القاهرة – أحمد سيد حسن ــ تنعقد اليوم في العاصمة السودانية الخرطوم القمة الرابعة والعشرين بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير، في ختام اجتماعات اللجنة المشتركة التي ستشهد التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون وبينها البدء في تنفيذ مشروع الربط بين البلدين بخط سكة حديدية بطول حوالي ٦٠٠ كيلومتر، إضافة إلى الربط الكهربائي وفتح منافذ حدودية للتبادل التجاري. وتأتي هذه القمة في أجواء سياسية وإعلامية هادئة بين مصر والسودان، هي في أفضل حالة لها، على الرغم من عودة البشير إلى تأكيد إصرار بلاده على استعادة مثلث حلايب وشلاتين، الذي يقع تحت السيادة المصرية وساهم اتفاق ترسيم الحدود المصري السعودي في إقرار خط عرض ٢٢ للحدود المصرية، الذي يعني سيادة مصر على المثلث. وتحاول قيادتي البلدين على تجنب تحويل هذا الملف الى قضية للنزاع، والعودة إلى صيغة «التكامل» بين مصر والسودان وتنفيذ اتفاقيات التعاون المقررة، حيث شهد هذا العام إبرام اتفاقيات كبيرة، لا سيما خلال زيارة البشير إلى القاهرة في يوليو الماضي وسط ترحيب كبير بعد أشهر من التوتر زاد منها، مسلسل «أبو عمر المصري» الذي أدرج مدنا سودانية كقواعد للإرهاب، وما تبعه من حرب اعلامية بين البلدين. وجاء تحسن الأجواء الإقليمية ليزيد من التقارب بين القاهرة والخرطوم، خاصة بعد تغير دفة الحكم في أثيوبيا وتولي ابيي احمد رئاسة الحكومة ومساهمته في تهدئة الخلاف حول سد النهضة الذي شهد عقبات داخلية فى طريق التنفيذ، وبالتالي أتيحت لمصر فترة من الدبلوماسية الهادئة لتقريب المواقف مع إثيوبيا، والسودان التي جري اتهامها سابقا بالانحياز إلى الموقف الأثيوبي. كما ان السيطرة المصرية على حدودها الجنوبية مع السودان والتنسيق مع الخرطوم، نجح في أن تصبح هذه الحدود الأكثر أمنا، مقارنة بحدود مصر مع ليبيا في الغرب وغزة وإسرائيل شرقا، وتهتم مصر مع السعودية على تأمين البحر الأحمر والى التنسيق مع السودان في هذا الإطار، خاصة مع تطورات الحرب اليمنية والسعي إلى تأمين مضيق باب المندب، في ظل ظروف إقليمية أخرى مؤاتية بالمصالحة الأثيوبية – الإريترية، واحتضان السعودية والإمارات لهذا التقارب. وبالتالي يعتبر التنسيق المصري السوداني حجر الزاوية في تأمين البحر الأحمر ، والمساعدة في حسم الحرب في اليمن بشكل كبير، خاصة بعد تراجع التواجد التركي في السودان وتجميد مشروع تطوير جزيرة سواكن، في البحر الأحمر، وتهميش الدور الإيراني في القرن الأفريقي والدول المطلة على البحر الأحمر. ولا بد أن تلك الاعتبارات تشير إلى دوافع التقاء السيسي والبشير ٢٤ مرة، والى قيام السيسي بزيارة الخرطوم ٦ مرات، حيث تعتبر علاقات البلدين الإستراتيجية قضية حياة مشتركة لبلدين يربطهما نهر النيل شريان الحياة، ولكن مخاوف انفجار لغم مثلث حلايب وشلاتين سيظل هاجسا يهدد تلك العلاقات التاريخية!
مشاركة :