كشف موقع «بازفيد» الأميركي، في تحقيق حصري، عن تعاقد دولة الإمارات مع مرتزقة أميركيين لاغتيال سياسيين ورجال دين في الشرق الأوسط وبالأخص في اليمن. وذكر الموقع الأميركي أن أبوظبي تعاقدت مع شركة مرتزقة إسرائيلية خاصة تستخدم مقاتلين سابقين في القوات الخاصة الأميركية، تسمى «سبير أوبيريشن جروب» (مجموعة عمليات الرمح)، مقرها ولاية ديلاوير الأميركية، ومؤسسها هو أبراهام جولان متعاقد أمني هنغاري-إسرائيلي، مقيم في مدينة بيتسبرج «بنسلفانيا»، وقاد واحدة من أولى عمليات التصفية التي أمرت بها الإمارات في اليمن.بدأ «بازفيد» تحقيقه، بأنه في ليلة 29 ديسمبر 2015، كانت هناك مهمة اغتيال بتمويل إماراتي لهؤلاء المرتزقة بقيادة جولان، والمستهدف بها مسؤول محلي لحزب الإصلاح اليمني في عدن يدعى «أنصاف علي مايو». ونقل الموقع عن اثنين من المشاركين في الهجوم، الذي دعمته طائرة بدون طيار، قولهما إنه «أول عملية في مشروع ربحي مذهل»، وإنه لعدة أشهر عمل بعض الجنود الأميركيين الأكثر تدريباً كمرتزقة غامضين في اليمن، لقتل رجال دين بارزين وشخصيات سياسية إسلامية. وعن تفاصيل عملية الاغتيال، يقول أحد المشاركين، إن «الخطة كانت عبارة عن وضع قنبلة تحمل شظايا على باب مقر «الإصلاح»، بالقرب من ملعب كرة قدم في عدن، وكان من المفترض أن يقتل الانفجار جميع من كان في ذلك المكتب». وأضاف: «عندما وصلوا الساعة 9:57 في الليل، كان الجميع هادئين، الرجال تسللوا من سيارات الدفع الرباعي، والبنادق على أهبة الاستعداد، حمل أحدهم الشحنة المتفجرة نحو المبنى، ولكن بينما كان الجندي على وشك الوصول إلى الباب، أطلق جندي آخر من الفريق النار على طول الشارع الخافت، وفشلت خطتهم المصممة بعناية». وأضاف: «العملية ضد «مايو» تم الإبلاغ عنها في ذلك الوقت، ولكن حتى الآن لم يكن معروفاً أنها نُفّذت من قبل مرتزقة أميركيين، وكان هذا التفجير أول هجوم في سلسلة من الاغتيالات المجهولة، التي أدت إلى مقتل أكثر من 24 شخصاً من قادة الجماعة». وقال جولان مؤسس «سبير أوبيريشن جروب» لموقع «بازفيد»: «كان هناك برنامج اغتيالات مستهدفة في اليمن، وكنت أنا من يديره، وقد نفذناه، كان البرنامج مقراً من قبل الإمارات داخل التحالف». وذكر خبراء، أنه من غير المتصور أن الولايات المتحدة لم تكن تعلم أن الإمارات استأجرت شركة أميركية يعمل فيها قدامى المحاربين الأميركيين لتنفيذ برنامج اغتيالات، ونقلت عن 3 مصادر قولها، إن أحد المرتزقة كان يعمل لدى وكالة المخابرات المركزية، ولا يزال على قوات الاحتياط بالقوات البحرية. وكان أحد المرتزقة -وفقاً لثلاثة مصادر على دراية بالعملية- معتاداً على العمل مع «الفرع الأرضي» التابع لوكالة المخابرات المركزية، وهو ما يعادل الوكالة الخاصة بالقوات العسكرية الخاصة بالجيش، آخر كان رقيب القوات الخاصة في الحرس الوطني لجيش ولاية مريلاند، وآخر -وفقاً لأربعة أشخاص عرفوه- كان لا يزال في الاحتياطي البحري كخاتم، ونقل الموقع عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قولها، إنها ليست لديها أية معلومات عن برنامج الاغتيال الإماراتي. التعاقد مع المرتزقة ويقول «بازفيد»، إن الصفقة التي جلبت المرتزقة الأميركيين إلى شوارع عدن، تم تجسيدها على وجبة غداء في أبوظبي داخل مطعم إيطالي في نادي الضباط بقاعدة عسكرية إماراتية، بحضور أبراهام جولان وإسحاق جيلمور القائد السابق في سلاح البحرية الأميركية، وأضاف الموقع، أن محمد دحلان رئيس الأمن السابق في السلطة الفلسطينية «الذي يعمل مستشاراً لولي عهد أبوظبي» كان مستضيفهما. ووصف