"وان أميركا نيوز": دبلوماسي أممي سابق تولى "التنسيق" في فضيحة "قطر جيت"

  • 10/12/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

جددت وسائل إعلام أميركية تحذيراتها من خطورة عمليات التجسس والقرصنة الإلكترونية التي يقوم بها النظام القطري في الولايات المتحدة، ويستهدف من خلالها شخصياتٍ معروفةً بمواقفها المناوئة للسياسات التي تنتهجها الدوحة، مُؤكدة ضرورة إبداء اهتمامٍ أكبر بهذه العمليات المشبوهة نظراً لما تُلحقه من أضرارٍ بالأمن القومي الأميركي. وفي تقريرٍ إخباريٍ مطولٍ، شددت شبكة «وان أميركا نيوز» التليفزيونية على أن هناك عدم إدراكٍ أو اكتراثٍ بالقدر الكافي من جانب الكثير من وسائل الإعلام في البلاد بالأنشطة التخريبية التي ينخرط فيها «نظام الحمدين» في هذا الشأن، مُشيرةً إلى أنه في الوقت الذي يتواصل فيه الجدل على الساحة الداخلية الأميركية حول ما يُقال عن حدوث تدخلٍ روسيٍ في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام 2016، يثور سؤالٌ مفاده «ماذا عما تقوم به حكومات دولٍ أخرى؟» من تدخلاتٍ مماثلةٍ، في إيماءةٍ لا تخفى لقطر. واعتبرت الشبكة - في تقرير أعده الصحفي جاك بيسوبيك - أن المخطط القطري واسع النطاق للتجسس الإلكتروني في أميركا لا يلقى لـ «سببٍ ما الاهتمام الإعلامي الأميركي على ما يبدو»، رغم أنه يمثل بدوره «عملية قرصنةٍ إلكترونيةٍ أخرى ضد ساسة أميركيين من جانب قوة أجنبية»، مثله مثل التدخل الروسي المُفترض الذي تتحدث عنه الكثير من الدوائر في العاصمة واشنطن. ويشير بيسوبيك إلى عملية القرصنة والسطو الإلكتروني التي تعرض لها رجل الأعمال المرموق والقيادي الجمهوري إليوت بريودي؛ الصديق المقرب من الرئيس دونالد ترامب، على يد عملاء لنظام تميم. واستهدفت العملية قرصنة حسابات بريدٍ إلكترونيٍ خاصةٍ بـ«بريودي» من أجل السطو على رسائل ووثائق موجودة فيها وتسريب أجزاء منها لعددٍ من وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة، بعد تحريف مضامينها وتحويرها، بحيث توحي بأن القيادي الجمهوري - الذي يعد من بين كبار جامعي التبرعات للحزب الحاكم في أميركا - استغل قربه من ترامب لدفع البيت الأبيض إلى اتخاذ سياساتٍ أكثر صرامة حيال «نظام الحمدين». وتمثل الهدف الرئيس للعملية - التي استخدم فيها النظام القطري خبراء في الدعاية والعلاقات العامة بجانب عملاء له في الولايات المتحدة - في تشويه سمعة بريودي، للانتقام منه ومن أسرته بسبب مواقفه المناوئة للسياسات التخريبية والطائشة التي تنتهجها الدوحة. وحذرت الشبكة التليفزيونية الأميركية واسعة الانتشار من أن هذه المؤامرة القطرية ومخططات القرصنة والتجسس الإلكتروني المماثلة لها، تشكل خطراً داهماً ومستمراً على الولايات المتحدة ومصالحها وأمنها القومي. وألقى التقرير الضوء بشكلٍ خاص على الدور المشبوه الذي اضطلع به المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن جمال بن عمر في مؤامرة الدوحة الإلكترونية، من خلال استعراض أوراق الدعوى التي رفعها بريودي في هذا الشأن في 23 يوليو الماضي ضد عملاء «نظام الحمدين» المتورطين في التجسس عليه. وبحسب هذه الأوراق التي نشرت الشبكة صوراً لها، تفيد العديد من القرائن بضلوع الدبلوماسي البالغ من العمر 61 عاماً في ما بات يُعرف أميركياً بـ «فضيحة قطر جيت»، وذلك من خلال توليه مهمة تنسيق عملية توزيع وتسريب الوثائق والرسائل التي تم السطو عليها من حسابات بريودي الإلكترونية، على وسائل الإعلام في الولايات المتحدة. وأبرز جاك بوسبيك اعترافاً ورد في أوراق الدعوى على لسان أحد الضالعين في حملة القرصنة هذه، كشف من خلاله عن تفاصيل دور ابن عمر فيها قائلاً إن المبعوث الأممي السابق كان يقوم بشكلٍ شخصيٍ بمراجعة المواد التي تم قرصنتها من حسابات بريودي والمرتبطين