أربيل - (أ ف ب): انتخب إقليم كردستان العراق أمس الأحد برلمانا جديدا، بعد عام من استفتاء على الاستقلال انعكست تداعياته سلبا على منطقة الحكم الذاتي التي تكافح اليوم لتحسين اوضاعها الاقتصادية. وتأتي هذه الانتخابات التشريعية عشية الاستحقاق الكبير للأكراد في بغداد، حيث ينتخب البرلمان الاتحادي اليوم الاثنين رئيسا للجمهورية، المنصب المخصص للأكراد في العرف السياسي منذ 2005. ودعي للمشاركة في هذه الانتخابات التي استمرت حتى الساعة 18:00، نحو ثلاثة ملايين ناخب، لاختيار 111 نائبا في برلمان كردستان من أصل 673 مرشحًا ينتمون إلى 29 كيانًا سياسيا. ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية خلال 72 ساعة، بحسب تأكيد المفوضية العليا للانتخابات في الإقليم لوكالة فرانس برس. ولكن حتى منتصف النهار، لم تتجاوز نسبة المشاركة 16% في أربيل، 20% في دهوك، و9% في السليمانية، بحسب مفوضية الانتخابات. وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس في محافظتي السليمانية وأربيل عن حوادث محدودة، حين حاول مسلحون الإدلاء بأصواتهم من دون تقديم أوراق ثبوتية. في السليمانية نفسها، أكد باهر غريب لفرانس برس أن الانتخابات «لن تفعل شيئا للشعب». وأضاف أنه منذ إعلان الحكم الذاتي في 1991 لم يقدم المسؤولون الأكراد «غير الهموم والنزاعات والمشاكل». ومثله بلال ستار الذي امتنع عن التصويت، معتبرا أن «هناك تزويرا، وبالتالي صوتي لن يصل إلى مكانه. وحتى لو أدليت بصوتي فإن الحكومة الجديدة لن تقدم شيئا، ولهذا تقل نسبة التصويت أكثر وأكثر». ورغم أن إقليم كردستان حظي بصلاحيات سياسية واسعة بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين في 2003، فقد تمكن أيضا من السيطرة على أراض وموارد نفط في خضم الفوضى التي خلفها اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية شمال البلاد في عام 2014. لكن كل تلك الأراضي، استعادتها القوات الاتحادية خلال أيام الخريف الماضي ردا على إجراء الإقليم استفتاء خلافا لرغبة بغداد والمجتمع الدولي، رغم التصويت بغالبية ساحقة (93%) بـ«نعم». وأكثر من ذلك، فقد سيطرت بغداد على الحقول النفطية لكركوك قاضية على كل أمل بدولة مستقلة. وكانت حقول كردستان النفطية تنتج 600 ألف برميل يوميا تصدر 550 ألفا منها يوميا عبر ميناء جيهان التركي. ومع خسارة كركوك خسر الأكراد نصف إنتاج الذهب الأسود. وطالما كان إقليم كردستان العراق مقصدا للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. لكن اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للبلاد في عام 2014، ووصوله إلى أبواب أربيل كبرى مدن الإقليم وتراجع أسعار النفط، والفساد، وقرار بغداد بوقف المساهمة في ميزانية المنطقة، وحرمانها من 80 في المائة من إيراداتها، شكل ضربة موجعة لاقتصاد الإقليم. ومع انهيار حلم الدولة، لم يبق أمام الإقليم إلا إعادة التفاوض على جزء من الموازنة الاتحادية، لإنقاذ ما أمكن في اقتصاد قائم على عائدات النفط، وحيث تثقل مؤسساته المحسوبيات التي تمارسها الأحزاب الكبيرة التي تتقاسم السلطة في كردستان منذ سقوط نظام صدام حسين.
مشاركة :