إعداد: محمد هاني عطوي على جزيرة «باين» الواقعة في الجهة الغربية من القارة القطبية الجنوبية، تحدث حركات في صهارة القشرة الأرضية تنبئ عن وجود بركان نشط أو يكاد يصبح كذلك، ويقع على عمق ربما يزيد على كم واحد تحت الجليد، ويمكن لهذا البركان أن ينبثق في أي لحظة، لكن هناك فرصة ضئيلة حال ثورانه أن يحدث اختراق في الغطاء الجليدي، إلا أن الحرارة المنطلقة ربما تسرع من انزلاقه، وبالتالي المساهمة في رفع مستوى المحيطات.قارة أنتاركتيكا مغطاة بطبقة من الجليد تبلغ نسبتها حوالي 98% ويبلغ سمكها 1.2 كم في المتوسط، لكن ذلك لم يمنع ظهور بعض البراكين في الماضي، وهناك على أرض «ماري بيرد» الواقعة في الجزء الغربي من القارة سلسلة بركانية مرئية على السطح تمتد بشكل خطي على طول محور شمالي جنوبي، مع العلم بأن عمر البراكين التي تشكلها يتناقص في هذا الاتجاه.وفي الطرف الشمالي مما يعرف بالإنجليزية باسم Executive Committee Range، تقع قمة «ويتني بيك» المكونة من خمسة براكين، والتي ظهرت منذ 13.7 إلى 13.2 مليون سنة، في حين أن جبل «ويسش» خرج من الأرض قبل أقل من مليون سنة في الطرف الجنوبي، ومنذ ذلك الحين لم يتم العثور على أي دليل يشير إلى وجود نشاط صهاري (ماجما) محتمل إلى أن أنشأ العلماء شبكة لرصد الزلازل في الفترة ما بين عامي 2007 و2010 هدفها الرئيسي جمع معلومات عن حركة الألواح الضالعة في تشكيل وتوسيع الصدع العظيم في القطب الجنوبي الغربي، وفي الكشف عن أشياء أخرى كالبراكين مثلاً.في يناير وفبراير 2010 ومارس 2011، سجلت أجهزة الكشف إشارتين زلزاليتين تتميزان بموجات بطيئة بشكل مدهش تعرف ب P و S. أثارت اهتمام الباحثة أماندا لوف، وزملائها وقرروا على الفور استخدام أجهزة قياس الزلازل لتحديد مصدر الاهتزاز وسببه، وقد ظهرت نتائج ما توصلت إليه هذه الباحثة في جامعة واشنطن في سانت لويس (الولايات المتحدة الأمريكية) ونشرتها في مجلة «نيتشر جيوساينس»؛ إذ ثمة بركان نشط غير معروف أوعلى وشك أن يصبح كذلك ويقع على عمق يزيد على كم واحد تحت الجليد، وتوصلت الباحثة إلى أن الموجات الزلزالية ولدت على عمق يتراوح بين 25 و40 كم، وعلى بعد حوالى 55 كم جنوب جبل «الواش»، لكن الغريب أن هذا الموقع يوجد تماماً عند ما يعرف باسم Executive Committee Range؛ حيث من المتوقع رؤية بركان جديد يظهر في ووفقاً للعلماء يمكن أن يحدث ثوران بركاني في أي لحظة، لكن فرصه ضئيلة لإذابة طبقة الجليد السميكة التي تعلو البركان والبالغ سمكها باين 1.2 و2 كم في بعض الأماكن، لكن بالطبع هذا لا يعني أن الانفجار سيكون بلا عواقب، فالحرارة المتولدة جراء تحرر الحمم (اللافا) يمكن أن تذوب طبقة الجليد من الأسفل ما من شأنه أن يولد الكثير من الماء، ويعمل بالتالي على تليين الحركة الهابطة للجليد نحو المحيطات بشكل غير عادي، فإذا ما اندلع البركان فمن الممكن أن يساهم في رفع مستوى سطح البحار بنسبة لا يزال يتعين تحديدها.يرى الباحثون القائمون على هذا الكشف أنه من خلال تتبع الغازات النادرة الذائبة في المياه، كانوا يأملون ببساطة فهم دور المحيط في ذوبان الجرف الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، لكنهم لم يتوقعوا أبداً العثور على كميات كبيرة نسبياً من الهليوم - 3 على الجبل الجليدي الواقع على جزيرة باين، خاصة أن هذا الغاز مؤشر مهم على وجود البراكين، ووفقاً للقياسات التي أجريت فإن الحرارة البركانية التي يمكن وصفها بأنها نشطة تزيد 25 مرة عما يمكن أن يتوقعه المرء من بركان خامد، وإذا ما علمنا بأن الطبقة الجليدية في المنطقة القطبية الجنوبية الغربية تنام فوق نظام بركاني، فإن آخر أثر لنشاط ما يعود إلى حوالي 2200 عام، لكن هل يفسر مصدر الحرارة هذا الذوبان السريع لهذا الجزء من المرتفع الجليدي؟ يؤكد الباحثون أن هذا غير وارد. مصدر الحرارة عن تأثير الاحترار العالمي في ذوبان الجليد تقول برايس براس اختصاصية المحيطات في جامعة «رود آيلاند» في الولايات المتحدة الأمريكية: هناك الكثير من الأدلة تشير إلى أن هذا الاحترار هو الذي يسبب معظم ذوبان الجليد، وأنه من السابق لأوانه التعليق على تأثير مصدر الحرارة هذا على ذوبان الجليد في المنطقة، لأننا لا نزال لا نعرف توزيعه الدقيق.
مشاركة :