به، قبل تسريبها لوسائل الإعلام الأميركية المختلفة، التي شملت وكالات أنباءٍ شهيرةً وصحفاً واسعة الانتشار. كما تثبت الأوراق المُقدمة للقضاء الأميركي من جانب محامي بريودي؛ إجراء جمال بن عمر اتصالاتٍ مع مسؤولين قطريين، وكذلك مع عملاء للدويلة المعزولة يقيمون في الولايات المتحدة، وهو ما يؤكد العلاقات الوطيدة القائمة سراً بينه وبين «نظام الحمدين» وأشار بوسبيك إلى أن الدبلوماسي السابق ضالعٌ كذلك في حملة القرصنة والتجسس الإلكترونيين التي استهدف من خلالها النظام القطري بين عامي 2014 و2018 أكثر من ألف شخصيةٍ من جنسياتٍ مختلفةٍ، بينهم مسؤولون ودبلوماسيون ونشطاء حقوقيون عرب وغربيون، وكذلك مسؤولةٌ سابقةٌ في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي آيه). وأبرز تقرير الشبكة الأميركية الأدلة الدامغة التي تؤكد تورط الدويلة المعزولة وعملائها في هذه الحملة، في ضوء ما تبين من أن منفذيها - الذين تخفوا وراء عناوين وهميةٍ في غالبية هجماتهم الإلكترونية - غفلوا في عددٍ من المرات عن ذلك، وهو ما أتاح الفرصة لخبراء التكنولوجيا لربط العناوين التي استخدموها بشركة «أوريدو» لتقديم خدمات الإنترنت، والتي تمتلك جهاتٌ حكوميةٌ قطريةٌ غالبية أسهمها. وأشارت إلى أن جمال بن عمر يسعى حالياً للتهرب من المثول أمام القضاء الأميركي بالقول إنه يحظى بحصانةٍ في هذا الصدد بحكم وضعه الدبلوماسي، وهو ما أعربت السلطات الأميركية - بحسب «وان أميركا نيوز» - عن رفضها له. وقال التقرير إنه لا توجد أي سابقة في تاريخ القضاء الأميركي جرى فيها إسباغ حصانةٍ دبلوماسيةٍ على شخصٍ لم يعد يحمل أي صفة في هذا الشأن، في إشارة إلى أن ابن عمر ترك منصبه كمبعوثٍ أممي في أبريل 2015 أي منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويزعم المبعوث السابق أنه لا يزال يتمتع بالحصانة الدبلوماسية نظراً لكونه يعمل مستشاراً لبعثة إحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ويشكك محامو بريودي في الملابسات التي تكتنف اضطلاعه بهذا الدور، نظراً لأنه اختير لشغل هذا الموقع مطلع أغسطس الماضي، أي بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط تقريباً من تاريخ رفع الدعوى التي يرد ذكره فيها. وساقت الشبكة الإخبارية أدلةً على الأموال التي أغدقها النظام القطري على عميله الدبلوماسي السابق بشكلٍ غير مباشرٍ نظير مشاركته في «قطر جيت»، قائلةً إن جمال بن عمر حصل على فرصةٍ للعمل لحساب مجموعة «لاجاردار» الإعلامية العملاقة متعددة الجنسيات التي تتخذ من باريس مقراً لها، ويمتلك جهاز قطر للاستثمار - وهو أحد الصناديق السيادية المملوكة لـ«نظام الحمدين» - غالبية الأسهم فيها. واختتمت الشبكة تقريرها بأنه بخلاف هذا الدور المشبوه الذي لعبه المبعوث الأممي السابق للأزمة اليمنية في المخطط القطري، تبقى هناك «الكثير من الأسئلة التي يتعين على قطر الإجابة عليها» بشأن ما قامت به في هذا الصدد على التراب الأميركي، والذي اعتبر مراقبون أنه يشكل جريمة تجسس كاملة الأركان. ويواصل محامو إليوت بريودي مقاضاة المسؤولين عن عملية التجسس التي استهدفته بصفتهم الشخصية، وذلك بعد أن رفض القاضي الذي أُحيلت إليه الدعوى المرفوعة ضد الدولة القطرية مواصلة نظرها، بسبب قانون «حصانات السيادة الأجنبية» الذي صدر في الولايات المتحدة عام 1976 ويجعل تحصين الدول الأجنبية من أن تُقاضى على الأراضي الأميركية هو الأصل، مع استثناءاتٍ محددةٍ. ويقول هؤلاء المحامون إن نجاحهم في توفير «أدلةٍ ظرفيةٍ» تؤكد تورط الدويلة المعزولة في تلك المؤامرة، سيؤكد فاعلية اللجوء إلى القضاء لمعاقبة القراصنة الإلكترونيين الذين يعملون لحساب دولٍ مارقةٍ مثل قطر، حتى وإن كانت قوانين الولايات المتحدة تحول دون مقاضاة الدولة نفسها.

مشاركة :