سالم عبدالغفور | أظهرت الأحكام القضائية بدرجاتها الثلاث الابتدائية والاستئناف والتمييز، التي حصلت القبس على نسخ منها، تفاصيل المخالفات القانونية التي ارتكبها وأدين بسببها رئيس مجلس إدارة شركة دار الاستثمار «سابقاً» عدنان المسلم. وكانت محكمة التمييز قد أصدرت حكمها بقبول الطعن المقدم من الطاعن عدنان عبدالقادر المسلم شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وعدم جواز الطعن المقدم من المدعية بالحق المدني ومصادرة الكفالة، وبهذا تكون محكمة التمييز قد أيدت حكمي الاستئناف وأول درجة، الذي قضى بمعاقبة المتهم بالحبس سنة مع الشغل، وتغريمه 3 آلاف دينار عما نسب إليه من اتهام، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة 3 سنوات تبدأ من عدم صدور الحكم نهائياً وبغير كفالة. وتنص تفاصيل القضية والواقعة على أنه «حيث إن النيابة العامة اسندت إلى المتهم عدنان عبدالقادر محمد المسلم في يوم 2014/12/30 بدائرة المباحث الجنائية بدولة الكويت: 1 – بصفته رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة دار الاستثمار أخفى واقعة موجودة، وهي عقد الاتفاق على التسوية مع شركة الدار لإدارة الأصول «آدام» أثناء سير الدعوى المبينة بالتحقيقات، وكان ذلك بغرض الاستفادة من أحكام المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة ووقف إجراءات التقاضي والتنفيذ قبل شركة دار الاستثمار وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 2 – بصفته سالفة البيان تقدم وأدلى إلى الجهة القضائية وهي «دائرة إعادة هيكلة الشركات» ببيانات ومعلومات غير صحيحة – موضوع التهمة الأولى، وكان ذلك بغرض الاستفادة من المرسوم بقانون المشار إليه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمواد 22، 23 من المرسوم بالقانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي للدولة. وتتحصل وقائع الدعوى، وفق ما استقر في يقين المحكمة من مطالعة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة في ما جاء بالشكوى المقدمة من وكيل شركة بيت الاستثمار الخليجي وما شهد به في تحقيقات النيابة من أنها دائن لشركة دار الاستثمار التي يرأس مجلس إدارتها المتهم، وبتاريخ 2010/3/9 تقدمت الشركة الأخيرة بطلب لدى محكمة الاستئناف- دائرة إعادة هيكلة الشركات للتصديق على خطة إعادة هيكلتها بغرض الاستفادة من أحكام المرسوم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة وتم التصديق على خطة إعادة الهيكلة من الدائرة المختصة مع التزام بما ورد فيها، ويكون الاشراف عليها من قبل بنك الكويت المركزي . وقد قامت الشركة أثناء سير الدعوى ومن دون مخاطبة المحكمة بعرض السداد العلني على الدائنين وقبوله من بعضهم، بعد التوقيع على اتفاقية عدم الافصاح معهم، مع عدم ابلاغ الجهات المشرفة على عملية إعادة الهيكلة، بل قامت بإخفاء واقعة وبتقديم معلومات غير صحيحة للجهات القضائية بهدف الاستفادة من أحكام القانون المار بيانه، حيث أبرمت عقد تسوية مع شركة الدار لإدارة الرسوم (ادم) مما ترتب عليه إضعاف وانخفاض الضمان العام والتغول على أصول الشركة وقد تقدم البنك المركزي للمحكمة بطلب إلغاء خطة إعادة هيكلة دار الاستثمار واعتبارها كأن لم تكن. وأضاف أن ما قامت به الشركة الأخيرة أثناء سير الدعوى من إخفاء معلومات بشأن عقد التسوية وعرض السداد العلني على الدائنين بغرض الاستفادة من أحكام القانون 2 لسنة 2009. «المركزي» وشهد مدير المكتب القانوني لبنك الكويت المركزي بمضمون ما شهد به سالف الذكر. وأضاف أن الشركة التي يرأس مجلس إداراتها المتهم أبرمت بتاريخ 2010/12/30 عقد تسوية مع شركة الدار لإدارة الأصول (ادام) أثناء سير دعوى إعادة الهيكلة، ولم تخطر المحكمة أو البنك المركزي، واستمر ذلك لحين تقديم الرأي الفني من البنك للمحكمة وحتى التصديق على خطة إعادة الهيكلة وكذلك الخطة المطورة المقدمة من الشركة. كما أضاف أن الشركة لم تخف واقعة السداد العلني لوجود مراقب فني مختص مطلع على كل الإجراءات التي تقوم بها الشركة. وشهد مدير إدارة الرقابة بالبنك المركزي بمضمون ما شهد به سالف الذكر. وأضاف أن دور «المركزي» في الواقعة هو تقديم الرأي الفني للمحكمة قبل اعتماد خطة إعادة هيكلة شركة دار الاستثمار وبعد التصديق على الخطة يتابع ويشرف البنك على مدى التزام الشركة بالخطة المصدق عليها التي تعكس القيمة الحقيقية لأصولها، كما أن الشركة أخفت عن المحكمة وحتى تصديق الأخيرة على خطة إعادة الهيكلة عقد تسوية أبرمته شركة «أدام» التابعة لها، مما يؤثر في المركز المالي للشركة ويضعفه ويؤدي إلى تخفيض قيمة الاستثمار. وقد اكتشف «المركزي» عقد التسوية من خلال المراقب الممثل له بالمتابعة