إلى متى التخبُّط بالقرارات؟

  • 10/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لن أتحدث من فراغ ولست من هواة التصيَّد لأخطاء الغير هكذا ومن دون دليل، بل أتحدث عن وقائع مسجلة ومنشورة في صحفنا.. وبالتالي فإن ما أسرده يكون من باب الشفافية التي نعتقد أنها المدخل المناسب في مخاطبة المعنيين بالأمر… بالامس طالعتنا الصحف بخبر فَحْوَاه أن إدارة المرور قررت منع سحب دفتر السيارة في حال ارتكاب مخالفة مرورية من قبل أي شخص، وهذا يعتبر تراجعاً عن قرار سابق عكس ما كان معمولا به! ولو كان القرار هو الأول من نوعه، لقلنا ان الجماعة وجدوا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك، ولهذا تراجعوا عنه بعد عمل دراسات واستقصاءات، وبالتالي جاء نتيجة بحث ومعطيات وهذه حالة قد تحدث وليس في الامر ما يستدعي الاستغراب.. لكن دعونا نستعرض جملة قرارات صدرت من إدارة المرور في السنتين الماضيتين: أصدروا قرارا بمخالفة من لم يضع طفاية حريق في سيارته ثم تراجعوا عنه!.. أصدروا قرارا بسحب المركبات في حال من لم يلتزم وضع حزام الأمان وعدم استخدام الهاتف أثناء القيادة لكن توقفوا عن العمل به بعد فترة من تطبيقه، وبمعنى آخر صار بحكم من تراجع عنه!… أصدروا قرارا بحجز المركبات التي تقف فوق الرصيف ثم توقفوا عن تنفيذه، أو لنقل تغاضوا عنه كأنه لم يكن!… أصدروا قرارا بتخفيض السرعة بالطرقات السريعة وحددوا أسماءها، وذلك من 120 إلى 100 كلم ومن 80 إلى 60 ثم تراجعوا عنه؟… أصدروا قرارا بالسماح باستخدام حارة الأمان، بعدما ان كان ممنوعاً، وبعدما ازهقت أرواح ناس بسبب سيرهم في أمكنة ممنوعة، واليوم تري الحارات تستخدم وبسرعات عالية جداً ومخيفة وبكل الأوقات، وكأنه لا قرار ولا من يحزنون!… أصدروا قرارا بسحب المركبات لمدة شهرين من أماكن ممنوع الانتظار فيها أو الوقوف ثم تراجعوا عنه، وفي أحسن الحالات توقفوا عن الالتزام به. هذا ما اسعفتني الذاكرة به ومن خلال مراجعة الصحف وفي ما يختص بإدارة المرور، أما ادارة الهجرة والوافدين فحدث ولا حرج.. كل فترة يخرجون بقرارات ثم يستبدلونها أو يلغونها والعالم في حيرة والسؤال: متى يستقرون على قرار واحد؟ ولماذا تخبط المؤسسات الحكومية في القرارات والاستعجال باتخاذ قرار وبعدها نأتي بنقيضه وهكذا دواليك؟! الحقيقة الواضحة أن المسألة لا تتوقف عند القرارات الإدارية، بل وصلت إلى إصدار قوانين ثم تعدل عدة مرات، ونحن هنا نتكلم عن التشريعات وليس فقط قرارات.. أي إن الموضوع له تبعات والتزامات قانونية تحدث تغييراً ليس من السهل التراجع عنه هكذا بعد أن يكون وصل بالتنفيذ إلى درجة متقدمة. المشكلة أن تلك القرارات تتخذ من قبل أشخاص لديهم السلطة والصلاحية من دون مساءلة أو مراجعة، وبمعنى أنها ربما تصدر عشوائياً وليس بغرض التصحيح، ويغلب عليها الطابع الشخصاني وليس بالضرورة لمراعاة مصلحة المجتمع واستقراره… عندنا ظاهرة احيانا يتم التمادي بها، وهي أن من يأتي بعد الآخر يلغي قراراته أو يجمدها، وبالتالي تعيش تلك الادارات حالة من التخبط. أنا أتفهم تماما الحاجة إلى التكيف مع المستجدات، لا سيما القرارات المتصلة بالهجرة والمرور، إنما اعتراضنا على سرعة التبديل أولاً وعلى عدم تطبيق القرارات والتراجع عنها، بحيث تصبح ميتة فهل من مجيب؟! د. إبراهيم بهبهانيebraheem26.com @babhani26

مشاركة :