تنطلق اليوم في الجزائر أعمال الاجتماع العاشر للجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين دول "أوبك" وخارجها، وسط حالة من الترقب الدولي الواسع في الأسواق النفطية. وتتزامن تلك الاجتماعات مع مرور عامين على "إعلان التعاون" الذي جمع 25 دولة منتجة للنفط، منها الدول الـ 15 الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وبقيادة السعودية وروسيا. ويجيء هذا الاجتماع في ظل تحديات واسعة للسوق، أبرزها العقوبات الأمريكية على إيران، وتصاعد حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب زيادة المخاطر الجيوسياسية بسبب الصراع في ليبيا وتفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا. وبحسب مصدر سعودي وثيق الصلة بمنظمة أوبك، فإن المنتجين في "أوبك" وخارجها على وشك اتخاذ قرار جديد بزيادة الإنتاج بنحو يراوح بين 500 ألف إلى مليون برميل يوميا، مضيفا أن "هذه الخطوة ستتبلور في اجتماع الجزائر، وقد ترفع كتوصية إلى الاجتماع الوزاري الموسع لدول أوبك والشركاء من خارج المنظمة في اجتماع كانون الأول (ديسمبر) المقبل في فيينا". وأشار المصدر لـ "الاقتصادية"، إلى أن هذه الخطوة تجيء بعد نجاح "أوبك" وشركائها منذ حزيران (يونيو) الماضي في خفض مستوى الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج إلى 100 في المائة بعد إنهاء التخفيضات الزائدة خاصة الطوعية منها، وهو ما يعني ضخ نحو مليون برميل يوميا إضافية إلى سوق النفط. ولفت المصدر إلى أن الرغبة في استقرار السوق ومنع الارتفاعات السعرية المفرطة وتهدئة مخاوف المستهلكين والحفاظ على معدلات نمو الطلب ستكون المحرك الرئيسي لإجراء زيادات إنتاجية جديدة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. من ناحيته، توقع أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أن يناقش اجتماع الجزائر ملفات مهمة وأبرزها، شكل اتفاق التعاون الجديد والمرتقب بين دول أوبك والمستقلين، الذي يعتقد ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، ومحمد باركيندو أمين "أوبك"، أنه سيكون تعاونا مؤسسيا طويل الأجل. وأضاف لـ "الاقتصادية"، أن "الملفات الملحة أمام المنتجين في اجتماع الجزائر اليوم هي كيفية توزيع حصص الزيادات في الإنتاج المقررة في الفترة المقبلة، خاصة في ضوء احتمال إضافة مليون برميل جديدة إلى إمدادات "أوبك" وحلفائها من خارج المنظمة إلى جانب أنباء عن تعديل نظام التصويت داخل المنظمة لتكون بحسب إنتاج كل دولة". وأشار يانييف، إلى أن بعض المحللين في السوق يتحدثون عن انتهاء مرحلة "أوبك +" والانطلاق إلى مرحلة أقوى وهو ما اصطلح على تسميتها "سوبر أوبك". من جانبه، أفاد تقرير لمنظمة أوبك أن اجتماع الجزائر سيشهد إطلاق، تقرير التوقعات السنوية لمنظمة أوبك، الذي يقدم مراجعة وتحليلا معمقين للصناعة النفطية العالمية، كما يعرض تقييمًا شاملا لمختلف المؤثرات المتعلقة باتجاهات العرض والطلب على المديين المتوسط والطويل. وأشار التقرير إلى أن التطبيق الذكي الذي ستطرحه منظمة أوبك، ويحتوي تقرير التوقعات السنوي، سيعطي مزيدًا من إمكانية الوصول إلى بيانات التحليل وتقييم وضع الطاقة، كما ستطرح وللسنة الرابعة على التوالي أيضًا نسخة تفاعلية شاملة من التقرير. وذكرت "أوبك" أن التقرير السنوي نشر لأول مرة في عام 2007 وهو واحد من المنشورات السنوية الرئيسية للمنظمة، ويقدم تحليلا لمختصين حول التحديات والفرص التي تواجه صناعة النفط العالمية، ويعد بمنزلة أداة مرجعية مهمة توفر الرؤى حول مشروعات المنبع والمصب، وكذلك القضايا