إننا جميعنا مذنبون في التخلص من الأجهزة القديمة للحصول على أخرى جديدة. ولكن هناك فرصة كبيرة للاستفادة من تلك النفايات الإلكترونية في المنطقة. يمكن للنفايات الإلكترونية أن تمثل تغذية للصناعات المحلية وأن تصبح سلعة مربحة عند تصديرها، حيث تحتوي على المعادن النفيسة مثل الذهب، والفضة، والنحاس، والألومنيوم. دراسة أجرتها مي الحبشي. غالبًا ما تغرينا تلك الوعود بتقنيات أحدث وأكثر فعالية، ولكن قليلًا ما نفكر في استبدال الأجهزة القديمة. ولكن بينما أحدثت أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة طفرة في حياتنا، خلقت كذلك مشكلة كبيرة لتراكم النفايات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فوفقًا لتقرير طرحته الأمم المتحدة مؤخرًا، كان حجم النفايات الإلكترونية والكهربية على مستوى العالم 447 مليون طن متري في عام 2016، يعادل ذلك حجم 4500 ضعف برج إيفل. الأسوأ من ذلك هو أن فقط 20% من تلك النفايات تتم إعادة تدويرها. في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معدل إعادة التدوير أقل بكثير من ذلك. فقط خمسة بالمائة من النفايات الإلكترونية تتم إعادة تدويرها، ومعظمها تتم شحنها إلى الصين، والهند، وجنوب شرق آسيا. البقية، عادة تأتي من مواد سامة مثل الزئبق، والرصاص، والزرنيخ، تتم دفنها في مواقع دفن القمامة. تقول غادة المغني، أخصائية البرنامج في مركز البيئة والتنمية في المنطقة العربية وأوروبا (CEDARE) «الأمر يمثل مخاطرة كبيرة من الناحية البيئية». «الجسم الخارجي البلاستيكي لمعظم الأجهزة الإلكترونية لا يتحلل بيولوجيًا. بمجرد بدء تحلل الجسم، تنتشر تلك المواد بالتربة لتلوثها». لماذا تعد النفايات الإلكترونية أمرًا جللًا؟ من ناحية أخرى، هناك فرصة كبيرة للاستفادة من تلك النفايات الإلكترونية في المنطقة. يمكن للنفايات الإلكترونية أن تمثل تغذية للصناعات المحلية وأن تصبح سلعة مربحة عند تصديرها، حيث تحتوي على المعادن النفيسة مثل الذهب، والفضة، والنحاس، والألومنيوم. تقول المغني، «تعتبر النفايات الإلكترونية صناعة مربحة. إلى جانب المعادن النفيسة الموجودة في تلك النفايات، يمكن لتلك النفايات خلق الكثير من فرص العمل للعاملين المهرة وغير المهرة، الأمر الذي يعزز النمو والتنمية الاقتصادية للدولة في نهاية المطاف». مصر، واحدة من البلدان الأكثر اكتظاظًا بالسكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنتج القدر الأكبر من النفايات الإلكترونية في القارة السمراء. شاركت مصر مؤخرًا في برنامج صناعات إعادة التدوير المستدامة (SRI) السويسري لوضع لوائح تنظم إعادة تدوير النفايات الإلكترونية المستدامة التي يخلفها القطاع العام، ولا سيما القطاع الحكومي. توضح المغني أن الحكومة المصرية هي واحدة من أكبر الموردين للنفايات الإلكترونية، من خلال المزادات الدورية التي تقيمها الهيئة العامة للخدمات الحكومية (GAGS). الآن مع تطبيق اللوائح الجديدة، تلتزم GAGS بفصل النفايات الإلكترونية عن النفايات الأخرى قبل بيعها بالوزن. ينبغي اعتماد المشاركين بالمناقصة من حيث تقييم الأثر البيئي (EIA) لضمان التخلص من النفايات الإلكترونية عن طريق شركات إعادة تدوير النفايات المعتمدة. تقول المغني، «بينما نحتاج إلى بذل جهد أكبر لمعالجة المشكلات التي تواجه القطاع الخاص والمستهلكين بشكل عام، حققنا إنجازًا كبيرًا». على الرغم من أن مصر ليس بها حتى الآن قوانين وتشريعات خاصة لإدارة النفايات الإلكترونية، تشعر المغني بالتفاؤل حيال المستقبل: «أنا متفائلة للغاية، وأشعر أن ذلك سيحدث قريبًا». على النقيض، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بنشاط كبير في إدارة النفايات الإلكترونية. بينما ليست هناك تشريعات خاصة للتعامل مع النفايات الإلكترونية، مؤخرًا تم تمرير قانون جديد هو الأول من نوعه في المنطقة لتنظيم وإدارة التخلص من النفايات الإلكترونية بالإمارات. من المتوقع أن يكتمل إنشاء المصنع الأكبر لإعادة تدوير النفايات في المنطقة بحلول عام 2020 في مدينة دبي الصناعية، حيث يمكن إعادة تدوير كل أنواع النفايات الإلكترونية والكهربائية التي لم تعد تستخدم. قريبًا سوف يُفتتَّح مصنع جديد لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية وتحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة، ومن المتوقع أن يقوم بتحويل ما يقرب من 300 ألف طن من النفايات الصلبة من مدافن القمامة سنويًا. تسعى الإمارات للوصول إلى المستهدف «صفر نفايات في مدافن القمامة» بحلول عام 2020. تحويل النفايات الإلكترونية إلى ذهب أصبحت صناعة النفايات الإلكترونية إحدى الصناعات الواعدة، حيث بدأ رجال الأعمال بالمنطقة في الاستثمار في ذلك النوع من المشروعات. أنشأ مصطفى حمدان، مهندس شاب، مشروع Recyclobekia بالتعاون مع زملائه بالجامعة قبل سبع سنوات من مرأب والده في طنطا، شمال القاهرة. اليوم، تحقق Recyclobekia ما يزيد عن 2 مليون دولار أمريكي أرباح من بيع النفايات الإلكترونية مُعادة التدوير سنويًا. أطلقت شركة أخرى Dr. Weeeمؤخرًا تطبيقًا لتسهيل عملية إعادة تدوير النفايات بالنسبة إلى المستهلك. يعمل التطبيق في مصر، ولبنان، والأردن، والمملكة العربية السعودية، والإمارات من خلال جمع النفايات الإلكترونية مقابل الأموال من الأفراد والشركات. التحدي الرئيسي كما يبدو هو زيادة الوعي بشأن إعادة التدوير. تقول المغني، «علينا التصدي لتلك المشكلة وزيادة الوعي بشأن إدارة النفايات بشكل عام، سواء كانت الأكياس البلاستيكية، أو الإلكترونيات، أو الورق، أو الزجاج. ولكن الوعي وحده لا يكفي، ولذلك علينا توفير بدائل وطرق لإعادة تدوير النفايات».
مشاركة :