اختتم ملتقى الشارقة للسرد دورته الخامسة عشرة في العاصمة المغربية الرباط، بحضور عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، والمشاركين في الملتقى من روائيين، ونقاد، وأكاديميين، وباحثين في الشأن السردي.شهدت دورة الرباط مشاركة 60 أديباً وأديبة من دول عربية وأجنبية، قدموا دراسات نقدية، وأوراق عمل ناقشت تحولات وجماليات الشكل الروائي في الرواية الجديدة، فضلاً عن تسجيل شهادات لروائيين عرب كشفوا من خلالها تجاربهم السردية.وأعرب المشاركون عن شكرهم للرعاية التي حظيت بها هذه الدورة من خلال برقية قرأها الناقد المغربي د. محمد تنفو، قال فيها: «بمناسبة اختتام ملتقى الشارقة للسرد في دورته الخامسة عشرة، الذي انعقد في مدينة الرباط تحت رعاية سامية من جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، يتوجّه المشاركون في الملتقى بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى الحكومة المغربية لاحتضانها الملتقى، كما يتوجه المشاركون إلى مقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بالشكر الجزيل على دعمه ورعايته لهذا الملتقى، مقدرين ومثمّنين عالياً جهوده المخلصة في دعم الثقافة العربية، وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية».وأضاف: «كما يتقدم المشاركون بالشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة والاتصال في المغرب، ودائرة الثقافة في الشارقة، على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، آملين أن تستمر اللقاءات الثقافية العربية، الأمر الذي من شأنه أن يوثّق العلاقات الأخوية بين أبناء الأمة العربية».ختام الملتقى جاء في محورين مختلفين، بحث الأول في «الرواية التفاعلية»، والثاني في«الظواهر الجديدة في الرواية العربية»، فيما أسدلت شهادة روائيّين الستار على أعمال الدورة.شارك في المحور الأول: د. زهور كرام (المغرب)، ود. جمال ولد الخليل (موريتانيا)، وترأس الجلسة د. محمد تنفو.تناولت ورقة كرام موضوع الرواية الرقمية، وقالت: «عندما ظهرت الكتابة الأدبية في علاقة بالوسائط التكنولوجية، أعادت طرح السؤال: ما الأدب؟ إنه سؤالٌ يتجدد مع ظهور وسائط جديدة يتجلى من خلالها الأدب، نُفكر في الأدب في تجليه التكنولوجي ونحن نستحضر مسارات انتقال الأدب من الشفهي إلى الورقي».وأضافت: «تعتبر رواية - على بعد مليمتر واحد فقط- للكاتب المغربي عبد الواحد استيتو، أول رواية مغربية عربية تُكتب عبر منصة الفيسبوك فصلاً بفصل، وشكل القراء عنصراً جوهرياً في تحديد مسارها، وبناء توقعات أحداثها، وتوجيه مصاير شخصياتها، وصياغة خطابها، ثم تحقيقها عملاً روائياً».وقدم ولد الخليل دراسة بعنوان «الرواية الرقمية بين المفهوم والتأسيس»، أوضح فيها مفهوم الرواية التفاعلية، قائلاً: «الرواية التفاعلية نمط من الفن الروائي يقوم فيه المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص المتفرع، والتي تسمح بالربط بين النصوص سواء أكانت نصاً كتابياً أم صوراً ثابتة أم متحركة أم أصوات حية أم موسيقية أم أشكالاً جرافيكية متحركة أم خرائط أم رسوماً توضيحية أم جداول أم غير ذلك».وأشار إلى أن التجربة العربية في التفاعل مع الأدب الرقمي لا تزال في بدايتها على الرغم من مرور ما يقارب عقدين على ظهور الروايات الرقمية وغيرها، كما أن الإبداع الرقمي بحاجة إلى المزيد من التراكم الإبداعي نصوصاً وتجارب.في المحور الثاني تحدث: د. ضياء الكعبي (البحرين)، ود. عبدالله ولد سالم (موريتانيا)، وأدار الجلسة د. فاطمة العلي (الكويت).