نمت قروض الرهن العقاري المقدمة من البنوك التجارية في 2018 بنسبة 5.8 في المئة منذ بداية العام وحتى حزيران (يونيو)، مقارنة بـ 4 في المئة للفترة نفسها من العام الماضي. إضافة إلى ذلك، تخطى نمو قروض الرهن العقاري مستوى نمو إجمالي القروض المقدمة إلى القطاع الخاص (2.2 في المئة من بداية العام وحتى يونيو)، كما ارتفعت حصة قروض الرهن العقاري من إجمالي القروض المقدمة إلى القطاع الخاص من 14.3 في المئة في الربع الثاني لعام 2016 إلى 16.4 في المئة عام 2018. وأوضحت دراسة حديثة لشركة «جدوى للاستثمار» أنه في ظل التوجه لرفع نسبة امتلاك المواطنين للمساكن تسارعت الوتيرة في السنوات القليلة الماضية. وتم اتخاذ بعض الإجراءات المالية لمساعدة حاملي الرهون الجديدة والقائمة على حدّ سواء، وذلك بهدف تعزيز مستويات امتلاك المساكن من خلال تمويل بناء السكن. وأعلنت «ساما» في 2017 إعفاء حاملي الرهون القائمة من المصاريف الإدارية الخاصة بالتحول من الأسعار الحرة للرهون إلى الأسعار الثابتة. كذلك، حاولت التسهيل على الأشخاص الذين يشترون مساكن لأول مرة، وذلك برفع النسبة القصوى للقرض الذي يأخذه المواطن إلى القيمة الكاملة لتمويل المسكن من 70 إلى 85 في المئة، إبتداءً، ثم رفعها مرة أخرى إلى 90 في المئة، في وقت لاحق. إضافة إلى إجراء تعديلات على منتجات الرهن العقاري القائمة، تحقق عدد من التطورات لزيادة الخيارات المتاحة لتمويل المساكن في المملكة. حيث أصدرت «ساما» في 2016 ترخيصاً لإنشاء شركة وطنية لتمويل المساكن باسم «بداية»، كما قدمت برنامج رهون بأسعار مناسبة بالتعاون مع وزارة المالية. وفي وقت لاحق، في نهاية 2017، أطلق صندوق الاستثمارات العامة، الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، والتي من مهامها رفع مساهمة السوق العقاري في الاقتصاد وزيادة نسبة امتلاك المساكن بين المواطنين السعوديين إلى 52 في المئة بنهاية 2020، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 47 في المئة. وكذلك وزعت وزارة الإسكان من خلال برنامج «سكني» نحو 151 ألف من منتجات الرهن العقاري منذ انطلاقه في شباط (فبراير) 2017. وبقيت أسعار المنازل تتخذ مساراً نازلاً خلال السنوات الأخيرة. وتشير أحدث البيانات للهيئة العامة للإحصاء، إلى أن مؤشر العقارات السكنية ظل يتراجع منذ الربع الثالث لعام 2015، وانخفض بمتوسط 2 في المئة عام 2017 وبنسبة 0,7 في المئة في النصف الأول لعام 2018. وبناءً على ذلك، ربما يكون انخفاض أسعار المساكن قد تسبب كذلك في تحفيز الطلب على قروض الرهن العقاري. وتشير أحدث بيانات قروض الشركات، إلى أن القروض الجديدة المقدمة للشركات خلال الفترة من بداية العام وحتى يونيو، ارتفعت لقطاعات التشييد «7 في المئة من إجمالي قروض الشركات»، والتعدين 2 في المئة، والنقل 4 في المئة، والصناعة 12 في المئة، والزراعة 1 في المئة، والتمويل 3 في المئة، وخدمات أخرى 41 في المئة. ومن ناحية أخرى، انخفضت القروض الجديدة لشركات قطاعي التجارة 21 في المئةوالمرافق 4 في المئة. وأكدت البيانات الربعية الخاصة في الربع الثاني، نمو القروض إلى قطاعي التعدين والصناعة في النصف الأول من 2018، حيث ارتفعت القروض إلى قطاع الصناعة بنسبة 8 في المئة ولقطاع التعدين بنسبة 41 في المئة، على أساس ربعي، كدليل على زيادة النشاط، وذلك نتيجة لتركيز حزمة تحفيز القطاع الخاص التي تم الإعلان عنها في كانون الاول (ديسمبر) 2017 على هذين القطاعين. إضافة إلى ذلك، أيضاً شهدت القروض المقدمة إلى قطاع التشييد زيادة كبيرة، بنسبة 5 في المئة، في الربع الثاني، على أساس ربعي، ويبدو أن القطاع استفاد من برامج الإسكان الجديدة التي تنفذها وزارة الإسكان، ومن زيادة الطلب على المساكن وقروض الرهن العقاري. من ناحية أخرى، شهدت القروض المقدمة إلى قطاع التجارة تراجعاً كبيراً، بنسبة 9.4 في المئة، على أساس ربعي، عاكسة التباطؤ الذي يشهده القطاع، والذي تؤكده آخر أرقام للناتج المحلي الإجمالي والخاصة بالربع الثاني لعام 2018، حيث تراجع هذا القطاع «تجارة الجملة والقطاعي» بنسبة 5 في المئة، على أساس ربعي. وبالنظر إلى المستقبل، قالت «جدوى»: «في اعتقادنا أن هناك مجموعة من العوامل ستضغط على القروض المقدمة إلى قطاع التجارة في المدى المتوسط. أولاً، نتوقع أن يتأثر الإنفاق الاستهلاكي بمغادرة الأجانب، حيث انخفض عدد الأجانب في سوق العمل السعودي بنحو 796 ألف منذ بداية 2017 وحتى نهاية الربع الأول من عام 2018. إضافة إلى ذلك، ستؤدي الموجة الجديدة من السعودة في عدد من قطاعات تجارة التجزئة إلى زيادة أعداد الأجانب المغادرين». وأشارت دراسة جدوى، إلى أنه من المرجح أن يتأثر قطاع التجارة بخفض الحد الأدنى للدخل الذي تنطبق عليه ضريبة القيمة المضافة ابتداءً من الربع الأول لعام 2019، من 1 مليون ريال في 2018 إلى 375 ألف ريال في يناير 2019. وتعني هذه الخطوة إدخال نحو 300 ألف من المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحت مظلة ضريبية القيمة المضافة، ينتمي معظمها إلى قطاع التجارة، لذا، فإننا نرى أن هناك إصلاحات جذرية يمر بها قطاع التجارة في المدى المتوسط، ويرجح أن تضغط على أنشطته المالية. وفي الوقت نفسه، نتوقع أن يشهد قطاعا الصناعة والتعدين انتعاشاً، حيث تشير أحدث الأرقام الخاصة بمؤشر الإنتاج الصناعي إلى زيادة المؤشر بنسبة 0.6 في المئة، على أساس ربعي، وبنسبة 3.4 في المئة، على أساس سنوي، في الربع الأول لعام 2018. وجاءت الزيادة بصفة أساسية نتيجة لنمو إنتاج قطاع المعادن والمحاجر، الذي يشكل 74 في المئة من وزن مؤشر الإنتاج الصناعي، والذي ارتفع بنسبة 2 في المئة، على أساس سنوي، وتحول إلى الخانة الإيجابية لأول مرة منذ الربع الرابع لعام 2016.
مشاركة :