والإشراف وما سطّر من ملاحظات بتقرير البنك. وشهد رئيس مجلس إدارة شركة الدار لإدارة الأصول (أدام) أنه بتاريخ 2010/12/30 تم إبرام عقد تسوية مع شركة دار الاستثمار بشأن تسوية جزء من دين الأخيرة بقيمة 66.9 مليون دينار، واضاف أن المحكمة لم تكن تعلم بعقد التسوية وقت قبول طلب اعادة الهيكلة واطلعت المحكمة بعد ذلك على العقد من خلال كتاب البنك المركزي لها، وطالعت المحكمة عقد التسوية المشار إليه وأرفق بأوراق التحقيقات صورة ضوئية من الحكم الصادر في الطلب رقم 1 لسنة 2010 إعادة هيكلة. رد «الدار» وبجلسة ختام المرافعة مثلت الشركة المدعية بالحق المدني بوكيل وقدم مذكرة صمم فيها على طلباته، كما مثل المتهم ومعه مدافع ترافع شفاهة شارحاً لظروف الدعوى وملابساتها وطلب براءة المتهم، وقدم حافظتي مستندات اهم ما بهما صورة من كتاب البنك المركزي لرئيس دائرة اعادة الهيكلة لشأن ابرام عقد التسوية المؤرخ 2010/12/30، كما قدم مذكرة شارحا لدفاعه دفع فيها بانتفاء أدلة الثبوت واركان الجريمة قبل المتهم. اذ انه من المقرر انه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وفي حين كانت عبارات القانون واضحة لا لبس فيها فانه تجب ان تعد تعبيرا صادقا عن ارادة الشارع، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير او التأويل، وكان الثابت عن عبارات نص المادتين 22، 23 من القانون 2 لسنة 2009 انه جرّم اخفاء واقعة موجودة او اصطناع دين على خلاف الحقيقة او التقدم الى احدى الجهات القضائية ببيانات او معلومات غير صحيحة بغرض الاستفادة من احكام القانون، وكانت تلك العبارات واضحة لا لبس فيها، وقد جرمت الافعال آنفة البيان لمجرد سعي الجاني للاستفادة من احكام القانون ومنها طبقا للمادة 17 من القانون المشار اليه وقف اجراءات التقاضي والتنفيذ المدنية والتجارية المتعلقة بالتزام الشركات التي تتقدم بطلب اعادة الهيكلة ولحين البت في الطلب من الدائرة القضائية المختصة، ومن ثم فان القول يتعلق بتلك النصوص بالعدوان على المال العام هو استحداث حكم وتقييد لنص عام مغاير لمراد الشارع ومن ثم يكون ظاهره البطلان. وحيث انه من المقرر ان العبرة في الاثبات في المواد الجزائية باقتناع القاضي واطمئنانه الى الادلة المطروحة على بساط البحث ومن سلطة ان يأخذ بأي دليل يرتاح اليه ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك الا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. وحيث ان الواقعة على النحو المشار بيانه قد استقام صحتها وثبوتها في حق المتهم وثبت الجرم المحمول عليه اقترافه في جانبه من واقع اطمئنان المحكمة لشهادة الشهود وما ثبت للمحكمة من مطالعتها لمستندات الدعوى وعقد التسوية، إذ ثبت في يقين المحكمة أن شركة دار الاستثمار التي يرأس مجلس إدارتها المتهم قد تقدمت بطلب إلى الدائرة المختصة بمحكمة الاستئناف بتاريخ 2010/3/9 ابتغاء التصريح لها باتخاذ إجراءات إعادة الهيكلة المالية لها وفقاً لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2009، بشأن تعزيز الاستقرار المالي وللاستفادة من أحكامه، وتم قبول الطلب، ما ترتب عليه وقف إجراءات التقاضي والتنفيذ قبل الشركة، وتلتزم الشركة وفقاً للمادة 16 أن تقدم قائمة بالديون وآجال استحقاقها، وإذ أبرم المتهم بصفته عقد تسوية بتاريخ 2010/12/30 مع شركة الدار لإدارة الأصول الاستثمارية تبرئ فيها الأخيرة ذمة الشركة الأولى من إجمالي مديونيتها بعد إخطار المحكمة المختصة أو البنك المركزي الذي يشرف على خطة إعادة الهيكلة وبغرض الاستفادة من أحكام القانون، فضلاً عن الإدلاء ببيانات غير صحيحة عن ذمتها لشركة الدار للأصول الاستثمارية، حسبما هو ثابت من كتاب البنك المركزي المؤرخ 2012/3/7 والمقدم بحافظة مستندات المتهم، إذ أورد الكتاب بأن رصيد الدين والبالغ 64 مليون دينار لم يرد ضمن قائمة الديون المستحقة على الشركة، وكان إخفاء عقد التسوية المشار إليه، الى أن تم اكتشافه أثناء قيام البنك المركزي بالإشراف على خطة إعادة الهيكلة، والادلاء بمعلومات غير صحيحة عن الدين العام للشركة، يمثل النموذج القانوني للجريمتين محل الاتهام، ما يكون معه وقد ثبت في يقين المحكمة ان المتهم في الزمان والمكان الواردين بتقرير الاتهام قد ارتكب الجريمتين الواردتين به، ما يتعين، إعمالاً للمادة 172 إجراءات، معاقبته طبقاً لمواد الاتهام. وحيث إنه في مجال تقدير العقوبة، نظرا لظروف الدعوى وملابساتها وخلو صحيفة الحالة الجنائية للمتهم مما يصمه بسوء السلوك من قبل، ما يحمل بالاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام، فالمحكمة تستعمل سلطتها المخولة لها بمقتضى المادة 82 جزاء و25 من القانون 2 لسنة 2009 نحو ما ورد بالمنطوق.
مشاركة :