الرياض ــ البلاد لليوم الثاني على التوالي تواصلت فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار بمشاركة واسعة من الخبراء والرياديين عبر العالم في مجالات الذكاء الصناعي والتحول الرقمي، في وقت شهدت فيه البيئة الاستثمارية السعودية إصلاحات جاذبة للاستثمار الأجنبي في مختلف المجالات. ويأتي المؤتمر في وقت يشهد فيه الاقتصاد السعودي نموا متصاعدا، ومتانة وضع الاحتياطات النقدية التي بلغت 1.8 تريليون ريال (480 مليار دولار) بنسبة نمو بلغت 1.4%؛ ما يؤكد قوة وأهمية ومحورية الرياض في العالم على الصعيدين الاستثماري والاقتصادي. واحتل موضوع الأسواق المالية مكان الصدارة في اليوم الثاني من فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار، حيث اجتمع نخبة من المستثمرين العالميين وأثروا الجلسات الحوارية بمشاركة آراءهم حول مستقبل الأسواق المالية وجمع الاستثمارات. وقد شاركت “مويليس”، من خلال ممثلها نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام إيرك كانتور، في جلسة حوارية ضمت معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر، والرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية العالمية والأسواق بمجموعة إتش إس بي سيو سمير عسّاف ، ومؤسس ومدير “ترست بريدج بارتنرز” شوجون لي. استهل سمير عساف، متخذاً منظور الصورة الشاملة، مداخلته بقوله: “إننا حينما ننظر إلى الأمور على المدى البعيد فإننا سنلاحظ أن الاقتصاد العالميّ يحرز نمواً حقيقياً مستمراً، ويعود الفضل في ذلك إلى الأسواق الناشئة التي تحتضنها البلدان النامية في كل من آسيا والشرق الأوسط”. فيما لخص المهندس إبراهيم العمر الجهود التي تبذلها المملكة لمساعدة المستثمرين من جميع أنحاء العالم على الوصول إلى السوق المحلية السعودية، بقوله أن المملكة تعمل بشكل وثيق مع البنك الدولي وتمّ تحديد 400 إجراء إصلاحي للمنظومة الاقتصادية، تم إنجاز 40% منها وإلى هذه الإصلاحات يعود الفضل في تحفيز المملكة على إصدار قانون للإفلاس، وتأسيس مركز للتحكيم التجاري وإجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية الأخرى مما جعل من الممكن أن تطلق اليوم شركتك التجارية في المملكة عبر الإنترنت في غضون 24 ساعة فقط”. ومن خلال تأمل آثار التقنيات الحديثة، أدلى السيد سميرعسّاف بقوله إن قطاع التقنية المالية يزخر بفرص هائلة جداً بالنسبة للبنوك والمصارف وذلك لأن هذا القطاع يشغله “مشغلو خدمات متخصصون ومبتكرون ويعملون وفق إدارة سلسة، مما يمكنهم من إيجاد الحلول بسرعة وإضفاء المزيد من القيمة الاقتصادية على بيئة أعمالنا التجارية”. وناقشت الجلسة الاولي في ثاني أيام المبادرة “مستقبل الاستثمار عمل أفضل .. كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين العالميين دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة” دور الرؤساء التنفيذيين العالميين في دعم أهداف التنمية المستدامة في دول العالم .واعلن وزير الطاقة خالد الفالح عن الإطلاق المبدئي لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية خلال مبادرة “مستقبل الاستثمار2018”. وأضاف: المملكة لديها موقع استراتيجي في العالم يربط ثلاث قارات، وتمتلك مميزات جغرافية كبيرة وسوق ضخم، وتمتلك كذلك نظاماً مالياً قوياً وسوق رأس مال كبير، وننوي تنويع الاقتصاد وفق رؤية المملكة 2030 الطموحة، وحددنا أربعة آلاف إصلاح، 40% منها أنجزت، مثل الإعلان عن قانون الإفلاس ومركز التحكيم التجاري ومركز ميراس. بدوره قال الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن زياد أبو غرارة أن العديد من الدول تستثمر في القطاع البحري ويعود عليها هذا الاستثمار بـ 20% من الناتج الاقتصادي المحلي، فإذا وضعنا هذا الرقم في عين الاعتبار وأخذنا في الحسبان أن البحر الأحمر يمتلك نظاماً بيئياً مميزاً وحياة بحرية متنوعة فإن البحر الأحمر يعد فرصة استثمارية عظيمة. من جانبها، أفادت نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الإدارة الدولية لشركة إي دي أف ماريان لينيو أن الشركة طورت في بعض الدول الأفريقية نظاماً تقنياً يعتمد على الطاقة الشمسية، فقد تم استبدال التمويل الكهربائي بالطاقة الشمسية، مبينة أن هذه الخطوة هي حجر الأساس لتحسين النظام البيئي وتعزيز التنمية المستدامة. