تعكس قوة العلاقة بين السعودية وباكستان ثقة متبادلة بين الدولتين وتاريخ طويل من التعاون، فضلًا عن مودة شعبية تعبر عن نفسها، مع كل استطلاع رأي تجريه مراكز الأبحاث حول مكانة المملكة بين شعوب العالم. وحسب استطلاعات رأي يجريها دوريًا، وجد مركز “بيو” لدراسات الرأي العام أن السعودية هي الدولة الأكثر تقديرًا لدى الشعب الباكستاني، بنسبة تدور حول 95%، علمًا بأن معظم الباكستانيين لا يرون أي سلبية لا في سياسة المملكة، ولا في تعاملات شعبها. وارتبطت باكستان أو “الأرض النقية” كما كانت تسمى قديمًا بالجزيرة العربية منذ عهد الخلافة الأموية؛ حيث لعب الجوار الجغرافي الممتد عبر السواحل البحرية (1046 كلم) على طول بحر العرب وخليج عمان، دورًا كبيرًا في تقوية هذا الرباط التاريخي بالقارة الهندية. ولطالما ارتبطت باكستان الحديثة بعلاقة قوية مع بلدان الخليج العربي، وقد ظهر ذلك بصفة جلية خلال حرب تحرير الكويت، وكذلك بالدعم اللامحدود الذي تلقته من المملكة العربية السعودية في فترات عديدة. ومنذ قيام باكستان في عام 1947، والعلاقة بين الشعبين تمضي بثبات وإيجابية، ما جعلها تمتد إلى مختلف المجالات، وسط توقعات بتوسعها مستقبلًا. وحسب بيانات أدلى بها قنصل شؤون التجارة في القنصلية العامة الباكستانية في جدة شهزاد أحمد خان قبل عدة أشهر، بلغت الاستثمارات السعودية في باكستان نحو مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية. وأوضح خان أنّ هذه الاستثمارات تتوزع بين قطاع الطاقة والبترول والكيماويات والمعاهد المالية والخدمات المصرفية والزراعة ومنتجات الألبان وتكنولوجيا المعلومات وتنمية الموارد البشرية والتدريب المهني. أما الشركات الباكستانية العاملة في السعودية فتنشط، كما قال خان، في قطاعات البناء والهندسة المعمارية والمواد الكيميائية وقطاعات الصلب والمعادن وتكنولوجيا المعلومات والتركيبات الكهربائية واللوازم والمطاعم. وأضاف أنّ نحو 400 شركة باكستانية تعمل حاليًا في السعودية، وتراوح رؤوس أموالهم بنحو 350 مليون دولار، وهذا خلال السنوات الخمس الماضية. وأشار قنصل شؤون التجارة في القنصلية العامة الباكستانية في جدة إلى عدد القوى العاملة الباكستانية في المملكة، مبينًا أن إجمالي المواطنين الباكستانيين المقيمين في المملكة يقدر بنحو 2.5 مليون، ويشمل عديدًا من عوائل العاملين. ولفت خان إلى أنّ المملكة وباكستان تتمتعان بعلاقات عبر عقود في مجال الدفاع، ويوجد قدر عالٍ لا مثيل له من الثقة المتبادلة بين الطرفين، فهناك مجال كبير للتعاون بين البلدين الشقيقين المسلمين من خلال الاستفادة من قوة كل منهما للآخر في مجال الإنتاج الدفاعي. وأضاف: “نحن نعمل في هذا المجال لدعم رؤية السعودية 2030 بشأن نقل التكنولوجيا والتجميع المحلي للمنتجات الدفاعية الباكستانية العالية الجودة”. وفي يناير الماضي، أكدت اللجنة السعودية الباكستانية المشتركة في ختام دورتها الحادية عشرة أن الجانبين ركزا على مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك أهمها التركيز على مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والشؤون القنصلية والتعليم والثقافة والعلوم والأبحاث والصحة وغيرها. واتفق الجانبان على عقد منتدى اقتصادي سعودي- باكستاني لرجال الأعمال خلال العام الجاري بالمملكة، وتسهيل إجراءات إصدار التأشيرات لرجال الأعمال، وإعادة تفعيل مجلس الأعمال المشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية، والتعاون مع شركات النفط والغاز لبحث الفرص الاستثمارية في مجال الغاز والنفط، وتشجيع عملية التبادل الثقافي والإعلامي والبحث العلمي وتبادل المنح الدراسية في مجال التعليم الصحي وتبادل زيارات الوفود العلمية، وإقامة مراكز تدريب العمال لتهيئة، وتعزيز قنوات اتصال بين المسؤولين في البلدين للتعاون في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار والتعليم والزراعة. من جانبه، كشف محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر عن وجود 300 مستثمر باكستاني في المملكة، فيما تبلغ الاستثمارات الباكستانية بليون ريال. ودعا العمر، خلال “ملتقى الاستثمار الباكستاني”، الذي استضافته غرفة تجارة وصناعة الرياض في أبريل الماضي، إلى الإسراع في توقيع اتفاق حماية الاستثمارات بين البلدين، وإلى أهمية توفير الأطر القانونية التي تحفظ حقوق المستثمر السعودي في باكستان، معربًا عن أمله بأن يتمخض الملتقى عن تفعيل الشراكة بين البلدين في مجالات التجارة والاستثمار. من جانبه، أكّد وزير الدولة ورئيس مجلس الاستثمار الباكستاني ترحيب بلاده بجذب المستثمرين السعوديين في مختلف القطاعات، وخصوصًا في الزراعة والإنتاج الحيواني والطاقة والسياحة والبنية التحتية، مؤكدًا أن بلاده حريصة على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع المملكة. وأضاف زامندار أن الحكومة الباكستانية اتخذت عددًا من الإجراءات والتسهيلات أمام المستثمرين السعوديين، مرحبًا بهم لزيارة بلاده والتعرف على فرص الاستثمار المتاحة في جميع القطاعات.
مشاركة :