د. فتحي حسين يكتب: إعلام الحكومة والاتفاقات المهدرة

  • 9/24/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بسبب الخسائر الفادحة التي تتكبدها الدولة في العديد من المؤسسات الصحفية ومبنى ماسبيرو وبعض القنوات التي تشارك الحكومة فيها أو تمتلكها وتلتزم بدفع رواتب العاملين فيها من صحفيين وعمال وإداريين ومذيعين بهذه القنوات والصحف القومية التي أصبحت جميعها الآن "دون استثناء" عالة على الدولة التي عليها أن تستقطع من المال العام لتوفير رواتب مؤسسات فشلت في إدارة نفسها وتحقيق أرباح تفي برواتب والتزمات صحفييها وعمالها!وفي نفس الوقت فشلت الدولة في إيجاد حلول لهذه المعضلة والازمة التي وضعت نفسها فيها دون أن تتوصل الى مخرج لها حتى الآن إلا أنها تطرح مبادرات لا يقبلها عقل ولا منطق مثل رفع سعر الجريدة دون تغيير في المضمون! الأمر الذي يؤكد استمرار التكلفة الاقتصادية الكبيرة لإعلام الدولة والحكومة مع مرور الوقت ومع الارتفاع الجنوني في الأسعار والتزامات الحياة لأسر العاملين في مؤسسات الإعلام الحكومي وأصبحت الحكومة في حيرة وتضرب أخماس في أسداس مع نهاية كل شهر من أجل تدبير وتوفير رواتب الصحفيين في الصحف القومية على سبيل المثال والأمر نفسه يحدث في ماسبيرو المبني العملاق الذي يضم عمالة تفوق المطلوب فعلا لتشغيل وإدارة المبني!فنحن لدينا في مصر اكثر من ٦٥٠ صحيفة ما بين يومي واسبوعي وشهري ودوري وعددنا اكثر من ١٠٠ مليون مواطن بينما اجمالي توزيع هذه المطبوعات بالكامل ٦٠٠ الف نسخة اي اقل من ١٪ من الشعب! في حين لدينا ٥٦ صحيفة مملوكة للمؤسسات الصحفية الحكومية وهي صحف تخسر بنسبة ١٠٠ ٪! وتراكمت عليها الديون بشكل كبير منذ إدارة مكرم محمد احمد للمصور ومؤسسة دار الهلال وتركها مكبلة بديون عديدة لصالح البنوك وهناك مؤسسة الاهرام التي تحصل علي باقي رواتب العاملين بها وهم ١٥ الف صحفي وعامل اداري من الدولة ومؤسسة الاخبار والتحرير وروزاليوسف على نفس المنوال!الأمر الذي جعل الدولة تفكر في رفع أسعار بيع الإصدارات الصحفية ولكن الأمر فشل لأن هذا يعني التبكير بموت الصحافة الورقية! والدولة أنفقت على الاعلام "ولا تزال" دون تحقيق الأهداف المرجوة منه!ربما كانت حروب الجيل الرابع التي تشهدها كل دول العالم حاليا وتستهدف زعزعة استقرار الدول، هي السبب في اتخاذ الحكومة هذه الخطوات في تملك بعض القنوات الفضائية والصحف الخاصة بجانب الصحف القومية الحكومية لاجل الحفاظ علي الدولة واستقرارها في ظل حربها ضد الارهاب منذ السنوات الأربعة الاخيرة حتى الآن الامر الذي يلزم الجميع بالوقوف بجانب القيادة السياسية والقوات المسلحة يدا بيد.. كما أن الصحافة الورقية في طريقها للاندثار بسبب كونها اتجاه عالمي فقد اعلنت الولايات المتحده الامريكية أن عام ٢٠٤٥ هو موعد نهاية الطبع الورقي فيها!كما أن تقبل الصورة التكنولوجية ليس امرا اختياريا، فهي التي تفرض نفسها علي للجميع ، ولم يعد هناك مجتمع قابل للعزلة فكل هذا التطور الذي شهده الاعلام حدث خلال الـ٢٠ عاما الاخيرة وربما ستشهد السنوات المقبلة تغيرات اكبر في شكل الاعلام بالكامل لاسيما بعد ظهور قنوات عديدة علي شبكة الانترنت.ولكن في تصوري أن المخرج لهذه المعضلة التي تعاني منها الحكومة هي السماح بالتنوع والتعدد والحرية الاعلامية والصحفية بضوابط ومسؤلية ،مع الايمان الشديد بوطنية جميع الاطراف بأننا مصريون نعمل لاجل الوطن، مع تسيد اعلام الخدمة العامة المستقل عن الحكومة الي جانب اعلام خاص حقيقي ربما سيمثلان طوق النجاة للاعلام المصري ولابد من منع تدخل اصحاب للقنوات الفضائية والصحف في السياسة التحريرية ودعم نقابة الصحفيين وجمعيتها العمومية واستقلال هيئات الإعلام الثلاثة عن الدولة وانتخاب أعضاءها وتغيير التشكيل الحالي بان تكون الكفاءة والمهنية هي معايير الاختيار وليس الصفة بان يكون مثلا ممثل عن كذا وكذا.. وقتها أظن "وليس كل الظن اثم" أن الحكومة ستجد مخرجا من كبوتها الحالية.

مشاركة :