وقدمت الكعبي دراسة جاء فيها: «من الظواهر اللافتة للانتباه في الرواية العربيّة الجديدة، كثافة الاشتغال على الخطاب الصوفيّ لشخصيات ذات سطوة رمزية اعتباريّة، مثل جلال الدين الروميّ، ومحيي الدين بن عربيّ. ولاتعني هذه الظاهرة أنَّ الرواية العربيّة الحديثة والمعاصرة تخلو من اشتغالات سرديّة صوفية؛ فلدينا نماذج مهمة جدًا لمثل هذا الاشتغال خاصة عند نجيب محفوظ في بعض رواياته، وعند جمال الغيطانيّ الذي يمثل -كتاب التجليات- بأجزائه الثلاثة رواية استلهمتْ بعمق خطاب محيي الدين بن عربيّ، ممتزجاً برؤية جمال الغيطانيّ الإبداعّية. كما سنجد مثل هذه الاشتغالات الصوفيّة المعمَّقة في بعض روايات مؤنس الرزّاز، وفي بعض روايات الطاهر وطّار خاصة روايته -الولي الطاهر يعود إلى مقامه- وكذلك في بعض روايات واسيني الأعرج ومنها رواية -سيرة المنتهى: عشتها كما اشتهتني-.ورقة ولد سالم جاءت بعنوان «في شعرية الرواية العربية الجديدة.. روايات موسى ولد أبنو نموذجاً»، قال فيها: «لعل اختيار روايات موسى ولد أبنو نموذجاً، للحديث عن شعرية الرواية الجديدة والوقوف عند بعض سماتها، حيث أسلط بعض الضوء على روائي معاصر له أعمال تستحق الدراسة، وتتصف بالخصائص التي تؤهلها لأن تكون نموذجاً للرواية العربية الجديدة، وإبراز جوانب من الأساليب التي مكنت الروائيين الجدد من تعديل سنن أسلافهم تعديلاً أعطى فنهم مزيداً من تكثيف التعدد؛ لا في تقنيات السرد فقط، وإنما أيضاً في استدعاء الأجناس، وتغيير الرؤى في فهم الواقع بدلالاته المختلفة».وسجلت عبير درويش شهادة حول كتابتها، فقالت: «أكتب لأن الكتابة تمنحني وسط ضجيج العالم، خلوة مع عقلي لا مثيل لها، وتجعلني أعيش ألف حياة وحياة، لم أكن أعرف أن الطفلة المتطلعة لوجوه الآخرين وتحرص على متابعة خلجات نفوسهم، وعاداتهم.. الثابت منها والمتغير، وتشيد داخل رأسها الصغير مسرحاً تحركهم فيه كالدمى، وتتمتم بآخر جملة «فينالة» مرتدة داخل عقلها كالصدى».أما فاتحة مرشيد فقالت: «جئت الأدب كما يقصد عطشان نبع ماء.. لألبي حاجة ماسة إلى الارتواء.. الكتابة بالنسبة إلّي حياة أخرى داخل الحياة، وفضاء آخر للتنفس وسط الفضاء.. فضاء يمَكّنني من أن أطلق صرختي في وجه العالم كمولود جديد، فأتعلم النطق من جديد، والمشي من جديد، والبحث والتساؤل والعيش والتعايش والحب والموت من جديد».وكان اليوم قبل الأخير من الملتقى، شمل ثلاثة محاور جاءت عناوينها، تباعاً، في «تطور التقنيات الروائية»، و«تقنيات الشكل الروائي»، و«الرواية بين حدود النوع والفنون الأخرى»، كما سجّلت الجلسة الثالثة شهادتين للرّوائيّين فاطمة المزروعي من الإمارات، ومنصور صويم من السودان.متحدثو المحصور الأول ناقشوا صعود الحالة السردية منذ الرواية الكلاسيكية وصولاً إلى ما وصلت إليه، من تحوّلٍ وانقلاب، وما مرّت إليه من مراحل كانت كفيلة في تطورها، وشارك فيه: د. عبدالعزيز بنّار (المغرب)، ود. سعيد يقطين (المغرب)، ود. سهير المصادفة (مصر)، في حين ترأس الجلسة ناصر عراق (مصر).المحور الثاني ناقش أبرز سمات الرواية الجديدة، وشارك فيه: د. فاطمة البريكي (الإمارات)، ولطيفة لبصير (المغرب)، ود. إبراهيم السعافين (الأردن).المحور الثالث بحث في ورقتين، آليات تفاعل الرواية مع غيرها من الفنون، والرواية والتداخلات الفنية. وسجل الروائي السوداني منصور الصويم إلى جانب فاطمة المزروعي شهادتين حول تجربتهم الكتابية.
مشاركة :