الموقع أن ما حدث هو «زاوج غير متوقع» بين جولان الذي ولد في هنغاريا لأبوين يهوديين، يحافظ على علاقات طويلة الأمد مع إسرائيل بسبب عمله الأمني، والتي عاش فيها لسنوات –حسب مصادر عدة- وأنه سبق أن اجتمع مع رئيس الموساد السابق داني ياتوم في لندن. ويشرح الموقع الأميركي تفاصيل دقيقة عن لقاء دحلان -الذي وصفه بالهارب إلى أحضان «حفرة الثور»- مع المرتزقة قائلاً، إن دحلان وجّه إليهما سؤالاً: «ما الذي يميز المقاتلين من أميركا بأنهم أفضل من الجنود الإماراتيين؟» ليجيب جولان بتبجح، قائلاً: «أعطني أفضل رجل وسأضربه، أي واحد»، ليشير دحلان إلى طاولة قريبة عليها فلسطينيان قائلاً: «إنهم أفضل رجال لي»، وهي النكتة التي أدت إلى انتهاء التوتر، ليوصي بعدها دحلان ضيوفه بتناول «السباجيتي». ونقل الموقع عن جيلمور أنه «لا يتذكر أي شخص يستخدم كلمة الاغتيالات على وجه التحديد، لكن كان واضحاً من ذلك الاجتماع الأول، أن هذا لا يتعلق باحتجاز قيادة حزب الإصلاح»، مضيفاً: «لقد كان هدفنا محدداً للغاية». وقال جولان، إنه تم إخباره صراحة بالمساعدة في «تعطيل وتدمير» الإصلاح، الذي يصفه بأنه «فرع سياسي لمنظمة إرهابية»، وأكد أن أبوظبي طلبت منه قتل مجموعة من «الإرهابيين». وأفاد جولان وجيلمور، بأنه تم الاستقرار بعد أسابيع من مأدبة الغداء على حصول الفريق على 1.5 مليون دولار شهرياً، بالإضافة إلى مكافآت مقابل عمليات القتل الناجحة -رفض المصدران تحديدها- وأوضح أنهم قاموا بأول عملية لهم بنصف السعر لإثبات ما يمكنهم فعله، وبعد ذلك بدأت شركة «جولان» في تدريب الجنود الإماراتيين على تكتيكات «الكوماندوز.» وذكر جولان وجيلمور للموقع الأميركي، أن هناك شرطاً آخر تم الاتفاق عليه، هو أن تأتي أسلحتهم وقائمة أهدافهم من ضباط عسكريين إماراتيين، وذلك لأسباب قضائية، وقالا إن «علامات الزي العسكري الإماراتي والكلاب، ستشير إلى الفرق بين المرتزقة والرجل العسكري»، وحسب المصدرين، فإن دحلان وقّع مع الحكومة الإماراتية على الصفقة، وبدأت مجموعة «سبير سيرفيسز» العمل على برنامج الاغتيالات. وقامت مجموعة «سبير» -وفقاً لثلاثة مصادر- مع دولة الإمارات العربية المتحدة بإعطاء رتبة عسكرية للأميركيين المشاركين في برنامج الاغتيالات، والتي قد توفر لهم غطاء قانونياً. وقال الموقع، إنه مع حلول نهاية عام 2015، بدأ جولان وجيلمور في جمع فريق من عشرات الرجال، ثلاثة منهم كانوا قدامى المحاربين الأميركيين، ومعظم الباقين كانوا من القوات الأجنبية الفرنسية السابقة، الذين كانوا أرخص بحوالي 10,000 دولار في الشهر، وأضاف الموقع الأميركي، أن الفريق اجتمع في فندق بالقرب من مطار «Teterboro» في ولاية نيوجيرسي، حيث كانوا يرتدون ملابس متنوعة من الزي العسكري بعضهم في التمويه وبعضهم أسود، وكان بعضهم ملتحياً ويحمل وشوماً. وفي يوم 15 ديسمبر -حسب الموقع- استقل أعضاء فريق جولان طائرة «جالف ستريم G550»، التي تزودت بالوقود في اسكتلندا، وهبطوا في قاعدة عسكرية إماراتية في الصحراء، بدلاً من مطار أبوظبي الرئيسي حسب الخطة. ويضيف الموقع، أنه بعد ذلك تم نقلهم إلى قاعدة إماراتية في عصب بدولة إريتريا، وحسب جيلمور، قام ضابط إماراتي بزي رسمي بإطلاعهم على قائمة الاغتيالات التي ضمت 23 اسماً بصورهم ومعلومات عنهم، وأماكن إقامتهم ودورهم السياسي. وذكر «بازفيد» في ختام تحقيقه -الذي أكد أنه اطلع على نماذج من قائمة الاغتيالات وصور للفريق المنفذ داخل أكواخ في اليمن- أن جولان وجيلمور تركا هذا العمل في أواخر 2016، واتجها إلى وظائف أخرى مع شركات أمنية.;
مشاركة :