تترقّب بيروت ان يساهمَ «الهواء الفرنسي» في تبريد «الهبّة الساخنة» التي لفّت مسار تشكيل الحكومة الجديدة في الأيام الثلاثة الأخيرة، وسط آمالٍ في أن يفْضي دخول باريس، على أعلى مستوى، على خطّ الدفْع نحو إنهاء هذا الملف في استيلاد تشكيلةٍ حكومية خلال فترة قصيرة. وغداة عودة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون من يريفان حيث التقى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ازداد التعويل في بيروت على أن تكون «النصائح» التي وجهّتها باريس للبنان بوجوب عدم تفويت فرصة الاستفادة من مقررات مؤتمر سيدر 1 لإخراج الواقع الاقتصادي - المالي من دائرة الخطر شكّلتْ «جرس إنذار» كافياً لإنهاء دورانٍ المأزق الحكومي في حلقة مفرغة.وتشير غالبية المعطيات التي توافرتْ عن لقاء عون - ماكرون الى ان الرئيس الفرنسي كرّر الحضّ على ضرورة قيام حكومةٍ متوازنة تُطمْئن المجتمع الدولي الذي قام بما عليه لمساعدة لبنان على النهوض، وسط كشْف زوار بعبدا (القصر الرئاسي)، بحسب ما نقلتْ «وكالة الأنباء المركزية»، ان الرئيس الفرنسي «كان أكثر من صريح في اللقاء وأن كلامه حَمَلَ نوعاً من التحذير من تداعيات استمرار الفراغ الحكومي سواء بالنسبة الى مؤتمر (سيدر) وانعكاساته السلبية على لبنان في حال التخلف عن الالتزام بمندرجاته السياسية والاصلاحية التي التزمت الدولة اللبنانية تنفيذها، وان ماكرون ابلغ الرئيس عون صراحة ان الكثير من الدول المانحة والمهتمة بالوضع اللبناني ستتراجع عن تعهداتها بتقديم المساعدة وتسقط لبنان من جدول اهتماماتها السياسية والمالية وهذا ليس في مصلحة لبنان كياناً ودولة ومجتمعاً فيما لو لم تشكل الحكومة سريعاً».وفيما تَرافَقَ هذا المناخ مع التقارير الى أشارتْ الى ان السفير بيار دوكين المكلف من الرئاسة الفرنسية بمتابعة تنفيذ «سيدر» شَعَرَ بعد زيارته لبيروت بخيْبة بفعل التأخر بإطلاق عجلة الإصلاحات في سياق تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» نتيجة عدم تأليف الحكومة، فإنّ انطباعاً يسود بأن الانخراط الفرنسي في محاولة دفْع اللبنانيين الى مغادرة «الدائرة المقفلة» قد يفتح الباب أمام نزول الجميع عن «الشجرة» وإنهاء التصلب خلف الشروط والشروط المضادة.وفيما كان «زوار بعبدا» ينقلون أن الظرف اليوم أكثر من مؤات لتشكيل الحكومة وثمة دوافع محلية وخارجية تلتقي حول ضرورة وجود سلطة تنفيذية متكاملة تتولى ادارة شؤون البلاد ومعالجتها، ساد الترقب للقاء «الوشيك» بين عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي بادر أمس الى الاتصال برئيس الجمهورية عون مهنئا إياه بسلامة العودة من يريفان بعد مشاركته في القمة الفرنكوفونية، ومشيداً «بالكلمة التي ألقاها أمام القمة والتي تعبّر عن رسالة لبنان في تعزيز حوار الحضارات».وعشية انتهاء مهلة العشرة أيام التي كان الحريري حدّدها لولادة الحكومة، بدا من الصعب توقُّع ان يكون اللقاء المرتقب بين عون والرئيس المكلف الأخير قبل تصاعُد «الدخان الأبيض» المنتظر منذ نحو 5 أشهر، في ظل اعتبار أوساط سياسية ان ما سيحمله هذا اللقاء سيكون المحكّ الفعلي لمدى قابلية تحقيق اختراق في المأزق الحكومي قبل انقضاء اكتوبر الجاري، وخصوصاً بعدما أضيفت عقدة جديدة الى «سبحة التعقيدات»، تتّصل بحقيبة الأشغال التي أعلن رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) انه يريد انتزاعها من تيار «المردة»، وسط تصاعُد «الاشتباك» بين حزب «القوات اللبنانية» وباسيل بسبب ما تعتبره «القوات» إصراراً على تحجيم تمثيلها في الحكومة العتيدة.وشكّلتْ الانتخابات الطلابية في عدد من الجامعات اللبنانية وتحقيق طلاب «القوات» نتائج باهرة فيها مناسبةً أطلّ عبرها رئيس الحزب سمير جعجع على الملف الحكومي معلناً أن «هذه الانتخابات هي عينة صغيرة تعطينا فكرة عن التمثيل الشعبي في شكل حقيقي، ولم أكن لأرغب بالكلام عن هذا الموضوع لولا الغش الحاصل على هذا الصعيد يومياً، ولذا يا معالي الوزير جبران باسيل إذا أردنا الكلام عن التمثيل الشعبي فهذا هو التمثيل الحقيقي ومن له أذنان سامعتان فليسمع». وفيما شخصت الأنظار على كلمة باسيل مساء أمس في «ذكرى 13 اكتوبر 1990» (الإطاحة بعون من قصر بعبدا) باعتبارها مؤشراً الى المرحلة المقبلة تهدئةً أو تصعيداً، استوقف أوساطاً سياسية حضّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته أول من امس على المسارعة في تأليف الحكومة لما فيه «مصلحة المواطنين وليس من منطلق حزبي»، ومشدداً على ان إيران وسورية لا تتدخلان في مسألة تشكيل الحكومة «لا من قريب ولا من بعيد».
مشاركة :