طرابلس - لا تعير بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ورئيسها غسان سلامة أي اهتمام للمفاوضات الدائرة بين مجلسي النواب والدولة التي شهدت تقدما مفاجئا الأيام الماضية. واستفز هذا التجاهل رئيس لجنة الحوار عن البرلمان المنعقد شرق البلاد عبدالسلام نصية. واستغرب نصية تجاهل بعثة الأمم المتحدة للتقدم الحاصل في توحيد السلطة التنفيذية. وتساءل في تدوينة على صفحته بموقع تويتر “هل تجاهل بعثة الأمم المتحدة للتقدم الحاصل في توحيد السلطة التنفيذية مرده التمسك بالمجلس الرئاسي الحالي واستمرار الانقسام لعدم وجود توافق إقليمي؟ أم إلى إطالة عمر البعثة أسوة بالأجسام التشريعية والتنفيذية في ليبيا؟”. وشهدت مفاوضات توحيد السلطة التنفيذية تقدما ملحوظا في الأسابيع الماضية، حيث تم الاتفاق على آلية اختيار أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وأعضاء الحكومة.وبهذه الخطوة يكون الفرقاء الليبيون قد أزالوا أغلب العراقيل التي حالت دون توصلهم إلى اتفاق على مدى أربع سنوات، ولم تتبق سوى المادة الثامنة في اتفاق الصخيرات التي شكلت حجر العثرة الرئيسي أمام عدم تطبيق اتفاق الصخيرات، الموقّع في ديسمبر 2015 وانبثق عنه المجلس الرئاسي الحالي برئاسة فايز السراج. وتنص المادة على “نقل كافة صلاحيات المناصب العسكرية والأمنية العليا، إلى مجلس رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق فور توقيع الاتفاق، كما يتعين قيام المجلس باتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال 20 يومًا، وفي حال عدم اتخاذ قرار خلال هذه المدة، يتخذ المجلس قرارات بتعيينات جديدة خلال 30 يومًا”. واعتبر حينئذ مجلس النواب أن هذه المادة تستهدف بالأساس إقصاء القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر. عبدالسلام نصية: تجاهل التقدم الحاصل في توحيد السلطة التنفيذية مرده التمسك بالسراجعبدالسلام نصية: تجاهل التقدم الحاصل في توحيد السلطة التنفيذية مرده التمسك بالسراج وطالب مجلس النواب مرارا بتعديل اتفاق الصخيرات وحذف المادة أو تعديلها وهو ما قوبل برفض المبعوث الأممي السابق مارتن كوبلر وتيار الإسلام السياسي، قبل أن يتم تعيين غسان سلامة الذي خصص الجزء الأول من خطته لتعديل الاتفاق وتوحيد السلطة التنفيذية. لكن الفرقاء الليبيين فشلوا على مدى أشهر في التوصل إلى توافق، ما دفع سلامة إلى طي صفحة المفاوضات والمرور إلى الجزء الثاني من خطته المتمثل في عقد مؤتمر وطني جامع يهدف إلى تحقيق مصالحة شاملة تمهد الطريق للانتخابات. وأعلن عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة وجود توافق كبير بين أعضاء المجلس حول إلغاء المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات. وقال بن شرادة في تصريحات نشرها موقع “بوابة الوسط” المحلي “بعد التواصل مع أعضاء مجلس النواب والاطلاع على التصريحات الخاصة بالجلسة الأخيرة، التي طالب خلالها النواب بإلغاء المادة الثامنة كشرط أساسي لتضمين الاتفاق السياسي، تواصلت لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للدولة مع أعضاء المجلس بالخصوص، ومن أجل مصلحة الوطن هناك توافق كبير حول إلغاء المادة الثامنة”. ويقول مراقبون إن غسان سلامة يتجاهل هذا التقدم المهم في مسار توحيد السلطة التنفيذية لإدراكه أن هذه الجهود تهدف إلى إطالة أمد الأزمة والتصدي لإجراء الانتخابات. ويتوقع هؤلاء استمرار دعم المجتمع الدولي لفايز السراج وحكومته حتى إجراء الانتخابات التي ما زال الجدل قائما بشأن موعد إجرائها. وكان سلامة انتقد خلال إحاطته أمام مجلس الأمن مطلع سبتمبر المنقضي مجلس النواب. وقال إن “الكثير من أعضاء مجلس النواب يخفقون في القيام بعملهم على النحو الواجب. ويسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية خلف ستار الإجراءات” مشددا على أنهم “ببساطة ليست لديهم النية في التخلي عن مناصبهم. ومن أجل طموحات شخصية، دفع جميع مواطني ليبيا أثماناً باهظة”. وردا على سؤال حول ما إذا كان قد فوجئ بالصعوبات في ليبيا، قال المبعوث الأممي في مقابلة صحافية أجراها مطلع الشهر الحالي “لا، ربما تفاجأت بإبداع الليبيين في العثور على عراقيل. هم يجدون وسائل غير متوقعة لإدامة الأمر الواقع” الذي يعتبره عدوه الأول في البلاد. وينشغل غسان سلامة حاليا رفقة نائبته ستيفاني ويليامز بالمسار الأمني وهو ما يعكسه اهتمامه بالترتيبات الأمنية في طرابلس ومفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية التي استؤنفت مؤخرا في القاهرة. واستبق المسؤولان الأمميان تلك المفاوضات بمباحثات مع المسؤولين المصريين مطلع الأسبوع الماضي. والثلاثاء زارا مدينة مصراتة حيث تباحثا مع أبرز الشخصيات والأطراف الفاعلة في المدينة المهمة غرب ليبيا. وقال سلامة “نسعى لإحلال قوة مشتركة محل التشكيلات المسلحة في طرابلس. العاصمة لكل الليبيين ويجب أن يكون كل ليبي قادراً على دخولها وهو آمن”. وتأتي الزيارة بعد قرابة شهر من لقائه وفدًا من بلدية مصراتة، لمناقشة آخر المستجدات في ليبيا بما فيها الإصلاحات الاقتصادية والوضع الأمني في طرابلس.
مشاركة :