في ذكرى مذبحة دولة الاحتلال «صبرا وشاتيلا»..الجراح لم تندمل

  • 9/16/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم مرور 36 عاما على أبشع مجازر القرن العشرين «مجزرة صبرا وشاتيلا».. فإن الجراح لم تندمل، والمأساة لم يُسدل الستار عليها بعد، لتظل شاهدا على ما وصفته الدوائر العالمية بـ «مذبحة الضمير الإنساني»، ولم تعد مجرد رقما على لائحة مجازر دولة الاحتلال، ولم تكن أول المجازر الصهيونية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، ولم تكن آخرها، فقد سبقها مجازر قبية، ودير ياسين، والطنطورة، تلتها مجزرة مخيم جنين، ومجازر غزة والضفة المستمرة.. ولكنها المجزرة الأكثر بشاعة في تاريخ القضية الفلسطينية نفذها جنرالات مهووسون بالدم.        في كل عام، في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول، يحيي الفلسطينيون ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي نفذتها القوات الإسرائيلية بقيادة أريل شارون وبعض المتواطئين اللبنانيين، مع حلول ظلام يوم «الخميس الدموي الأسود»، 16 سبتمبر/ ايلول 1982، حين بدأ جنود الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات الانعزالية (مقاتلو حزب الكتائب اللبناني، وجيش لبنان الجنوبي)، التقدّم عبر الأزقّة الجنوبية الغربية للمخيم والمقابلة لمستشفى «عكا»، وانتشروا في جميع شوارعه، وسيطروا عليه بشكل كامل.. وعلى مدار ثلاثة أيام بلياليها ارتكبت المجموعات الانعزالية والجنود الإسرائيليون مذابح بشعة ضد أهالي المخيم العزل، يعجز اللسان عن وصفها، سوى أنها إحدى أفظع وأبشع المجازر التي ارتُكبت على مدار التاريخ الإنساني. ولا تزال مشاهد الذبح وبقر بطون الحوامل واغتصاب النساء ماثلة في ذاكرة من نجوا من مجزرة «صبرا وشاتيلا»، غربي بيروت، وهو العام نفسه الذي اجتاحت فيه  قوات دولة الاحتلال جنوب لبنان، وبدأت مشاهد أكبر مجزرة في التاريخ الإنساني قبل غروب شمس يوم السادس عشر، عندما فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا على المخيمين، ليسهل عملية اقتحامهما، واستشهد أكثر من 3 آلاف فلسطيني، تعرضوا للذبح على مدار 48 ساعة، بحسب شهادات ناجين.      في صباح السابع عشر من سبتمبر/ أيلول، استيقظ لاجئو مخيمي صابرا وشاتيلا على واحدة من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير.. وحين صدر قرار «المذبحة» برئاسة آرييل شارون وزير الدفاع آنذاك ورافايل إيتان رئيس أركان الحرب الإسرائيلي في حكومة مناحيم بيجن، فقام الجيش الإسرائيلي ترافقه المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي بإطباق الحصار على مخيمي صبرا وشاتيلا ودخلت ثلاث فرق إلى المخيم، وأطبقت تلك الفرق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين قتلا بلا هوادة، أطفال في سن الثالثة والرابعة وجدوا غرقى في دمائهم، حوامل بقرت بطونهن ونساء تم اغتصابهن قبل قتلهن، رجال وشيوخ ذبحوا وقتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره! نشروا الرعب في ربوع المخيم وتركوا ذكرى سوداء مأساوية وألما لا يمحوه مرور الأيام في نفوس من نجا من أبناء المخيمين.      كانت سماء المخيمين مغطاة بنيران القنابل المضيئة، وآليات دولة الاحتلال، تحكم  إغلاق كل مداخل النجاة إلى المخيمين فلم يسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من سبتمبر/ ايلول، حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية ليجد جثثا مذبوحة بلا رؤوس و رؤوسا بلا أعين و رؤوسا أخرى محطمة ! وليجد قرابة 3000 جثة ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطينيز      وحاصرت مجزرة صبرا وشاتيلا الكيان الاسرائيلي أمام الرأي العام العالمي فحاول قادة الاحتلال التملص من الجريمة، وفي 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 أمرت حكومة الاحتلال المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وفي 7 فبراير / شباط 1983 أعلنت اللجنة نتائج البحث وقررت أن وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون يحمل مسؤولية مباشرة عن المذبحة، فرفض أرييل شارون قرار اللجنة واستقال من منصب وزير الدفاع. وفي 16 ديسمير/ كانون الأول 1982 دان المجلس العمومي للأمم المتحدة المجزرة ووصفها بالإبادة الجماعية.        لكن المجرم شارون لم يعاقب بل وتم انتخابه رئيسا لحكومة الاحتلال عام 2001، وفي ديسمبر/ كانون أول 2005 أصيب بجلطة دماغية جعلته يدخل في غيبوبة استمرت ثماني سنوات لم يخرج منها حيا، تاركا تاريخا دمويا شيطانيا من جرائم عديده  ارتكبها، في حق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم بأسره. وكأن يديه القذرتين اعتادتا أن تكونا ملطختين بالدم الفلسطيني أينما كان.منها مجزرة قبية 1953، وقتل وتعذيب الأسرى المصريين 1967، واجتياح بيروت و مجزرة صبرا وشاتيلا، واستفزاز مشاعر المسلمين بتدنيسه لحرمة المسجد الأقصى سنة 2000، وكذلك ارتكابه مذبحة جنين 2002، والكثير من عمليات الاغتيال ضدَّ أفراد المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، ولم تتم محاكمته رغم ثبوت التهم عليه.     ويقع مخيمي «صبرا»، و«شاتيلا»، في الشطر الغربي للعاصمة بيروت، وتبلغ مساحتهما كيلو مترا مربعا واحدا، أحدهما صبرا، والآخر شاتيلا، فالأول يعدّ حياً تابعاً إدارياً لبلدية «الغبيري» في محافظة جبل لبنان، يطلق عليه اسم «صبرا»، جنوبي العاصمة بيروت، ويجاوره مخيم شاتيلا.. ولعل المفاجأة أن سكان صبرا وشاتيلا ـ الناجون منهم ـ فور انتهاء المذبحة البشعة أخذوا يصلحون ما أفسدته الآلة الحربية الإسرائيلية في نفوسهم وبيوتهم، ضاربين أمثلة تحتذى في القدرة على الاحتمال والصبر على الأهوال وإدمان أمل العودة إلى الوطن مهما طال الزمان وتباعدت الخطوات.

مشاركة :