المتعلقة بالتكاليف والاستثمارات والتأثير المحتمل للسياسات والتقنيات الجديدة. وأضاف أن "نجاح اتفاق الجزائر في عام 2016، والنجاح المتوقع مجددا لاجتماع اليوم يعكس إيمان المنتجين بتعزيز الحوار والصداقة والتركيز على العمل الجماعي كضرورة في اتخاذ القرار". وأشار إلى تمسك "أوبك" منذ سنوات طويلة بدعم أواصر الحوار والتعاون مع المنتجين الآخرين، من خلال المشاركة في برامج حوار فعالة مع أصحاب المصلحة في الصناعة مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والهند والصين. ويرى التقرير أن اتفاق الجزائر في عام 2016 نقل التعاون إلى مستوى جديد يتسم بالجدية والالتزام، وكان حافزا لانضمام كثير من المنتجين خاصة من خارج "أوبك" إلى إعلان التعاون، مشيرا إلى أن قوة "أوبك" ليست قاصرة على الاحتياطات الواسعة بل أيضا قدرتها على الامتداد العالمي وتنويع العضوية وتوثيق علاقات التعاون مع كل الأطراف بشكل متزايد. ونقل التقرير عن سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي ورئيس مؤتمر "أوبك" أن لجنة الرصد الوزاري المشتركة لعبت دورا حاسما في التنفيذ الناجح لـ "إعلان التعاون"، مشيرا إلى أن اللجنة بقيادة المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، تقوم بمراجعة السوق بانتظام وتحليل البيانات ومراقبة مستوى الالتزام في إنتاج كل دولة. وأضاف المزروعي أن "تميز عمل اللجنة بالشفافية والمصداقية سمح للمشاركين في الإعلان بفهم أفضل لديناميكيات السوق". وأوضح المزروعي – في التقرير –، أن المنظمة تتطلع إلى المستقبل، مع ثقته بأن التعاون والجهود المبذولة في العامين الماضيين تمثل أساسا واعدا للمستقبل، مشيرا إلى أنه ليس لديه أي شك في أن المنتجين سيبنون على العلاقات الناجحة القائمة بالفعل وأن ما سنفعله بالضبط هو إنشاء آلية للتعاون في المستقبل. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت قليلا خلال تعاملات الأسبوع المنصرم، في تعاملات قوية متقلبة تخلت فيها عن معظم مكاسبها التي سجلتها في وقت سابق من الجلسة بفعل أنباء بأن منتجين كبارا سيدرسون زيادة في الإمدادات. وينتظر المستثمرون ليروا ما إذا كانت "أوبك" ومنتجون رئيسيون غير أعضاء في المنظمة سيقررون ضخ مزيد من الخام لتعويض انخفاض في الإمدادات من إيران حال سريان مزيد من العقوبات الأمريكية في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر). وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة عشرة سنتات لتبلغ عند التسوية 78.80 دولار للبرميل. وأغلقت عقود الخام الأمريكي الخفيف مرتفعة 46 سنتا إلى 70.78 دولار، لكنها تراجعت أكثر من دولار من أعلى مستوى لها في الجلسة البالغ 71.80 دولار. وأنهي الخام الأمريكي الأسبوع على مكاسب قدرها 2.5 في المائة، بينما ارتفع برنت 0.7 في المائة على مدار الأسبوع. وفي التعاملات المبكرة دفعت المخاوف بشأن الإمدادات برنت للصعود إلى 80.12 دولار للبرميل، وتراجعت الأسعار بعد أن قال مصدر "إن "أوبك" وحلفاءها يناقشون احتمال زيادة جديدة في الإنتاج قدرها 500 ألف برميل يوميا، ثم تعافت الأسعار مع مراهنة المستثمرين على أن التخفيضات في إنتاج إيران ستكون كبيرة بحيث يصعب تعويضها بشكل كامل". ومنذ بداية العام الجاري، بلغ متوسط أسعار عقود الخام الأمريكي 66.64 دولار للبرميل مقارنة بمتوسط قدره 50.85 دولار في عام 2017 و43.47 دولار في عام 2016. وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية النشطة للأسبوع الثاني في ثلاثة أسابيع في الوقت الذي توقفت فيه أعمال الحفر الجديدة في أكبر حقل نفطي في الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن ينمو الإنتاج بأبطأ وتيرة في نحو عامين بسبب اختناقات في خطوط الأنابيب. