فيلم «new years eve» يقدم الوصفة السحرية للعام الميلادي الجديد قبل ليلة رأس السنة الميلادية بيومين كانت ليلة باردة تلك التي أخذت فيها أقلب محطات التلفاز وما يشغلني كان أقوى من أن ألحظ شيئا في تلك القنوات "كنت أفكر في معنى أن يقبل الناس على عام جديد يقررون فيه قرارات جديدة دون أن يكون هناك تأمل لقرارات بائتة"، كنت أفكر في السؤال الذي ربما يشغل البعض: ماذا يجب عليّ أن أقرر قبل العام الميلادي الجديد والخروج من العام الماضي؟. وحدها الأشياء الكبيرة كانت تسيطر عليّ.. ولكني في العمق كنت أشعر بأنني متجمدة جدًا، في الحقيقة ولأول مرة لا أشعر برغبة في فعل أي شيء حتى أن أفكر كيف سأغادر العام الماضي. في تلك الأثناء وقعت على عرض للفيلم الأمريكي "new years eve" للمخرج الكبير جاري مارشل، وبمشاركة نخبة من نجوم هليوود اللامعين أهمهم "ميشيل فايفر، اشتون كوتشر، جيسيكا بيل، وهيكتور أليزوندو".. وآخرون. الفيلم في بدايته كوميدي رومنسي ويحكي استعدادا ضخما يتم قبل ليلة رأس السنة الميلادية بيوم.. فكيف سيكون هذا اليوم.. إنها قصص فردية لشخصيات في الفيلم تمارس حياتها بشكل اعتيادي ولكنهم يقررون في ليلة رأس السنة الميلادية أن يعدوا احتفالاتهم الخاصة وأن يرقبوا دخول العام الجديد في مدينة نيويورك" والتي تقوم بإطفاء الأنوار واشعال الساعة المضيئة في الثانية عشرة من منتصف الليل مع ارتفاع للكرة الضوئية الضخمة في السماء، وعلى الرغم من تلك القصص الفردية المتنوعة إلا أن كاتب الفيلم يحاول أن يسلط الضوء على لحظة واحدة قبل خروج العام الماضي والتي قد تحدث فيها معجزة أو أحداث غريبة تصل إلى الدهشة لدى أصحابها، انها التجارب الكثيرة من الحب بأشكال مختلفة فهناك من كان يعاني من قضية الحب المؤلم الذي توقف في العام الماضي ويتطلع أن يعود قبل بدء العام الميلادي الجديد، في حين شهد البعض لحظة ولادة لطفل يقبل على الحياة قبل العام الجديد بدقائق، وهناك من يصر على أن يقدم نجاحا باهرا في عمله بأن ينجز مايشعر بأن عليه أن يؤديه ليكون نجاحا بالشكل الكامل في ليلة رأس السنة، في حين يعيش البعض لحظة أمل في موعد مؤجل من العام الماضي ولكن لحظة حدوثه ستكون في الثانية عشرة ليلا من السنة الميلادية الجديدة.. في الوقت الذي يعيش البعض لحظة احتضار من يحب في الحياة، وعلى الرغم من جميع تلك القصص المتتابعة والتي عرضت في الفيلم بشكل تلقائي وممتع وسريع للكثير من الشخصيات؛ إلا أن من أكثر المشاهد التي أثرت بي في هذا الفيلم فكرة أن تعيش لحظة قبل السنة الميلادية الجديدة تشعر فيها بأنك حققت قرارات العام الماضي قبل أن يمضي وأن تعيشها مهما كلف الأمر حتى إن لم يتبق على مغادرة العام الماضي سوى دقائق.. فقد قدم تلك الفكرة في شخصية المرأة المسنة التي تبدو في سن الستين من عمرها والتي كانت غارقة في عملها المستمر دون أن تعيش لحظات لطالما حلمت أن تعيشها، فقد كانت تضع القرارات في كل عام جديد ولكنها لا تنفذ منها شيئا.. فتلتقي بشاب في سن العشرين مجنون ومهووس بالحياة يحاول أن يستدرجها لفخ من الاقناع الذكي في أن يساعدها على تحقيق قائمتها الطويلة من القرارات ليلة رأس السنة شريطة أن تمنحه تذاكر لحضور فيلم مميز يحلم هو ورفاقه أن يحضروه، فتوافق بتردد شديد.. فتعيش ليلة رأس السنة تلك القرارات والتي كان أهمها: أن ترتدي ثيابا جميلة تبدو فيها أنثى حقيقية وشابة، وأن تدخل مدن العجائب والجزر الخرافية، وأن تعيش الدهشة التي كانت من خلال أن تشعر بأن جسدها يطير في السماء وأن تقود الدراجة بصحبة شاب وسيم في وسط مدينة "نيويورك" فحاول ذلك الشاب أن يحقق لها جميع تلك الأمنيات.. لتعيش دهشتها الكاملة قبل ليلة رأس السنة وهي تردد بدهشة "من اليوم فصاعدا لن أؤجل قراراتي ".. فيلم new years eve" يعكس المعنى العميق لمفهوم مغادرة العام الماضي والاقبال على عام ميلادي جديد.. ذلك لن يحدث من خلال قرارات كبيرة بل ربما نستطيع أن نحققه من خلال الشعور بالمغفرة والتسامح والرحمة والمعجزة اليومية التي نعيشها نحن وقد لا تهم غيرنا.. أن تنفتح قلوبنا على وجهات النظر المختلفة للبشر وأن نقبلها ونحترمها، أن يكون هناك رغبة في الفرح حتى إن لم يكن الدافع موجودا.. أن نعيش الرغبة في السعادة حتى مع وجود من يرغب في أن يؤذينا.. ينتهي الفيلم بعد أن تدق ساعة الثانية عشرة من منتصف الليل لتعلن عن بدء يوم ميلادي جديد.. بعد أن تكون قد حدثت المفاجآت في ليلة رأس السنة تلك المفاجآت التي نحن من نحددها ومن نستطيع أن نعيشها بكامل نشوتها حتى إن لم يشعر بها أحد. انها في الفرصة الثانية التي يستحقها الجميع ليكمل الحياة مهما كانت تلك الأخطاء، وأن نكون قادرين دوما على منح الفرص الثانية مع شيء من الثقة. فيلم "new years eve" هو النقلة الفكرية التي عشتها قبل ليلة رأس السنة الميلادية، إنه الوصفة السحرية لكيف تكون سعيدا وأن تتصالح مع العام الماضي بكل أوجاعه وإخفاقاته.. مع التفكير في "كيف سيكون شكل الفرصة الثانية"؟ ربما لم أستطع في تلك اللحظة بعد أن انتهى الفيلم الأمريكي الذي يسمى "ليلة رأس السنة" أن أفكر في أهم القرارات التي عليّ أن أتخذها في العام الميلادي الجديد؛ ولكني شعرت بسلام ومحبة وتسامح تغمر روحي وذلك أشعرني بالكثير من الدفء والدهشة.. وربما ذلك يكفي.
مشاركة :