هيمنة وادي السيليكون بين رف الكتب

  • 9/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتاب الصحافي الفرنسي فيليب فيون دوري، المتخصص في الأنماط الاقتصادية الجديدة والتكنولوجيات الحديثة، "الرق الإرادي الجديد" عبارة عن بحث في المشروع السياسي لوادي السيليكون، منطقة استثمارية تقنية أميركية؛ تعتبر العاصمة التقنية في العالم لاستضافتها المقرات الرئيسية لآلاف الشركات العملاقة العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، ومنها تنطلق مشاريع وأفكار عملاقة وخطط وأبحاث مستقبلية تقنية، تهدف إلى تغيير العالم، بالاستيلاء على أغلب ملامح حياتنا اليومية، من خلال التنبؤ اللوغاريتمي، جعل الإنسان شفافا غير مادي، إذ ناب الاستباق والتكهن والتعديل عن الابتكار والتطور، فلم يعد المقصود ثورة رقمية بل مشروعٌ سياسي، إذ إن التكنولوجيا باتت حمالة لأيديولوجيا ومشروع حضاري، تهدف إلى خلق مجتمع رقابة يفقد فيه الفرد والجماعة السيطرة على مصائرهم، فينقاد إلى رق إرادي جديد. الغرب في مواجهة الصين الصين قوة ثقافية وأيديولوجية تمثل تحديا جادا للغرب وديمقراطيتهالصين قوة ثقافية وأيديولوجية تمثل تحديا جادا للغرب وديمقراطيته لأول وهلة، يخيل لقارئ "الغرب أمام نهضة الصين" للمصرفي وأستاذ علم الاقتصاد كلود مايير أن بين يديه دليلا في المسائل الاقتصادية، فإذا ما مضى قُدما اكتشف رسالة في الفلسفة المقارنة بين الشرق والغرب، يرسم الكاتب من خلالها أسس القوة الاقتصادية الصينية دون أن يغفل عن هناتها، ويحلل الزواج الغريب المحتفى به في بيكين بين لينين وكونفوشيوس. ذلك أن الصين ليست قوة اقتصادية وجيوسياسية عظمى فقط بل هي أيضا قوة ثقافية وأيديولوجية تمثل تحديا جادا للغرب وديمقراطيته، يضع الطرفين في موضع تنافس شرس قد يؤدي إلى صدام ثقافات. ومن ثمّ فغاية الكتاب هي تحليل مطامح الصين الكونية لا محالة، ولكنها مشفوعة بدعوة إلى حوار غربي صيني يمكن أن يفرز القيم المشتركة التي يتأسس عليها تعاون طموح لجعل الحياة أكثر أمانا في هذه العالم المضطرب، المسكون بالحيف والتفاوت والعنف. السبيل إلى مقاومة أيديولوجيا داعش الدولة الإسلامية صارت في عداد الماضي، والخلافة لم تكن سوى حدث عارض، فالهزيمة العسكرية التي منيت بها حطمت وحدتها التنظيمية، ولكن ذلك لا يعني زوال داعش والتهديد الجهادي، فلئن كانت الهزيمة تعني إقناع الخصم وقبوله بها، فإنه من الصعب في واقع الحال إقناع خصم لا تني أيديولوجيته تتمكن من النفوس رغم تكبده خسائر فادحة وفقدانه الأراضي التي كان يحتلها، لأن الموت نصر كما قال الناطق الرسمي السابق باسم داعش، وأنصاره لا يعترفون بالهزيمة . ومن ثَمّ فنهاية الدولة الإسلامية لا تعني نهاية الظاهرة الجهادية، والخطر الإرهابي سيظل قائما رغم زوال الخلافة، وسوف يجد منبعه في بروباغندا التطرف ومساره. ذلك ما يستخلصه إدوار فوييار خبير الاستراتيجيا الدولية بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في كتابه "بعد داعش، الحرب الأيديولوجية تستمر"، ويوصي بضرورة الكف عن التأويلات النفسانية للإرهاب، ومحاولة فهم الخطاب الجهادي عقلانيا للإجابة عن الأسئلة التالية: كيف يشرّع الجهاديون عنفهم؟ ما هي حججهم على الخطاب الغربي؟ كيف يمكن أن يتطور التهديد في المستقبل القريب، وما هي السبل السياسية والتيولوجية لمواجهته؟ ذكريات مو يان قصصيا عالم لا يعدم عواطف نبيلة وأحاسيس دافئةعالم لا يعدم عواطف نبيلة وأحاسيس دافئة اشتهر الكاتب الصيني مو يان، المتوج بجائزة نوبل للآداب سنة 2012 برواياته أمثال "مطر في ليلة ربيعية"، "خطة فول الصويا"، مخدع من البلّور"، "النجار"، "ثلاث عشرة خطوة"، "ضفادع"، مثلما اشتهر بقصصه القصيرة أمثال "النهر والغلطة"، "الذرة الحمراء الرفيعة"، "أغنيات الثوم" و"كلب أبيض وأرجوحة". في مجموعته هذه، التي صدرت ترجمتها الفرنسية مؤخرا عن دار سوي، يحملنا الكاتب إلى مناخاته المعتادة، في كانتون شمال شرق غاومي، وعالم لا يعدم عواطف نبيلة وأحاسيس دافئة برغم العنف والفظاظة والقسوة التي تسوده، ويعود بنا إلى مرحلة طفولته وصباه ليروي حكايات تمتزج فيها الاستعارة بالأسطورة، والجد بالهزل، والتراجيدي بالكوميدي، في أسلوب شائق ولغة مقتصدة تقول ما ينبغي قوله، يدفع القارئ إلى تمثل الواقع الصيني الراهن، الذي يخالط فيه التقدم العلمي المذهل حكما سياسيا مستبدا ومشاكل مجتمعية لا تختلف في شيء عن مشاكل البلدان النامية. أمام المصير المحتوم "مسلخ الزجاج" عنوان الرواية الجديدة للكاتب الجنوب إفريقي جون ماكسويل كويتزي المتوج بنوبل عام 2003، ويسرد فيها سيرة كاتبة تواجه شيخوختها بشجاعة، وتلاحظ في هدوء غريب تدني ملكاتها الذهنية، وترى أبناءها وبناتها من حولها يحثونها على ترك أستراليا حيث تقيم، (وحيث يقيم الكاتب أيضا) للالتحاق بهم، غير أنها ترفض الاستجابة لطلبهم وتفضل مواجهة مصيرها في كنف الحرية والاستقلالية والوحدة، وتتساءل حتى النهاية، وبلا توقف، عن معنى وجودها نفسه، والطبيعة العميقة لإنسانيتنا. من خلال سبع لوحات روائية، يرسم كويتزي بورتريه سيدة، ودرسا أدبيا مكثفا وموجزا، في لغة راقية ممتعة، يلامس بواسطتها تساؤلاتنا المعقدة والكونية: "ماذا يتبقى منا إذا رحلنا؟ وماذا ننقل إلى الباقين؟" ولكنها دون مستوى رواياته السابقة، أمثال "في انتظار البرابرة"، "الخصم"، "الحديد"... الأدباء والرسائل الجامعية المعطلة في سلسلة "مكتبة الأفكار" التي تصدر عن غاليمار، نشر الباحث شارل كوستي كتابا عنوانه "نقائض" يجمع بين الجدة والطرافة، يستعرض فيه التجربة التي عاشها كل من مالارمي وشارل بيغي وجان بولهان وسيلين ورولان بارت في إعداد رسائل دكتورا، في بلد يعتبر الأطروحة جنس كل الدراسات الأكاديمية. ويذكر بأن عدة كتاب فرنسيين كبار شرعوا منذ أواسط القرن التاسع عشر في إعداد أطروحات تخرج عن مألوف الدراسات الأكاديمية، مثل مالارمي الذي بدأ رسالة في اللسانيات لكي يستعيد توازنه بعد أزمة وجودية، وبيغي الذي كتب رسالة كانت عبارة عن شتيمة مسهبة للسوربون، وبولهان الذي تاه في مسوداته طيلة خمسة وثلاثين عاما دون أن يبلغ مرامه، وسيلين الذي عرض على اللجنة العلمية سيرته الذاتية تحت قناع سيرة طبيب مجري، وبارت الذي كان يؤكد أن الرسالة ينبغي أن تكون جسدا إيروسيا. والكتاب في مجمله سرد تاريخي يلتقي فيه الأدباء والجامعيون ويتنافسون، فالكتاب الذين يعرض كوستي تجاربهم، حين يبثون في تلافيف أطروحاتهم نصائحهم بخصوص الكتابة، إنما يضعون المعايير والأشكال الأكاديمية موضع مساءلة.

مشاركة :