حذرت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، من أن خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي تشكل البديل الوحيد لانسحاب المملكة المتحدة من التكتل في غياب اتفاق آخر، رغم الانتقادات داخل معسكرها وشكوك بروكسل. وجاءت تصريحات ماي في اليوم نفسه الذي حذرت فيه المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من أن خروج لندن من دون اتفاق سيكون كلفته كبيرة على المملكة المتحدة. وتنص «خطة تشيكيرز» التي تقترحها ماي، على الإبقاء على علاقة تجارية وثيقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعد الانفصال (بريكست) المقرر في 29 مارس (آذار) 2019، خصوصاً إقامة منطقة تبادل حر للمنتجات الصناعية والزراعية مع إنهاء حرية تنقل المواطنين الأوروبيين ورقابة محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي. وأثارت ماي بهذه المقترحات غضب أنصار «بريكست» باتٍّ وقاسٍ في حزب المحافظين، لكن أيضاً تشكيك قادة الاتحاد الأوروبي في إمكانية تطبيق خطتها. وقالت ماي في مقابلة: «أعتقد أننا سنحصل على اتفاق جيد، سنحصل عليه من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وسنحيله إلى البرلمان. أعتقد أن البديل عن ذلك سيكون غياب الاتفاق»، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حالة من البلبلة. وأضافت: «لا أريد أن يشعر الصناعيون بأنه عليهم العمل وفق قواعد كثيرة مختلفة، لأن ذلك سيعقّد أمورهم وسيعني على الأرجح مغادرة شركات للبلاد». وتشعر أوساط الأعمال بالقلق من عدم تحقيق تقدم كبير في المفاوضات ومن تأثير غياب اتفاق على نشاطها، ما سيكون أسوأ سيناريو بالنسبة إليها. ورأى صندوق النقد الدولي في بيان، اليوم (الاثنين)، أن «بريكست» من دون اتفاق ستكون له «كلفة كبيرة» على الاقتصاد البريطاني، مؤكداً أن تفاهماً بين بريطانيا والمفوضية الأوروبية حول العلاقات المقبلة بينهما «أساسي» لهذا السبب. وحذّر الصندوق في تقريره بينما بلغت المفاوضات حول «بريكست» مراحلها الأخيرة، من أن خروج بريطانيا من الاتحاد في ظروف مضطربة «يمكن أن يؤدي إلى نتيجة أسوأ بكثير». وصرحت المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد، في مؤتمر صحافي في لندن: «نشجع بريطانيا والاتحاد الأوروبي في وقت واحد على العمل بجد (…) لتجنب طلاق قاسٍ». وسيكون ملف «بريكست» على جدول أعمال قمة أوروبية غير رسمية، الخميس، في سالزبورغ (النمسا). وأكد المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، اليوم، إثر لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس، أن «الجميع متفق على أن نبذل ما في وسعنا لتجنب (بريكست) قاسٍ، أيْ من دون اتفاق. واعتبر ماكرون من جهته أن «من الضروري التوصل إلى اتفاق وحماية قواعد التلاحم والحماية في أوروبا والسوق الواحدة بالكامل، بينما تحترم بريطانيا تصويت شعبها»، الذي اختار الخروج من الاتحاد عبر الاستفتاء. وقال ماكرون وكورتز إنهما يأملان في التوصل إلى اتفاق في أثناء القمة التي ستُعقد في 18 و19 أكتوبر (تشرين الأول)، في بروكسل أو في أقصى حدّ في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني). وتشكل مسألة الحدود الآيرلندية التي لا يرغب الاتحاد ولا المملكة في إعادة رسمها، إحدى نقاط الخلاف في المفاوضات بين الجانبين. أما ماي، فقد أكدت أن خطتها هي الوحيدة التي تستجيب لإرادة غالبية البريطانيين الذين يرغبون في الخروج من الاتحاد الأوروبي مع تفادي إقامة حدود فعلية بين مقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. ووصف وزير الخارجية السابق بوريس جونسون الذي يؤيد «بريكست» قاسياً، اليوم، خطة ماي بأنها «فحش دستوري». وأفادت وسائل إعلام بريطانية، اليوم، بأن الاتحاد الأوروبي سيكون مستعداً للمضي قدماً في موقفه عبر السماح على سبيل المثال للجمارك البريطانية بالعمل بدلاً من الجمارك الأوروبية. وفي حال التوصل إلى اتفاق فإنه سيحتاج إلى تصديق البرلمان البريطاني، حيث لا تملك ماي إلا غالبية ضئيلة جداً، إضافة إلى برلمانات الـ27 دولة في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي. وحذّر حزب العمال المعارض، الجمعة، من أنه سيصوّت ضد اتفاق الانفصال مع بروكسل إذا كان على أساس ما تعرضه تيريزا ماي.
مشاركة :