قضت محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في مصر، بإلغاء كل الأحكام الصادرة بحق المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية ماريوت»، والمتهم فيها ثلاثة من صحافيي قناة «الجزيرة»، من بينهم كندي وأسترالي الجنسية. وأمرت المحكمة، في جلستها المنعقدة أمس، بإعادة محاكمتهم أمام دائرة محكمة جنايات جديدة، وذلك في التهم المنسوبة إليهم، وعلى رأسها التحريض على ارتكاب أعمال عنف في البلاد، ومساعدة منظمة إرهابية. وكانت محكمة جنايات الجيزة قد أدانت، في يونيو (حزيران) من العام الماضي، المتهمين بارتكاب جرائم التحريض على العنف في البلاد من خلال قناة «الجزيرة»، واصطناع مشاهد وأخبار كاذبة وبثها عبر القناة القطرية. وقضت المحكمة بمعاقبة المتهمين الهاربين جميعا وعددهم 11 متهما حوكموا غيابيا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، ومعاقبة 7 متهمين محبوسين بصفة احتياطية على ذمة القضية بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، ومعاقبة أحد المتهمين الصادر بحقهم عقوبة السجن المشدد 7 سنوات بعقوبة إضافية عن تهمة ثانية بحقه بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه 5 آلاف جنيه، وببراءة متهمين اثنين آخرين. وجاء حكم النقض أمس مقصورا على المتهمين المحكوم عليهم السبعة الذين يقضون عقوبة السجن، حيث يحدد القانون إجراءات مغايرة بالنسبة للمتهم الهارب المحكوم عليه والذي تعاد إجراءات محاكمته أمام محكمة الجنايات مباشرة عقب القبض عليه أو تسليمه لنفسه. وتضمن الحكم إلغاء الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات بالسجن المشدد بحق 7 متهمين، من بينهم صحافيان بقناة «الجزيرة الدولية» (الإنجليزية)، وأمرت المحكمة بإعادة محاكمتهم من جديد أمام إحدى دوائر محاكم الجنايات غير التي أصدرت حكمها بالإدانة سابقا. وكانت السلطات قد ألقت القبض على المتهمين يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) 2013 في فندق «ماريوت» بالقاهرة، والذي كانا يعملان من غرفة فيه، وعرفت القضية إعلاميا بـ«قضية ماريوت». وتزامن الحكم، أمس، مع تحسن ملحوظ تشهده العلاقات المصرية - القطرية، عبر واسطة سعودية، ترتب عليه غلق قناة «الجزيرة مباشر مصر»، الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين. والمتهمون السبعة هم: محمد فهمي (صحافي بـ«الجزيرة» يحمل الجنسية الكندية)، وباهر محمد غراب (صحافي بـ«الجزيرة»)، وصهيب سعد محمد (طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة مدينة الثقافة والعلوم)، وخالد محمد عبد الرؤوف (طالب بكلية الإعلام جامعة القاهرة)، وشادي عبد الحميد إبراهيم (طالب بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس)، وخالد عبد الرحمن (مدير مبيعات بشركة لصناعة الورق)، وبيتر غريستي (أسترالي الجنسية - موظف بقناة «الجزيرة»). وناشدت دول غربية السلطات المصرية الإفراج عن الصحافيين، ودعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، في تصريح سابق، الحكومة المصرية إلى مراجعة الأحكام الصادرة بحق الصحافيين. كما عبرت وزيرة الخارجية الأسترالية جوليا بيشوب عن استيائها من الحكم بالسجن 7 سنوات على الصحافي غريستي. وجاء في نص حكم النقض الذي أصدرته المحكمة برئاسة المستشار أنور جابري، أمس، أن «المحكمة قضت بقبول الطعن المقدم عن السبعة متهمين شكلا، وفي الموضوع نقض الحكم وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة مغايرة لإعادة محاكمة المتهمين أمامها». واستمعت المحكمة أمس إلى مرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين، والتي طالبت بإخلاء سبيل المتهمين المحبوسين على ذمة القضية بكفالة مالية، حتى وإن اقترن ذلك بإجراء احترازي آخر يتضمن منعهم من السفر حتى الانتهاء من القضية تماما. وقال الدفاع إن حكم الجنايات الصادر بالإدانة «أجرى ربطا غير سليم» بين قناة «الجزيرة الدولية» (الناطقة باللغة الإنجليزية) وبين جماعة الإخوان، حيث اعتبرت المحكمة أن كل من يعمل بتلك القناة هو بالضرورة من عناصر جماعة الإخوان، مؤكدا أن هذا الأمر غير صحيح ولا دليل عليه في الأوراق. وأكد الدفاع أن المحكمة لم تستظهر الركن المادي للاتهام المسند إلى المتهمين، والمتعلق بالانضمام إلى جماعة وتنظيم تم إنشاؤه بالمخالفة لأحكام القانون أو مساعدة هذه الجماعة. وكانت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا قد كشفت أن عددا من المتهمين هم من أعضاء تنظيم الإخوان، وأمدوا الجماعة بأموال وآلات بغية إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وإثارة الفتنة بين المواطنين، علاوة على بثهم لمعلومات وأخبار كاذبة بصورة متعمدة، مستهدفين خلق صورة غير حقيقية عن الأوضاع التي تمر بها البلاد، والإيهام دوليا بأن مصر تشهد اقتتالا وحربا أهلية. وأشارت التحقيقات إلى أن المتهمين جميعا أمدوا جماعة تم تأسيسها على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية، بأن أمدوا الجماعة موضوع الاتهام الوارد بالبند الأول من الاتهامات بأموال ومهمات ومعدات وآلات ومعلومات، مع علمهم بما تدعو إليه ووسائلها في تحقيق ذلك. من جهتها، طالبت شبكة «الجزيرة» القطرية السلطات المصرية بتسريع إجراءات إعادة محاكمة صحافييها الثلاثة. ونقلت القناة، في بيان لها أمس، عن محامين قولهم إن إعادة المحاكمة قد تستغرق ما بين 12 و18 شهرا، مطالبة السلطات المصرية بتسريع الإجراءات. وأشار بيان «الجزيرة» إلى تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن استخدام صلاحياته بموجب الدستور المصري للإفراج عن الصحافيين عن طريق العفو الرئاسي، وأنه من شأن قرار العفو أن يطبق على جميع الصحافيين المحبوسين.
مشاركة :