والبرد والهواء، فلماذا الزج بمرافقين سعوديين غير مؤهلين». وأبان خليفة أن القوارب والمراكب تعمل في مواسم صيد تصل إلى سبعة أشهر، يتخللها أعطال وتوقف بسبب الرياح الموسمية، وبعدها تتوقف تماماً لمدة خمسة أشهر عن الصيد، فأين سيذهب الصياد السعودي في فترة التوقف. من جانبه، أشار الصياد يوسف الخالدي إلى أوجه معاناة الصيادين، وقال: «يعاني الصياد في الحصول على تأشيرات، بسبب قيود برنامج التوطين»، متوقعاً أن يتسبب مشروع «صياد» في توقف القوارب وتكدسها في الميناء، ما يعرضها للسرقات والتلف، وجزء كبير منها مرهون للصندوق التنمية الزراعي. بدوره، قال الصياد ناصر النجار: «يدعم الصيادون أي قرار يدعم التوطين، شريطة ان يكون قابلاً للتنفيذ، ولا يحول دون تحقيقه معوقات تحد من تفعيله، فالهدف يجب أن ينصب على إيجاد الوظيفة في قطاع الصيد، وهذه يلتزم الصيادون بها، إلا أننا لا نستطيع فرض الوظيفة على السعوديين غير الراغبين فيها، لأسباب مرتبطة بمخاطرها وتدني أجرها ومشاقها التي لا يمكن تحملها، ولا تتوافق مع أجرها». ورأى النجار أن القرار «غير واقعي، ولا يعتمد على دراسة لواقع حال القطاع السمكي وظروف العمل فيه، ولم يستند إلى تجارب ناجحة سابقة انتهى إليها الآخرون، فالقرار لم يراع ما يعانيه قطاع الصيد والصيادين على مستوى المملكة من قلة إنتاج ووضع مادي متردي للصياد وتراكم الالتزامات، ويهدد القرار الكثير من الأسر التي تعتمد في دخلها على الصيد». المسحل: استحداث صناعات تحويلية للأسماك أجدى من التوطين في توفير الوظائف توقع رئيس مجلس أعمال الجبيل رئيس المجلس البلدي المهندس فهد المسحل أن يؤدي استحداث صناعات تحويلية للأسماك وتطوير خدمات نقاط البيع والتسويق والنقل في هذا القطاع، إلى توفير آلاف الوظائف، لافتاً إلى أن هذا «بديل عملي قد يساهم في توفير خمسة أضعاف الوظائف المراد توفيرها من تنفيذ قرار صياد». وأبان أنه لا توجد صناعة تحويلية في قطاع الأسماك بالمملكة، على رغم قدم وتاريخ الصيد. وقال: «نحتاج قراراً مبنياً على اقتصاديات يساهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي ويوفر الوظائف». ودعا وزارتي التجارة والبيئة إلى دعم الصيادين من خلال تطوير هذه الصناعة، «وليس تحجيمها وزيادة المصاعب، فهي تعتبر مصدر رزق لعدد من الأسر منذ مئات السنين»، مشيراً إلى أن الجوانب السلبية لهذا القرار قد تتجاوز كثيراً توفير خمسة آلاف الى سبعة آلاف وظيفة. واستعرض المسحل أضرار هذا القرار المتمثلة في «توقف سفن الصيد، لعدم رغبة الشباب في مزاوله مهنة خطرة فيها الكثير من قسوة الطبيعة، وعدم استقرار أوقات وأيام العمل، بسبب طبيعتها، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسماك، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة في أسعار البدائل، مثل اللحوم والدواجن، بسبب زيادة الطلب عليها، ما سيزيد من كلف المعيشة على المواطن بشكل مباشر». وأضاف: «التأثير سيطاول محال بيع الأسماك والأسواق المركزية، وسينعكس على عدد كبير من المواطنين العاملين في هذا المجال، وعلى قطاع التجزئة وصولاً الى قطاع النقل الذي يعمل فيه عدد كبير من المواطنين، إضافة إلى تزايد المعاناة على مالكي السفن من سداد القروض المستحقة عليهم، ولن يكون هناك قدرة على سداد رواتب العاملين»، مشيراً إلى أن كلفة إيقاف الإبحار «باهظة»، ما سيؤثر على كل من يعمل في هذا القطاع، مطالباً يإعادة النظر في تنفيذ القرار.
مشاركة :