الترجمةُ هي اختراقُ البحار هي سفينةُ نوح العصرية وهي تمخرُ السماوات نحو اكتشاف الكون معانقة الثقافات المتعددة الترجمةُ هي عشقُ العالمية هي وقودُ التطور البشري احتفل العالمُ في 30 سبتمبر الماضي باليوم العالمي للترجمة، وهو يوم مجيد للاحتفال بالترجمة والاحتفاء بالمترجمين. هذه المبادرة جاءت في عام 1953 وحددت يوم وفاة القديس جيروم الذي توفي سنة 420م، وهو أحد أهم أعلام ترجمة الكتاب المقدس من اليونانية والعبرية إلى اللاتينية ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف العالم عن الاحتفال بهذا اليوم إيمانا منه بأهمية الترجمة وحيويتها. الترجمة لم تعد هواية بل أصبحت من المهن التخصصية المهمة وذات ضرورة ملحة تزداد يومًا بعد يوم لنقل واختراق التراث العالمي. لنتخيل العالم من دون مترجمين كيف سيكون الحال، وكيف يتفاهم الشعوب، وكيف تنتقل المعرفة، وكيف تنتقل الزهور لتعطر العالم. هذا العالم الذي أصبح قرية وربما أصغر بسبب تقنية المعلومات وثورة المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي. كل هذا التقدم المذهل ما كان ليحدث ويكتمل من دون الترجمة. دول خليجية مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة أعطت الترجمة ما تستحقها من اهتمام. ففي بيان صدر عن اتحاد كتاب الإمارات مؤخرا شدد على أهمية الترجمة وأشاد بالشراكة المثمرة والمنتجة مع هيئة الشارقة للكتاب بتوجيه كريم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس حاكم الشارقة الرئيس الفخري لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حيث تمت ضمن هذا المشروع، ترجمة أربعين عملا في الشعر والقصة والمسرح والتاريخ والدراسات النقدية لكتاب إماراتيين إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، وجارٍ ترجمة ستين عملا إلى اللغتين الهندية والإيطالية، مشددا على ريادة هذا المشروع في المحيط العربي. الترجمة إبداع أكثر منها حرفة ويجب عدم التقليل من أهميتها ودعم وتشجيع المترجمين وإيلاؤهم الأهمية والاحترام اللازمين. المترجمون في البحرين قليلون ومشتتون وأكثرهم ربما بدأ يفتقد الحافز بسبب النظرة الدونية للمترجمين وعدم حصول المترجمين على المقابل العادل لهذا الجهد الجبار. الترجمة عملية متعبة وشاقة ويمكن أن تكون غير ذي جدوى إذا لم يحظى المترجم بالدعم المادي كما يحدث لدينا في الوقت الحاضر. البحرين بها عدد من المترجمين المحترمين والأكفاء فهي أرض ولَّادة بالكثير من المبدعين في جميع مجالات الإبداع. الكثير منهم ترجموا كتبًا عديدة ولم يحصلوا على مقابل جهدهم بما يوفر لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة بل أصبح البعض ينفق من جيبه ليصدر ما ترجمه من أعمال وفي النهاية يظل كتابه حبيس المخازن وربما لا يغطي نصف أو ربع الكلفة. لا بد أن تلتفت الدولة إلى المترجمين أو على الأقل تطبع لهم نتاجاتهم وتدفع مكافآت لهم كدعم لعملية الترجمة ولا نقول إنشاء مركز للترجمة ضمن هيئة الثقافة لتعزيز هذا التوجه الحضاري المهم فهو قمة الأمل. إنني أرى أن الوقت قد حان لكي يجتمع المترجمون ويؤسسوا جمعية المترجمين البحرينيين، التي طال انتظارها، لرعاية الترجمة والمترجمين في البحرين وتنظم جهودهم وتحمي حقوقهم وربما تتوسع لاحقا ويتأسس اتحاد خليجي للمترجمين يضع النقاط على الحروف ويعيد للترجمة مكانتها الحقيقية. فمن يعلق الجرس؟ Alqaed2@gmail.com
مشاركة :