«العرب» تنفرد بأول تصريحات لمحكّمي القضايا الأسرية بـ «الأعلى للقضاء»

  • 10/18/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكد عدد من المحكمين بقضايا الأسرة بالمجلس الأعلى للقضاء أن غالبية المشاكل الأسرية وقضايا الطلاق يعود السبب الرئيس فيها إلى الجهل بالحقوق والواجبات لدى الطرفين، مشيرين إلى أن هذا السبب كان أساسياً في حصول الشقاق والنزاع بين الزوجين بما يمثل نسبة 90 % منها. وأضافوا، في أول تصريحات صحافية تنفرد بها «العرب»، أن مستحقات المطلقات لا بدّ أن تُعطى لمن تستحق ممن تعرّضت فعلاً للظلم وسُلبت حقوقها، لافتين إلى أن المرأة التي تطلب الطلاق من غير ما بأس فهذه آثمة شرعاً، ويجب أن تُحرم من هذه الامتيازات، وأن تكون هذه الامتيازات حصراً على من وقع عليهن ضرر وظلم، فيكون ذلك عوناً لهن على الحياة وتعويضاً عن ما فات. وأشاروا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كانت سبباً بارزاً في زيادة حالات الطلاق خلال الفترة الماضية، مطالبين بأن تتم الاستفادة من تقارير المحكّمين ومراكز الإصلاح الأسري في دعاوى الفرقة الزوجية، مع مراعاة الخصوصية والسرية بإنشاء قاعدة بيانات وتحليلها عبر مراكز دراسات متخصصة، لمعرفة أسباب الشقاق والنزاع الشائعة ووسائل نزع فتيلها؛ ومن ثم العمل على إيجاد الحلول التي تساهم في تقليلها فضلاً عن أهمية التأكيد على ضرورة مراعاة عند وضع وتعديل القواعد الإجرائية إعطاء الوقت الكافي لمساعي الصلح بين الزوجين، وإيجاب السعي إلى تحقيقه في جميع صور الفرقة القضائية، الأمر الذي يساهم في تقليل حالات النزاع في دعاوى النفقات والحضانة. فراج الشيخ: يجب أن يكون المحكّم حريصاً على عدم إفشاء الأسرار حول الصفات الأساسية التي يجب توافرها في المحكم الأسري، قال المحكم الدكتور فراج الشيخ الفزاري: «إن الهدف من التحكيم إصلاح وتقريب وجهات النظر بين الزوجين، فضلاً عن أنه يختصر الإجراءات ويسرع في حسم النزاع؛ لأن إطالة النزاع قد تساعد في تفاقم الوضع الذي يصعب معه عودة الحياة الزوجية إلى مسارها الصحيح». وأضاف: «من هنا كان لا بدّ من وجود جهة مختصة تسارع وتأخذ دور الناصح والمرشد في أمور الحياة الزوجية، ومن هذه الزاوية يتم اختيار المحكمين من أهل العلم المتعدد الجوانب شرعاً ونقلاً من أهل التقويم والتميّز بالنزاهة والحسبة لله سبحانه وتعالى، مشيراً إلى أن عمل المحكمين يختلف تماماً عن عمل مراكز الإصلاح الأسري، وإن كان عملهما مكملاً للآخر؛ لأن المحكمين يعرضان المسائل الفقهية والأحكام الشرعية والالتزامات المشتركة من حقوق وواجبات بين الزوجين والحياة الأسرة المتعاقبة التي تأخذ في الحسبان كل منظومة الحياة الاجتماعية والمتغيرات ذات العلاقة كالعادات والتقاليد». وتابع الشيخ قائلاً: «توجد اعتبارات أخرى يجب توافرها في المحكم، بجانب تأهيله العلمي ومعرفته بالحقوق الشرعية وغيرها من الأمور الفقهية، وأعني بذلك «أخلاقيات المهنة»، فالتحكيم في دعاوى الأسرة يعني الاطلاع على خفايا وأسرار الأسرة المتنازعة، فيجب على المحكّم أن يكون حريصاً على عدم إفشاء أسرار طرفي النزاع مع أصدقائه أو أهله أو أي من معارفه. وأشار إلى أنه يجب على المحكم أن يستشعر عظم المسؤولية، ويتعامل مع الدعوى التي أمامه وكأنها تخصه شخصياً، وأن يتمثلها وكأنها تحدث في بيته، مع ابنته أو ابنه أو بعض أهله المقربين، وأن ينظر إليها من خلال هذا