أ- عبدالفتاح أحمد الريس عادة ما تكون الدولة عظمى ، وقتما تمتلك قوة سياسية واقتصادية وعسكرية ويسكنها شعب مُتحضر ومُتطور في شتى مجالات الحياة غير أن هذه المعايير أضحت فيما بعد معايير كلاسيكية أو تقليدية ما لم تؤطرها مقومات أخرى تكنولوجية وتقنية وثقافية ومعرفية وقوة في التأثير والذي يعتبره الكثير من الخبراء في هذا المجال من أهم معايير القوة ، ودولتنا السعودية بلا شك تملك جميع هذه المقومات فهي بالإضافة لما تميزت به من موقع جغرافي واستراتيجي مُهم ، وتملك أرضاً شاسعة أشبه ما تكون قارة تجود بالخيرات الوفيرة وفي مقدمتها البترول حيث تحتل المركز الأول احتياطياً وإنتاجياً وتصديراً على مستوى العالم بالإضافة للصناعات البتروكيماوية وبأعلى المواصفات والجودة العالمية والتي جعلت منها مجتمعة قوة اقتصادية لا يستهان بها كما أشار إلى ذلك دانيل يرجين نائب رئيس شركة ( IHS ) والعضو العربي الوحيدة في مجموعة العشرين ، والذي مكنها من أن تلعب دوراً كبيراً في تحقيق التوازن الاقتصادي وإعادة التنظيم والتبادل التجاري مع مُعظم دول العالم . هي أيضاً تملك جيشاً من أقوى الجيوش العالمية بحسب تصنيف موقع Global Fire Power حيث تحتل المركز الثاني والعشرين ضمن قائمة القوى العسكرية الدولية لعام 2017م والثاني عربياً ولديها من الأسلحة المتنوعة والمتطورة ما يصعب حصره هنا لأجل الدفاع عن كيانها براً وبحراً وجواً والحفاظ على أمنها واستقرارها واللذان أصبحا مضرب المثل على المستوى العالمي ، ولأن التنمية المستدامة باتت خياراً استراتيجياً ، فقد اتخذت منها قوة لاقتصادها ناهيكم عن سعيها الحثيث لتحويل مواطنيها إلى مجتمع معرفي يُساهم وبفاعلية في تحوّل هذا الاقتصاد إلى اقتصاد معرفي بحلول عام 2020م يُضاف إلى ذلك تميزها بوجود طاقات شبابية واعية وطموحة ومثقفة ومبدعة وعالية المستوى التعليمي في مختلف التخصصات العلمية والأدبية والتقنية والذين من خلالهم حصدت المملكة كثيراً من براءات الاختراعات والجوائز العالمية . أما على الصعيد السياسي فقد حباها الله والذي يؤتي الملك لمن يشاء بقادة حكماء ومُخلصين وأوفياء لخدمة هذه البلاد المباركة في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة منذ ثلاثة قرون وحتى الآن ، وجندوا أنفسهم وأموالهم للدفاع عنها وعن البلدان العربية والإسلامية بمختلف الطرق والوسائل مستفيدين بذلك من خبرتهم وتجاربهم الطويلة وسعة اطلاعهم ، وسياستهم المتوازنة ودورهم الإيجابي في إدارة الأزمات سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ، وبالتالي لا جرم وهي تُمثل القوة الرائدة بلا منازع في مُحاربة التطرف والإرهاب فضلا عما تقوم به من دور نشط لدى هيئة الأمم المتحدة لمُناصرة الحق وتحقيق الأمن والسلام الدوليين . أما على صعيد المساعدات الخارجية ، فقد احتلت المركز الأول عالمياً حيث بلغ ما قدمته للمحتاجين والمتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية في العديد من بلدان العالم العربي والإسلامي وغيرها من دول العالم كجانب إنساني139 مليار دولار استفادت منها أكثر من 955دولة بحسب تقارير الجمعيات الخيرية والحملات الإغاثية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لأربعة عقود ماضية وفي مقدمتها اليمن وفلسطين والعراق أثناء حربها مع إيران وأثناء تحرير الكويت ، والمجاعة في الصومال ، ولبنان ومصر والأردن أثناء ازمتهم المالية وكذلك اللاجئين الأفغان في باكستان واللاجئين السورية ومُسلمو الروهينجا ، فيما بلغت المساعدات التي تمت عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أكثر من ملياري دولار منذ إنشائه عام 2015م شملت 37 دولة استفاد منها ملايين الأشخاص من غذاء ومياه شرب وكساء وعلاج وايواء ومخيمات عدا قيامها بالإصلاح بين الفرقاء العرب والمسلمين وتعزيز الوحدة بينهم وتميزها بفصل التوائم والذي أكسبها شهرة عالمية لا سيما وهي تقوم بهذا العمل الإنساني النبيل بالمجان ودونما نظر للديانات الأخرى علاوة على امتلاكها لأكبر طاقة شمسية ومحطات تحلية للمياه المالحة عالمياً ، وفوق هذا كله تفردها بتطبيق تعاليم الإسلام الذي قامت عليه وعملت على نشره من أصوله الصحيحة واحتضانها للحرمين الشريفين وخدمتهما إلى جانب حجاج بيت الله الحرام الوافدين سنوياً من كل أصقاع الأرض بمختلف جنسياتهم ومذاهبهم ولغاتهم ، ومقدرتها الفائقة على إدارتهم كأكبر تجمع بشري يزيد على ثلاثة ملايين نسمة يتحركون في مكان مُحدد ، وزمن لا يتجاوز أربعة أيام فقط إلى جانب المعتمرين والزائرين على مدار الساعة ، ولطالما هي كذلك ، فهي دولة عظمى بكل المقاييس .
مشاركة :