تونس: المنجي السعيداني فند سليم شيبوب، صهر زين العابدين بن علي الرئيس التونسي السابق، اتهامات لطفي بن جدو وزير الداخلية في حكومة علي العريض بوجود أمن مواز يعمل داخل الوزارة لصالحه. وقال أمس لإذاعة «موزاييك إف إم» إن تصريحات بن جدو «غير جدية». وأضاف شيبوب أنه لم يجر أي اتصال من أي نوع بأي إطار أو عون أمن منذ خروجه من تونس. وطالب وزير الداخلية في لهجة واثقة بالكشف عن أي اتصال من أي نوع مع مسؤولي وزارة الداخلية. وأنهى شيبوب تدخله بالإشارة إلى الاحترام الكبير الذي يكنه لوزير الداخلية لماضيه كحاكم تحقيق، وتفادى الإشارة إلى ما حققه خلال الفترة الماضية على رأس إحدى أهم الوزارات السيادية. وكان اعتراف لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسي، بوجود «أعوان داخل وزارة الداخلية يدينون بالولاء لأشخاص مثل شيبوب في السابق وبعض الأحزاب الموجودة حاليا» قد أثار ردود فعل مختلفة بين محي للوزير على جرأته وشجاعته في التعاطي مع هذا الملف الذي أنكرته أكثر من حكومة تونسية، وشاجب لهذا الاعتراف الذي ينيط اللثام عن مشاكل ما زالت تطال أجهزة الأمن التي، كما جاء على لسان بعض قيادات أحزاب المعارضة، لم تستطع التخلص من منظومة التعليمات. وأعادت إثارة موضوع الأمن الموازي في وزارة الداخلية الجدل إلى المربع الأول، وأعيدت صياغة الاتهامات التي وجه البعض منها إلى الأحزاب الحاكمة، حيث اتهمت حركة النهضة بتعيين مسؤولين بالوزارة يأتمرون بأوامرها، وطال جزء من تلك الاتهامات بعض أحزاب المعارضة. ونفى بن جدو، في جلسة مساءلة قبل يومين أمام البرلمان التونسي، وجود أي أمن مواز موال لأي جهة. وقال إن وزارة الداخلية محايدة وتنشط بعيدا عن حلقات التجاذب السياسي، وإن أجهزة الأمن نفسها سعت إلى تطهير مكاتبها وأبعدت كل طرف اكتشفت عدم ولائه للمؤسسة الأمنية. واتهم بن جدو الأعوان الموالين للأحزاب وبعض السياسيين السابقين بتسريب وثيقة التحذير حول اغتيال محمد البراهمي يوم 25 يوليو (تموز) الماضي. وفي هذا الشأن، قال عبد الحميد الشابي، عضو اتحاد النقابات المنتخبة لقوات الأمن الداخلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تزامن إثارة موضوع الأمن الموازي كلما حدث طارئ على غرار حادثي اغتيال بلعيد أو البراهمي أو تسريب وثيقة التحذير من اغتيال البراهمي، يصب في صالح الأطراف التي لا تعمل على استقرار تونس والقائمة طويلة في هذا المجال. واتهم بعض الأطراف السياسية المتشددة من اليمين واليسار بالسعي إلى إضعاف المؤسسة الأمنية وضرب استقرارها والتشكيك في قدراتها على بسط الأمن والاستقرار، وهي التي ستكون على حد تعبيره مستفيدة من وضع سياسي غير مستقر. وبشأن الأمن الموازي، أشار الشابي إلى أن المؤسسة الأمنية نفسها في مرحلة إعادة هيكلة وبناء على غرار كل مؤسسات الدولة. وأضاف موضحا «من غير المستبعد أن تكون هناك أطراف أمنية غير راضية عن التغيير الحاصل على مستوى المسؤوليات الأمنية، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يرقى إلى حد تشكيل أمن مواز، ففي ذلك مغالطة كبرى للتونسيين»، على حد قوله. وذكر محافظ أمن عانى من نظام بن علي وتواصلت معاناته بعد الثورة، لـ«الشرق الأوسط»، تعرض فرحات الراجحي وزير الداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي إلى هجوم عنيف كاد يودي بحياته، وقال إن ذلك كان مؤشرا على صعوبة قيادة وزارة الداخلية من قبل أطراف ليسوا على اطلاع كامل على ما يعرف بـ«العقيدة الأمنية». وأشار إلى وجود سلسلة من المعاملات والسلوكيات التي لا يمكن أن تجدها إلا في الوسط الأمني، وهي غير قابلة في معظم الأحيان للتغيير اليسير، ولهذا الأمر سعت الحكومة إلى إحالة مجموعة كبيرة من القادة الأمنيين إلى التقاعد الوجوبي، وانتدبت عناصر أمنية شابة وكونتهم وفق مبادئ وثقافة حقوق الإنسان حتى ترسي قواعد معاملات جديدة على حد تعبيره. وأنكر المصدر نفسه وجود أمن مواز بوزارة الداخلية التونسية، لكنه أشار إلى تواصل «مناطق نفوذ» بعض القيادات الأمنية داخل الوزارة حتى بعد عزلهم وإخراجهم من كرسي المسؤولية، وهذا ما يطلق عليه تسمية «الإدارة العميقة» التي لا يمكن للحكومات المتعاقبة أن تسيطر عليها في وقت وجيز وتتطلب سنوات من العمل وإعادة المحاولة. من ناحية أخرى، دعت نقابة الصحافيين التونسيين، في بيان لها أمس، كل الإعلاميين إلى الامتناع عن الإجابة على ممثل النيابة العمومية بالمحكمة التونسية إذا خالف التحقيق أو استنطاق المرسوم 115 لسنة 2011 المنظم لقطاع الإعلام. كما دعت إلى مقاطعة أنشطة رئيس الحكومة إلى حين إصدار الأمر الترتيبي المتعلق بإحداث اللجنة المستقلة لإسناد بطاقة الصحافي المحترف ومراجعة التعيينات على رأس مؤسسات الإعلام العمومي. وكانت نقابة الصحافيين التونسيين قد نفذت إضرابا عاما يوم 17 سبتمبر (أيلول) الحالي احتجاجا على محاكمة مجموعة من الصحافيين والتضييق على حرية التعبير، وهددت بالمناسبة نفسها بإمكانية التصعيد، ولوحت بتنفيذ إضراب لثلاثة أيام في حالة عدم الاستجابة لمطالبها.
مشاركة :