المعيار الدينى الأخلاقي التربوي، وأن يعطي القضية كل وقته وفكره وتجربته ولا يتسرع في إصدار الأحكام إلا بعد اقتناعه، بأنه لم يبقَ من طريق يسلكه إلا هذا الطريق الذي سيكتبه في تقريره المرفوع للمحكمة. عبدالسلام قنديل: ضعف الجانب الإيماني من أسباب النزاع بين الأزواج عن صبر المحكّم وسعة أفقه وتحمّله الجلوس مع الأزواج له أثر في تصوير حقيقة النزاع، ويقول المحكم عبدالسلام حسن قنديل: «بالفعل له أثر في تصوير حقيقة النزاع، وقبل أن أتحدث في هذا الأمر لا بدّ من تقدمة بسيطة يتصورها ويعلمها ويعايشها المحكّم، وهي معرفة أسباب النزاع بين الأزواج، ومنها ضعف الجانب الإيماني، فبضعف الجانب الإيماني عند الزوج أو الزوجة تكون الفرصة سانحة لعدونا الأول الشيطان وأتباعه من شياطين الإنس المحيطين بالزوجين الذين يساعدون على تفاقم المشاكل بين الزوجين، وذلك بالغيبة والنميمة والفتنة وغير ذلك من الاستماع لهم وتصديقهم». وأضاف: «كذلك القصور في معرفة الحقوق الزوجية، فللزوجة حقوق وللزوج حق على زوجته، فلا بدّ من معرفة حق كل طرف وواجبه، وأن تسود بينهما المودة والرحمة، فبمعرفة المحكم هذه الأمور وغيرها فإنه يستطيع تشخيص الداء، وسبب المشكلة، وكيف يناقش الطرفين لحل هذه المشكلات. فالمحكم يتحلى دائماً بذلك وبالصبر حيث يجد أحياناً من كل طرف ما يريد به أن ينتصر على الطرف الآخر، وأحياناً بغير حق، وخاصة من الطرف المخطئ، فيستوعبه المحكم ولا يتصادم معه، ويرجعه للأصل الذي نحتكم إليه وهما القرآن والسنة، والخوف من الوقوف بين يدي الله، ومراعاة العشرة التي بينه وبين زوجه. وأكد قنديل أن هدف المحكمين هو الإصلاح، مع ردّ المخطئ إلى صوابه ببيان تقصيره وتفريطه إن كان كذلك، ودعوته أن يتقي الله في زوجه ليرضي ربه ويسعد قلبه ويهنأ في معيشته، فإن لم يستطع المحكمون الإصلاح بعد محاولاتهم وسعيهم وصبرهم، فإن المحكمين بخبرتهم وبتوفيق الله لهم يتبينون المخطئ من المصيب بالأدلة والبراهين، ليرفعوا بذلك تقريراً مفصلاً للقاضي. مصطفى محمود: المرأة التي تطلب الطلاق من غير «ما بأس» آثمة شرعاً حول النفقات التي تُفرض على الزوج المطلِّق ومدى استفادة الزوجة منها، قال المحكم مصطفى محمود: «بلا شك أن بعض النساء تظن أنه بعد الطلاق يمكن أن تستمر في غياب ربان السفينة بلا مشكلات، وهي في هذا تتأثر بما تسمعه من بعض المطلقات من حكايات يحاولن بها تجميل وجه الطلاق، وأنهن استفدن منه استفادة عظيمة؛ مما يجعل المرأة تستهون أمر الطلاق، فتقدم عليه ممنية نفسها بالحرية والاستقلال والمال الوفير. وبعد أن يصبح الطلاق حقيقة ماثلة، تدرك فداحة الأمر، فترى بعينها تفلّت أبنائها وتفرّق الأسرة وضياع الكيان». عن وجهة نظره حول الحُكم للمطلقات بالسكن ونفقة الأولاد وأجرة خادم وسائق والحصول على راتب أو مسكن من الدولة لبعض الحالات، وغيرها من المكاسب المادية التي تساهم في كثرة حالات الطلاق، قال المحكم محمود: «من غير المشكوك فيه أن أصل حالات الطلاق هو الفتور في العلاقة الزوجية والإهمال الأسري، وعدم العناية بالمشكلات حتى تتعاظم ويطول عليها الأمد، وتصبح الزوجة قادرة على التأقلم والحياة بدون دور كبير للزوج، في ظل مقاطعة داخلية وتدابر في الحياة اليومية. ووقتها، تبدأ الزوجة تسأل عن وضع ما بعد الطلاق، فتجد إجابات ممن سبقنها للطلاق بأن الطلاق يضمن لك حقوقاً مادية ويقود لك مصالح بالجملة». وأضاف أن هذه المستحقات