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر قلصت عدد منصات الحفر النفطية بواقع منصة واحدة في الأسبوع المنتهي في 21 أيلول (سبتمبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 866". وعدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، ما زال مرتفعا بكثير عن مستواه قبل عام عندما بلغ 744 حفارا مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج مع توقعات بأن أسعار الخام في 2018 ستكون أعلى من السنوات السابقة. لكن منذ حزيران (يونيو)، استقر عدد حفارات النفط في الغالب حول 860 حفارا مع انهيار أسعار الخام في منطقة بيرميان في غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو بسبب نقص في البنية التحتية لخطوط الأنابيب اللازمة لنقل مزيد من الوقود إلى خارج المنطقة، وبيرميان هو أكبر حقل للنفط الصخري في الولايات المتحدة. وقال جوردون جراي مدير أبحاث سوق النفط والغاز في "إتش.إس.بي.سي"، "إن العوامل الأساسية لسوق النفط تدعم على نحو متزايد أسعار الخام، على الأقل عند المستويات الحالية.. وفي حين لا نتوقع صراحة أن يرتفع برنت إلى 100 دولار للبرميل فإننا نلحظ مخاطر حقيقية بأن يحدث هذا. وهناك حاجة بالفعل إلى معروض أعلى بكثير من منتجين مثل السعودية - والمستويات المتدنية من الطاقة الفائضة المتبقية - تجعل المنظومة العالمية منكشفة انكشافا كبيرا على أي تعطيلات كبيرة أخرى". وأظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي، أن "مخزونات الخام في الولايات المتحدة تراجعت 8.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم السابع من أيلول (سبتمبر) إلى 395.9 مليون برميل، في حين خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لإنتاج البلاد من الخام خلال العامين الحالي والمقبل، بينما رفعت توقعاتها لأسعار الخام". وأشارت إدارة معلومات الطاقة في تقرير النظرة المستقبلية للطاقة قصير الأجل، إلى أن "متوسط إنتاج الخام في الولايات المتحدة سيبلغ 10.66 مليون برميل يومياً في العام الحالي بانخفاض 0.2 في المائة عن توقعات الشهر الماضي". وقلصت الإدارة الأمريكية تقديرات إنتاج الخام الأمريكي خلال عام 2019 إلى 11.18 مليون برميل يومياً بانخفاض 1.8 في المائة عن التقديرات السابقة. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يصل سعر الخام الأمريكي "نايمكس" إلى 67.03 دولار للبرميل هذا العام بزيادة 1.2 في المائة عن تقديرات آب (أغسطس) الماضي على أن يسجل 67.36 دولار للبرميل في العام المقبل وهو ما يمثل ارتفاعا 4.7 في المائة عن التوقعات السابقة. ورفعت إدارة معلومات الطاقة توقعاتها لسعر خام "برنت" القياسي إلى 72.84 دولار للبرميل لعام 2018، بزيادة 1.5 في المائة عن تقديرات الشهر الماضي. وزادت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، بأكثر من توقعات المحللين. وأظهرت البيانات أن مخزونات الغاز الطبيعي صعدت بمقدار 86 مليار قدم مكعبة في الأسبوع المنتهي في 14 أيلول (سبتمبر) الجاري لتصل إلى 2722 مليار قدم مكعبة. وكانت تقديرات المحللين تشير إلى أن مخزونات الغاز الطبيعي الأمريكي سترتفع بمقدار 81 مليار قدم مكعبة في الأسبوع المنقضي. أما على أساس سنوي، فشهدت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة تراجعاً قدره 672 مليار قدم مكعبة في الأسبوع الماضي مقارنة بنفس الفترة من عام 2017
مشاركة :