تيار هلامي اسمه العلمانية، فإن النعت با العلماني للمسلم، أكد لي بشكل أقوى، أننا نعاني في حياتنا الفكرية من الفوضى في استخدام المصطلحات، الأمر الذي يجعلنا نسقط في الخطأ والتناقض . ولا يستطيع أكبر مفكر أو” بهلوان” في العالم أن يستطعم وصف بجمع النقيضين مثل وصفك لأحد: بأنه مسلم وعلماني معاً. لأن وصفك له بالمسلم ينفي تلقائياً علمانيته. والعكس أيضاً حين تقول عن شخص علماني بأنه مسلم. فمسلم يعني متدين…. وعلماني هي نقيض ذلك. ولكنك تستطيع أن تتجاوز هذا التناقض قليلاً إذا نقلت هذا إلى حقل الفكر السياسي. إلا أن من يطلقون هذه الصفة – وهم في الغالب ممن ينسبون أنفسهم لما يسمى زوراً بالإسلام السياسي- على من يختلفون معهم في الرأي والاجتهاد إنما يستخدمون المفهوم الفلسفي، دون علم أو وعي منهم بهذا. وعليه اقترح عليهم أن يطلقوا على دعاة الإصلاح والتطوير مصطلح العقلانيين، فهو إلى حدٍ ما أقرب إلى توجهاتهم الفكرية، أو أن يسمونهم التنويريين. لأن مفهوم العالماني ومصطلحه ليسا من اختراعهم حتى يتصرفون فيه كما شاءوا، وإنما هو محدد ومضبوط في آفاقه العلمية. و أعتقد أن مسألة العقل والعقلانية قد تطرق لها الفيلسوف المسلم القاضي ابن رشد، فعليهم بقراءته، وقراءة مؤلفات الإمام الشاطبي، حتى يثروا ثقافتهم الإسلامية فكرياً ليتبنوا مواقع أقدامهم، بدلاً من هذا التخبط الفكري، والتردد الببغائي لمقولات ومصطلحات لا يعرفون معانيها ويجهلون أصولها ومدلولاتها.
مشاركة :