هل ترقد الاستثنائية الصينية في سلام؟ «1من 2»

  • 9/22/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

من الأرجنتين إلى تركيا ومن جنوب إفريقيا إلى إندونيسيا، تعود الاضطرابات المالية مرة أخرى لتقض مضاجع الأسواق الناشئة. لكن لا ينبغي لنا أن نغفل عن أكبر هذه الأسواق وربما أكثرها استعصاء على الفهم: الصين. على مدار العقود القليلة المنصرمة، بدا الأمر وكأن نمو الصين ينتهك حرمة بعض قوانين الاقتصاد الأساسية على سبيل المثال يؤكد قانون شتاين أنه إذا لم يكن بوسع شيء ما أن يستمر إلى الأبد، فإنه لابد أن يتوقف. ومع ذلك، تستمر ديون الصين في الارتفاع. الواقع أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن ديون الشركات والأسر والحكومة الصينية تزايدت بنحو 23 تريليون دولار أمريكي في العقد الأخير وحده، وأن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين ارتفعت بنحو 100 نقطة مئوية، إلى أكثر من 250 في المائة. وهذه المقادير بالغة الضخامة إلى الحد الذي يجعلها تتجاوز المستوى الذي تحدث عنده الأزمات المالية عادة. من المؤكد أن بعض ديون الصين استُخدِمَت لتوسيع قاعدتها الصناعية وبنيتها الأساسية. لكن قدرا كبيرا من هذه الديون ذهب أيضا نحو دعم مؤسسات عامة خاسرة واستثمارات لا حصر لها في مرافق عامة ومساكن زائدة عن الحاجة أو غير ضرورية. وتشير اختلالات التوازن المحلية في الصين إلى قانون اقتصادي آخر تمكنت من كسره. في أي دولة طبيعية، يؤدي تراكم القدرة الفائضة بكثافة إلى انخفاضات حادة في الاستثمار ونمو الناتج المحلي الإجمالي. وهذا بدوره من شأنه أن يقود إلى ضائقة مالية، تعقبها أزمة إذا جرى تجاهل علامات التحذير. لكن الصين شهدت تجربة مختلفة. فقد تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي هناك، لكن الاستثمار ظل قويا، ولا يوجد ما يشير إلى نشوء ضغوط على نظامها المصرفي. من التفسيرات الشائعة لمناعة الصين الواضحة أنها تمتلك مجمعا ضخما من المدخرات المحلية واحتياطيات هائلة من النقد الأجنبي "أكثر من ثلاثة تريليونات دولار أمريكي"، يمكن إنفاقها لتفادي الذعر المالي. ولأن الميزانية العمومية الحكومية لا تزال قوية بالقدر الكافي لإنقاذ شركات مالية غير قابلة للاستمرار على قيد الحياة، فإنها قادرة على معالجة أي مصادر ناشئة للإجهاد في هذا القطاع البالغ الأهمية. وينتمي تفسير شائع آخر لصمود الصين إلى عالَم السياسة. إن عملية اتخاذ القرار على مستوى عالي المركزية يسمح بالتصرف السريع المتضافر، مثل شن الغارات الرسمية على التدفقات الخارجة من النقد الأجنبي. وفي مثل هذا المجتمع الخاضع للسيطرة على نحو فريد، يمكن التحكم بشكل تام في الضغوط الاجتماعية الطبيعية التي تنشأ عن الاضطرابات الاقتصادية. بقدر ما قد تبدو هذه الحجج معقولة، فإن الوقت حان لإعادة النظر فيها. لقد أصبحت الاستثنائية الاقتصادية التي تمتع بها الصين تحت تهديد عاصفة كاملة من الضغوط القائمة -وبالتحديد تراكم الديون المحلية- والتعقيدات والمضاعفات الجديدة، بما في ذلك الحواجز التجارية الأمريكية، والمقاومة الجيوسياسية التي تلقاها مبادرة الحزام والطريق الصينية، والظروف النقدية المتزايدة الشدة، خاصة في الولايات المتحدة. بعد الأزمة المالية التي اندلعت عام 2008 حولت الصين نموذجها الاقتصادي بعيدا عن الصادرات ونحو مصادر النمو الداخلية. لكن إعادة التوازن على هذا النحو تتطلب قدرا متزايدا من الديون والاستثمارات، ما يجد بالتالي مخاطر انهيار أعظم. ونتيجة لهذا، كان لزاما على الحكومة أن تتحرك بحذر، فتوفر فقط مقادير صغيرة باعتدال من الحوافز للاقتصاد حسب الحاجة. ولا يوجد دليل إرشادي لإدارة عملية إعادة التوازن بهذا الحجم. فالتدخلات السياسية التي تبدو معتدلة في اللحظة الآنية ربما يتبين أنها كانت مفرطة. وعند مرحلة ما سيؤكد قانون شتاين ذاته. وتعد السياسة التجارية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأولى بين المخاطر التي تهدد النمو الصيني. حتى الآن، لم يتأثر سوى ما قيمته 50 مليار دولار من الصادرات الصينية بفِعل تعريفات إدارة ترمب الجمركية. ولكن في تموز (يوليو)، أعلن ترمب جولة جديدة من التعريفات تستهدف ما قيمته 200 مليار دولار إضافية من السلع الصينية، وهو ما يمثل نحو 15 في المائة من إجمالي صادرات الصين إلى الولايات المتحدة. وعلى نحو يعكس ضعفها المتزايد، كانت ردود أفعال الصين إزاء تهديدات ترمب المستمرة ميالة إلى المواءمة بشكل ملحوظ... يتبع. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2018

مشاركة :