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة بانجي المحدودة أن حجر الأساس لاستدامة التنمية الزراعية هو خلق بيئة تنظيمية وتشريعية تسهم في بناء سوق عالمية بشكل فعال وعملي. بدوره أفاد الرئيس التنفيذي للمجلس العالمي للمحيطات بول هولتس أن القطاع الزراعي نما مؤخراً بشكل سريع وفعال، وتسعى معظم الجهات إلى الاستثمار فيه بالرغم من التحديات التي تواجهه كونه فرصة عظيمة للاستثمار ولاسيما في قطاع التمويل الغذائي. وفي جلسة أخرى بعنوان العام مقابل الخاص هل ستفوز الأسهم الخاصة أو الأسواق العامة في المستقبل، أوضح وزير الاستثمار والتعاون الدولي بجمهورية مصر الدكتورة سحر نصر أن السياحة، والتقنية، والعقارات، والتمويل تُعد من أهم القطاعات التي تركز عليها مصر في تخطيطها الاستثماري. وأبان شريك ومؤسس برايمافيرا لرأس المال فريد هو أن مجالات الاقتصاد والاستثمار العالمية، يجب أن تستند على قيم ثابتة ومستدامة، فهي حجر الأساس في دعم الاقتصاد وتعزيز الاستثمار العالمي. من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الإدارة، صن غروب شيف فيكرام كيمكا أن من المهم فهم القطاع الذي تستثمر فيه، فبدون هذا الفهم لا يمكن للاستثمار أن يكون ناجحا. فيما أشار مدير عام مؤسس وشريك، أم 31 لرأس المال باتريك زونغ أن الأساس الذي يُعتمد عليه في الدخول بالاستثمار قدرة كل شركة على تأمين التدفق الحالي على المدى الطويل. وفى الاثناء قال اقتصاديون وخبراء، لـ”البلاد” إن مؤتمر “دافوس الصحراء” الذي تستضيفه الرياض شهد أكبر مشاركة في المنتديات الاقتصادية بالعالم من مستثمرين أجانب، مشيرين إلى أن فنادق العاصمة الرياض بلغت نسب الإشغال بها 100 % . وأكد هؤلاء أن المؤتمر يعتبر دعما كبيرا في طريق التنوع الاقتصادي السعودي والاعتماد بشكل كبير على مشاريع استثمارية جديدة ستكون عصب الاقتصاد السعودي. قال الباحث في العلاقات الدولية، خالد الزعتر، إن مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي تستضيفه الرياض، دافوس الصحراء، يأتي في صميم الاستراتيجية السعودية، أو التحول الوطني رؤية 2030، الذي تعيشه المملكة، ويعد إضافة كبيرة في طريق التنوع الاقتصادي السعودي لمرحلة ما بعد النفط. فيما اكد الخبير الاقتصادي، و رئيس الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية ورئيس مؤتمر القاهرة للتنمية والإستثمار الإعلامي مصطفى هديب، إن إقامة هذا المؤتمر يعبر عن قوة المملكة واقتصادها الثابت. وأضاف هديب في تصريحات لـ”البلاد” أن الاصرار الكبير من الجانب السعودي لإقامة هذا المؤتمر في هذا التوقيت أمرًا شجاعًا ويدل على قوة المملكة، ووقوفها ضد أي ضغوط يمكن أن تمارس ضدها وهو الأمر الواضح والجلي امام الجميع فالمملكة لا تتأثر بأي شئ يمكن أن يعطل مسيرتها نحو التقدم خلال الفترة القادمة. وأوضح هديب أن مشاركة كبرى الشركات العالمية والكيانات الاقتصادية في هذا الحدث الضخم ما هو الا اعتراف من العالم باهمية دور المملكة الاقتصادي وانها من الدول التي لا يجب الاغفال عن قوة اقتصادها الكبير في الشرق الأوسط بل وفي العالم بأسره ايضا. وعن أهمية قيام المؤتمر في مواعيده يقول عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، احمد العناني إن اقامة هذا المؤتمر في موعده يدل على أن المملكة لم تتأثر بأي شكل من الأشكال ،وأضاف العناني لـ”البلاد” أن مشاركة الكيانات الاقتصادية الكبرى والعالمية في هذا المؤتمر يدل على قوة الاقتصاد السعودي وأكد أن شفافية المملكة في قضية خاشقجي شجعت الشركات على المشاركة على الرغم مما قيل ضد السعودية في الفترة الأخيرة من أحاديث ومهاترات كبرى تضر بمصلحة المملكة. بدوره قال الخبير الاقتصادي، علي الادريسي، إن المنتدى الاستثماري العالمي الذي يأتي ضمن برنامج أطلقه صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لمناقشة دور الشركات، والحكومات، والمؤسسات العالمية في العمل معاً لتحقيق النمو والازدهار على المدى البعيد لجذب الاستثمارات ودخول رؤوس أموال جديدة، وتبادل الصفقات بين المستثمرين والشركات الكبيرة تتمثل فى 140 مؤسسة مختلفة، إضافة إلى شراكات مع 17 مؤسسة عالمية. وأضاف الادريسي لـ “البلاد” أن هذا المؤتمر يؤثر على مستقبل الاقتصاد حول العالم، ويبرز كذلك الرغبة السعودية في السعي الحثيث لترسيخ مكانة المملكة العالمية، كما أنه يبين الطموح الكبير الذي يستهدف تعزيز مكانتها عبر رؤية المملكة 2030 لتتنافس مع أكثر الدول الاقتصادية. وأوضح أنه سيشارك عدد من الشركات العالمية الكبيرة كشركات الاتصالات والتكنولوجيا وشركات الطاقة؛ لمناقشة آخر التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي. وأكد أن المملكة تحاول الاستفادة من قدراتها، حيث تعد المملكة أكبر دولة لديها احتياطي إنتاجي يقدر بأكثر من 1.5 مليون برميل يومياً، وتلعب دوراً حيوياً في استقرار إمدادات النفط على مدار سنوات طويلة، كما أنها من أكبر 20 دولة بحجم الصادرات والواردات، إضافة إلى مسارات رؤية المملكة 2030 التي تمثل بوابة لفرص استثمارية حقيقية للكثير من الشركات؛ لا سيما وأن السوق السعودي هو الأكبر في المنطقة العربية، من حيث حجم الاستهلاك.
مشاركة :