الصديــق مــن صدَقــك لا مـــن صدَّقـــك

  • 9/21/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كثير من الناس لهم أصدقاء سواء من منطقتهم أو من أهلهم أو من عملهم أو من خارج بلدانهم، تم اختيارهم ضمن معايير أخلاقية وسلوكية وإنسانية معينة، وكانوا يأملون في صداقتهم أن يصدقوهم في القول لا يصدقونهم في كل شيء يقولونه، لا يريدون أن يقولوا لهم كل ما يفعلونه حسن حتى ولو كان عملهم فيه أخطاء جسيمة. فالصديق الحقيقي هو الذي عند غضبه لا تنحدر أخلاقه وألفاظه إلى أسفل السافلين، فلهذا قيل في الأثر إذا أردت أن تختبر صديقك أغضبه، ومن خلال ردات فعله يتبين أنه فعلا يستحق أن يكون صديقا أم لا، فإن لم يغضب بالمستوى الذي يجعله يخرج عن طوره وإتزانه يستحق أن يقال له إنه الصديق الوفي، وأما إذا كان غضبه يجعله يكيل التهم تلو التهم ويطلق الألفاظ النابية من دون ضوابط أخلاقية، فهذا النوع من البشر لا يستحق أن يقال له صديق. يقال إن الصديق يعرف في وقت الضيق وفي السفر، فكثير من الناس لديهم أصدقاء يكادون لا يفارقونهم في أكثر أوقاتهم، ولكن في السفر يتبين لهم أنهم ليسوا أهلا للصداقة، وقيل أن من أهم علامات الصديق الحقيقي هي أن يقبل العذر ويسامح في حال الخطأ ويسد مكان صديقه وقت غيابه، ولا يظن به السوء ويرعاه في ماله وأهله وعرضه وولده، ولا ينفك عنه في الشدة والرخاء، ويؤثرك على نفسه ويتمنى دائما الخير لك، ويكون ناصحاً لك إذا ما صدر منك عيب، ويشجعك إذا ما رأى منك الخير، ويعينك في كل عمل صالح، وإذا دخلت مجلساً يوسع لك، ويبدأك بالسلام، ويسأل عن أحوالك ويسعى في قضاء حاجتك من دون أن تطلب منه، ولا ينسى الدعاء لك بالخير في ظهر الغيب، ويحبك في الله من دون أن يرجو منك جزاء ولا شكورا، وينفعك بصلاحه وأخلاقه وأدبه وثقافته كلما جلس معك. فالذين لا يصدقون مع رفقائهم لا في القول ولا في الفعل، يزينون لهم الأخطاء والمعاصي والذنوب لا يستحقون أن يسموهم أصدقاء، واي شخص عليه ان يحذر ويدقق عند اختياره لأصدقائه، لأن الصديق إذا اختلف مع صديقه في رأي أو موقف معين، يكون أخطر بكثير من اختلاف غير الصديق، لماذا؟ لأن الصديق يمتلك الكثير من أسرار صديقه الخاصة، والكثير من مواطن الضعف في شخصيته، التي لم يطلع عليها أحد غيره، فإفشاء تلك الأسرار الخاصة لا شك أنها تؤذيه اجتماعياً على أقل تقدير. وليس كل من يضحك في وجهك صديقك، وإنما الصديق هو الذي يسعد بسعادتك ويشقى بشقائك، في كل الأحوال والظروف، حتى ولو اختلف معك في الرأي والموقف والأسلوب، وفي هذا السياق، نجد الكثيرين ممن كانوا أصدقاء وبينهم علاقات حميمة، واختلفوا وتباعدوا نفسيا عن بعضهم البعض، لم يرضوا بالإهانة والاستهانة بالذين كانوا أصدقاء لهم، ولم يقبلوا التحدث عنهم بسوء في غيابهم ووجودهم، ويقولون إن الاختلاف في وجهات النظر أمر يختلف تماماً عن العلاقات الإنسانية التي كانت بينهم، هؤلاء الذين يفكرون بهذه الطريقة السليمة هم محترمون ومقدرون عند العقلاء، وأما الذين يفكرون في إذاء من كانوا لهم أصدقاء بكل الطرق والوسائل والمتاحة وغير المتاحة لهم، هؤلاء يعانون من نقص في داخلهم، وهم غير محترمين لدى عامة الناس في المجتمع. ] سلمان عبدالله

مشاركة :