لا بد أن تُعطى لمن تستحق ممن تعرضت فعلاً للظلم وسُلبت حقوقها. أما المرأة التي تطلب الطلاق من غير ما بأس، فهذه آثمة شرعاً، ويجب أن تُحرم من هذه الامتيازات، وأن تكون هذه الامتيازات حصراً على من وقع عليهن ضرر وظلم، فيكون ذلك عوناً لهن على الحياة وتعويضاً عما فات. وتابع قائلاً: «والخلاصة أن المرأة عليها أن تتقي الله في زوجها وفي طلبها الطلاق؛ فالأصل أن الطلاق يكون لسبب وجيه مقبول، كتقصير شديد من الزوج، أو ذهاب دينه، أو كُرْه لا يمكن التعايش معه، ونحو ذلك». مضيفاً: «فإن صبرت والحالة هذه، فهذا هو الأولى وسيعوّضها الله على صبرها. وإن أقدمت على الطلاق، فعليها أن تتحرى الصدق ولا تظلم الزوج؛ لأن القاضي إنما يحكم وفق البينات، وربما كانت الزوجة صاحبة حجة، لكن الله العليم بكل شيء يعلم أنها غير صادقة، ووقتها ستدخل في الوعيد الشديد، ولن يُبارك لها في حياتها الجديدة أبداً؛ لأنها بدأتها بالغش والخداع». خالد عثمان: دورات إلزامية لتهيئة المقبلين على الزواج لمحاربة الطلاق حول النصائح التي يقدمها المحكمون للمقبلين على الزواج، قال المحكّم الدكتور خالد عثمان عبد الله: «إنه يجب أولاً التأكيد على أهمية حصول الشباب المقبلين على الزواج على جرعات كافية من التوعية والمعرفة والمهارات التي تهيؤهم للزواج، وتضمن لهم حياة زوجية مستقرة، وتقيهم من الوقوع في الطلاق، وأهم هذه المعارف والمهارات معرفة مقاصد الشريعة الإسلامية من الزواج»، مبيناً أن مقاصد الشريعة من الزواج لا تقتصر على مجرد قضاء الوطر فحسب، ولا الحصول على الولد فقط، بل تحصيل السكن بتحقق المودة والرحمة بين الزوجين، وطاعة الله تعالى بإقامة حدوده، واجتناب نواهيه، وعمارة الأرض التي أمر الله بها وسلامة المجتمع. وتابع: «حسن الاختيار وعدم التعجل، وذلك بمراعاة الأسس الشرعية والأخلاقية، والمعايير الشخصية المطلوبة، وبالتروي وعدم الاستعجال في الاختيار؛ فحسن الاختيار بداية الاستقرار، وهو أهم وأصعب مرحلة في الزواج. وما ينشأ من سوء الاختيار من الشقاق والنزاع وتفكك الأسرة لا تعود آثاره على الزوجين فقط، بل تمتد إلى سائر المجتمع. وقد كان الاختيار الخاطئ والاستعجال وعدم مراعاة هذه المعايير من أهم الأسباب التي أدت إلى الشقاق والنزاع في الدعاوى المحالة للتحكيم. وطالب المحكّم عبدالله بضرورة معرفة ومراعاة الحقوق الزوجية؛ حيث إن هذه الحقوق هي أساس الأسرة في الإسلام، والجهل بها وعدم مراعاتها يهدم قوامها، وغالب المشاكل الأسرية وقضايا الطلاق يعود السبب الرئيس فيها إلى الجهل بهذه الحقوق والواجبات وعدم مراعاتها، فباستقراء سريع لمحتوى بعض تقارير التحكيم نجد أن الجهل بهذه الحقوق وعدم مراعاتها كان السبب الرئيس في حصول الشقاق والنزاع بين الزوجين بما يمثل نسبة 90 % منها، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد من تلك الأسباب: التقصير في الحق الشرعي والهجر في الفراش، والتقصير في النفقة، والعنف البدني واللفظي، وعدم طاعة الزوج في المعروف والخروج والسفر دون إذنه، وعدم القيام بالواجبات الدينية (كالصلاة)، والجهل بحرمة الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والاستعانة بهم، وعدم التوازن بين الحقوق الزوجية وحقوق الوالدين والأهل، وعدم الالتزام الأخلاقي، والغيرة المفرطة، وعدم العدل في حال التعدد، والشك والتخوين وعدم حفظ الأسرار . وقد كان للاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الحديث أثر كبير في ذلك الفتور في العلاقة الزوجية وعدم الإشباع العاطفي؛ مشيراً إلى أن التذكير والتبصير بهذه الحقوق وضرورة مراعاتها وتفهمها من قبل الزوجين كان له أثر إيجابي في الحالات التي يتم فيها الصلح في جلسات التحكيم. وتابع: «إضافة لما سبق، فعلى المقبلين على الزواج أن يشاركوا ويستفيدوا من الدورات العامة والمتخصصة في تقديم المعارف المهارات والتي يجب أن يقوم بتقديمها مجموعة مؤهلة من قِبل اختصاصيين في الشريعة والقانون وعلم التأهيل التربوي، واختصاصيي علم الاجتماع الأسري وعلم النفس، وأقترح أن تكون هذه البرامج بصفة إلزامية، فقد أثبتت بعض الدراسات في المنطقة الأثر الكبير لدورات التأهيل الزواجي الاختيارية في تقليل نسبة الطلاق». وأضاف: «وهناك توجه عام في الدعوة لإلزامية هذه الدورات، بل اتجهت بعض الدول في المنطقة إلى استصدار تشريعات تلزم المشاركة في هذه الدورات قبل إبرام عقد الزواج، وأدعو إلى تسليط الضوء عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي على أهمية هذه الدورات. وفي العموم أن يكون تفعيل دور الأسرة في المجتمع ضمن أولوياتها، وبيان الآثار الإيجابية للجهود الرسمية وغير الرسمية التي تهدف إلى رأب الصدع في الأسر والتقليل من نسب الطلاق. في السياق ذاته، اقترح المحكم عبدالله أن تتم الاستفادة من تقارير المحكمين ومراكز الإصلاح الأسري في دعاوى الفرقة الزوجية مع مراعاة الخصوصية والسرية بإنشاء قاعدة بيانات وتحليلها عبر مراكز دراسات متخصصة، لمعرفة أسباب الشقاق والنزاع الشائعة ووسائل نزع فتيلها؛ ومن ثم العمل على إيجاد الحلول التي تساهم في تقليلها. أحمد البوعينين: المحافظة على الأسرة من التصدع تصلح المجتمع حول المقترحات التي يراها المحكّم بحاجة إلى اهتمام من قِبل القاضي والمحاكم عموماً، قال الشيخ أحمد محمد البوعينين: «بداية، أؤكد على الجانب المهم الذي يقوم به المحكمون في السعي إلى الصلح بين الأطراف، فيُراعى أن يكون المحكمون من ذوي التأهيل من النواحي الشرعية وغيرها، لذا اقترح أن تقيم المحاكم دورات للمحكمين لتعزيز المعارف والمهارات لديهم، تُقدّم من قِبل اختصاصيين في القانون والتربية، وعلم الاجتماع الأسري وعلم النفس». وتابع قائلاً: «وبما أن المحكمين يعتبرون من الخبراء وأعوان القضاة، ويساهمون في جهود الإصلاح بين الأزواج وفي سرعة الفصل في النزاع، فاقترح أن يُراعى عند تحديد مكافآتهم أن تتناسب مع جهودهم في السعي إلى الإصلاح، أسوة بزملائهم الخبراء في المجالات الفنية والتجارية. كما اقترح أن يكون لكل دائرة في محاكم الأسرة عدد من المحكمين، ويحسن أن يكون هناك توافق بينهما، وأن يجلس المحكمون مع القاضي قبل مباشرة المأمورية». عن حملات التوعية للحد من ظاهرة الطلاق، قال الشيخ البوعينين إنه ينبغي أن يسعى الجميع وتتضافر الجهود للحد من هذه الظاهرة؛ لأن الأسرة هي أساس المجتمع، فبالمحافظة عليها من التصدع والانهيار يصلح المجتمع». وأضاف: «وقد قدّمت بعض البرامج، ولي مشاركات في هذا الجانب، ورسالتي للماجستير حول هذا الموضوع، واقترح أن تكون الدورات التي تقدم للمقبلين على الزواج بصورة إلزامية أو شبه إلزامية حتى تعم الفائدة منها. كما أقترح أن يكون للمحاكم وللسادة القضاة خاصة مزيد من المساهمات في هذا الجانب، بعقد ورش ودورات متخصصة؛ فهم خير من يشخص الداء ويقدم الحلول.;

مشاركة :