معضلة الراتب والتقاعد، عقلي الصغير لا يتحمل!

  • 10/4/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الحقيقة أيها الناس أني محدود القدرات والمواهب، والاعتراف بهذا يساعد على التأقلم مع الحياة وليس الهدف منه إيضاح الحقائق، فهذه من الأمور التي يصعب إخفاؤها عن الناس. وأمثالي يحبون أن تكون الأمور ميسرة وواضحة وسهلة أكثر مما ينبغي حتى يفهمونها، وأي تعقيد مهما كان يسيرا يصيب عقولنا بربكة تؤدي إلى التوقف الكلي عن العمل، وأنا أتحدث هنا بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أمثالي من معاشر محدودي القدرات الذهنية. ثم إن أضفنا إلى كل ذلك أني أعاني من فوبيا الأرقام والهلع عند الحديث عن الأموال والموازنات فلكم أن تتخيلوا وضعي وأنا أستمع إلى تصريحات وزير المالية وأحاديثه عن أرقام رواتب موظفي الدولة، وأنها تشكل نسبة كبيرة من الموازنة. تلك الفوبيا جعلتني أفهم أن عدم دفعها نهائيا سيوفر الكثير لخزينة الدولة ويعفي الوزير من الحديث عنها ووجودها كنقطة سوداء في جبين الميزانية. وأظن ـ والله أعلم ـ أن نسبة الرواتب من الميزانية صحيحة لكنها ليست كما تبدو، فهي تقترب من الـ50% حين تخرج من باب المصروفات وهذا هو الجانب المظلم، أما الجانب المشرق فإنها هي بذاتها بهللها وريالاتها تدخل من باب الإيرادات على هيئة رسوم وضرائب ومخالفات وغرامات بنسبة لا بأس بها. ومن الأمور التي تربك عقلي متواضع القدرات أيضا مسألة صرف الرواتب بالأشهر الميلادية وحساب سنوات الخدمة بالأشهر الهجرية، وهذا يعني أن الموظف الحكومي يدفع لمؤسسة التقاعد حسب تقويم، ومؤسسة التقاعد تحسب سنوات خدمته حسب تقويم آخر. وأنه سيتقاعد قبل سنتين من بلوغ الستين حسب التقويم الذي يأخذ راتبه بموجبه، وهذه فكرة يصعب فهمها فيما يبدو لي حتى على الذين لا يعانون من مشاكل في فهم الأشياء. المنطق يقول إما أن تصرف الرواتب ويحسب عمر الموظف بالأشهر الهجرية أو بالأشهر الميلادية، أما اختيار تقويم للرواتب وآخر للتقاعد فهذا فتح جديد لم يسمع به الأولون ولا أظن الآخرين سيفعلون. والمالية بالمالية تذكر فإن «فوضى التقاويم» موجودة أيضا في البنوك، التي تشترط أن يتخطى العميل عمر الثامنة عشرة ليتمكن من فتح حساب مصرفي، وهذا مقبول ويمكن فهمه ولو أنه بعض البنوك لا تتقيد به مع أنهم جميعا تحت مظلة واحدة، لكن غير المفهوم هو أن حساب العمر يكون بالأشهر الميلادية، وهذا يعني أن الذي تجاوز هذا السن اليوم بالحساب الهجري لن يتجاوزه بالأشهر الميلادية إلا بعد بضعة أشهر. ومع أن الهوية التي يتقدم بها العميل لفتح الحساب مكتوب فيها تاريخ الميلاد بالهجري، ولكن كل في فلك يسبح منفردا ويصنع ما يشاء من الأنظمة. وعلى أي حال .. أظن أن الحل الأسهل ليس توحيد التقويم الذي يتم التعامل به مع معاشر الموظفين في الأرض، ولكن ربما يكون في إقناعهم بالعمل بدون راتب حتى لا يشوهون أرقام الميزانية، ولأنهم محظوظون لأنهم وجدوا عملا في الوقت الذي يبدو هذا صعبا على غيرهم، فالعمل عبادة ـ كما تعلمون جميعا ـ، لكن الرواتب ذنوب تحتاج للمغفرة.

مشاركة :