* الغفلة والجهل والتخلّف الفكري، ليست نتيجة عدم امتلاك العقل ومقوّماته الأساسية التي هي القدرة على التفكير، بل نتيجة غيابِ الجرأة على استعمال العقل في وظيفته الأساسية، ونقصِ الشجاعة النفسية اللازمة للاستقلال عن رأي المجموعة، والخوف من النتائج المعرفية التي قد ينتجها التفكير، فالذّوبان في فكر القطيع، وسيلة تكيّف للفرد في مواجهة القلق والخوف من عبء التفكير الذاتي ومسؤولية الاختيار الشخصي.* عند تعطيلِ العقل وعدم استخدامه فإنه يضمر، وتضعفُ قدرة الإنسان على التحكّم في انفعالاته أو ردود أفعاله أو تقييم أخلاقه، ومن أجل استعادة نشاطه، لابد للعقل أن يتمرّن، فأما تمارين البدن فمعلومة، وأما تمارين الفكر، فالقراءةُ والملاحظة والاستماع والتأمّلُ والتجربة والعزلة، ومزاحمةُ الأذكياء.* التخويفُ من التفكير الحر، واستنباطُ الحلول من سيرة السلف بشكلٍ حصري، واعتبار زمانهم قمة مثالية لا يمكن الوصول إليها، يتسبّب في وقوف التاريخ لدى الإنسان المتخلّف فكريًا، وإعاقة تقدّمه نحو المستقبل على ضوء المستجدّات المعرفية والتطوّر الطبيعي للتاريخ والمجتمعات.* ما يؤكّد هدر قيمة التفكير الإنساني في المجتمعات المتخلّفة، هو أحاديةُ الفكر والسّلوك، وطبع نسخ متشابهة من الأفراد، وتجريم الخروج عن القطيع، وعدم قدرة الفرد فيها على التفكير بحرّية أو الاطلاع على المعرفة بالرغم من توفرّها بغزارة حوله بكبسة زر!! فهو في هذه المرحلة إنسانٌ مهدورٌ فكريًا مهزومٌ نفسيًا مشلولٌ روحيًا.. يقول الروائي البرتغالي (جوزيه ساراماجو): «أثمن ما نملكه جميعًا بين أيدينا هو الشكّ لا اليقين، الشكوك هي التي تدفعنا إلى التفكير، أما اليقين فيتسبّب بالشّلل والجمود، لا بل يحوّلنا مومياوات».* من مساوئ شبكاتِ التواصل الاجتماعي، تدفّق المعلومات ذات الطّابع التافه والساذج والأبله، وتعرّض الشخص لطوفان من الأخبار غير المهمة تمامًا له، وهي بذلك، تُحاصر العقل وتشوّش التفكير وتطغى على الذوق السليم، وتتسبّب عادة في ضغوطات عصبية غير مبررة.* من الحلول للتعامل مع هذا العالم المتّسم بالجنون والنّزَق، تقليصُ دائرة اهتمامك الشخصي، وتركيز الذهن في أمور قليلة واضحة ومهمة وشخصية، بعيدًا عن تشتّت الفكر، كما تستدعي محاولاتك التخلّص من كثرة التفكير وفرط القلق، تجاوزُ ذاتك، والتعوّد على حقيقة أن العالم سيظلّ كما هو في جميع الحالات، وسواءً نجحت أم فشلت، لا أحد حقيقة يهتم!.
مشاركة :