حظي البحر الميت الأردني بسمعة منقطعة النظير بسبب الملوحة الشديدة لمياهه وانخفاضه عن باقي أراضي المنطقة، ما جعله مقصدا سياحيا مثيرا لاهتمام الزوار من كافة أنحاء العالم للاستشفاء والعلاج والاسترخاء والتخلص من ضغوط الحياة، ولكن صار لهذا المكان منافس آخر في الشرق أكثر جذبا للسياح بعد أن أثار فضول الكثيرين للقيام بمغامرة لاستكشافه بسبب ألوانه الزاهية. شينجيانغ (الصين) – اشتهر البحر الميت في الأردن بملوحة مياهه الشديدة حتى أنه لا يحوي كائنات حية مطلقا، ولكن بفضلها يمكن للمرء أن يطفو على سطحه بهدوء، حيث يمكن لأي شخص لا يعرف السباحة أن يعوم فيه دون خوف من الغرق، لدرجة أن البعض يفضل قراءة الكتب والمجلات وهو مستلق على الماء زيادة في المتعة. ولكن في مقاطعة شينجيانغ الصينية هناك بحيرة ملونة شديدة الملوحة تشبه البحر الميت الأردني تماما. وقد اشتهرت باسم “البحر الميت الصيني” منذ سنوات طويلة لأن نسبة ملوحة مياه هذه البحيرة لها نفس تركيز الملح في البحر الميت، ولهذا السبب يمكن لمن يريد السباحة هناك أن يتمتع بمغامرة فريدة وكأنه في البحر الميت الأصلي. وما يميز البحيرة الواقعة في حديقة الملح السياحية والتي صارت المكان المفضل لسكان المنطقة لتجنب درجات الحرارة العالية في فصل الصيف، ألوانها المثيرة على مدار السنة، والتي لا يوجد تفسير لتلك الظاهرة الطبيعية. والأمر لا يقف عند ذلك الحد فحسب، بل هو مغاير تماما في الصين، فالبحيرة التي تقع عند طريق حوض يونشنغ ورغم أن نسبة الملح فيها تبلغ حوالي 23 بالمئة، إلا أنها بيئة جيدة لنمو المخلوقات والنباتات، التي تنمو حولها وتضيف عليها جمالا فريدا من نوعه. ومنذ تدشينها مع بداية القرن الحالي، أصبحت منطقة بحيرة الملح الملونة أكبر مركز للتجميل والعلاج بالاستحمام الملحي في شمال غربي الصين وأكبر مقصد سياحي شامل في المنطقة. وتتغير ألوان البحيرة الملحية، البالغة مساحتها 132 كيلومترا مربعا، مع تغير الفصول الأربعة واختلاف درجات الحرارة، ولذلك إذا نظر زائر المكان إليها من أعلى ستبدو مثل الحبر الملون المسكوب على الأرض، وهو ما يشكل لوحة فنية طبيعية خلابة. وتنقسم البحيرة إلى بركات عديدة مختلفة المساحة وتضم اللون الأحمر، وهو الأبرز، واللون الأصفر والأزرق والأخضر وغيرها من الألوان الزاهية، خاصة عندما يكون الطقس مشمسا، مما أطلق عليها البعض اسم “بحر الملح الملون”. الاستمتاع بالقراءة على سطح مياه البحيرةالاستمتاع بالقراءة على سطح مياه البحيرة وكانت هذه البحيرة منطقة إنتاج رئيسية للملح في الصين قبل أن يتم فتحها أمام الجمهور، وبحسب المختصين والعارفين بخفايا هذه المنطقة، فإن لملحها قيمة طبية عالية. وعند زيارة البحيرة، ففي الغالب، يمكن مشاهدة السياح وهم يسبحون فيها مرتدين قبعات شمسية ويأكلون المرطبات ويقرأون الصحف. وخلال العقود الماضية، كان السكان المحليون يستخرجون الملح من هذه البحيرة وينقونه. وبسبب بعد المنطقة عن البحر، يكاد يكون معظم السكان غير قادرين على السباحة، لذلك فإن السباحة في البحيرة كفعالية سياحية لها جاذبية كبيرة للزوار، لأن من لا يعرف السباحة منهم لا يخشى الغرق. ويهرب سكان قرية أورومتشي القريبة من البحيرة من حرارة الصيف، والتي تصل في الكثير من الأحيان إلى 35 درجة مئوية، إلى بحيرة الملح للاستجمام والراحة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي قلّ وجودها في بقعة ما من العالم. وهناك عدة مواقع سياحية جديرة بالزيارة في تلك المنطقة، مثل الشواطئ الرملية الناعمة والحدائق الجميلة وساحات سباق الخيول، لكن معظم الزوار يفضلون السباحة في البحيرة الملحية، حيث مياه البحيرة هادئة ومتلألئة تشبه مرآة كبيرة. وتنقل الصحف الصينية المحلية روايات كثيرة عن البحيرة من السياح، حيث يقولون إنهم يشعرون بارتياح عندما يسبحون في البحيرة، وإنها تشبه البحر الميت الأصلي، الذي عرفوه من الكتب والمجلات والمواقع السياحية العالمية. ويؤكد أحد الزوار أنه في البداية كان متوترا ولا يستطيع السباحة، ولكن بعد تلقيه التدريب لعدة دقائق فقط، استوعب سريعا مهارة السباحة. وتجذب البحيرة كل عام عددا كبيرا من السياح المحليين والأجانب للتمتع بالعوم فوق المياه والبيئة الهادئة هناك، وبالإضافة إلى ذلك، ما تتميز به مياه البحيرة من تأثير صحي واضح على بشرة الإنسان. وإلى جانب السباحة في البحيرة، يفضل بعض الزوار طلي أجسامهم بالطين الأسود المأخوذ من قاع البحيرة والذي يعتبر مفيدا للبشرة، فمياهها غنية بملح غلوبر وغيره من المواد المعدنية وقيل إن مكونات هذه البحيرة شبيهة بمكونات البحر الميت في الأردن. ألوان مميزة ومتنوعة في مكان واحدألوان مميزة ومتنوعة في مكان واحد ويشير المختصون في العلاج الطبيعي إلى أن السباحة في مياه هذه البحيرة المالحة لها فاعلية كبيرة في استرخاء العضلات والأعصاب وعلاج التهاب المفاصل والزكام. والطين الأسود في قاع البحيرة، غني بالمواد المعدنية مثل البوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم والكلور والبروم واليود، ويتميز بآثاره الإيجابية العديدة أيضا منها تجميل البشرة وعلاج الأمراض الجلدية. ويحتوي الطين على عناصر أساسية وثانوية من الأملاح والمعادن التي تعتبر مثالية للبشرة. والفائدة ليست فقط للناحية الجمالية، بل يمكنها أن تشفي الإنسان من عدة أمراض لأنها تحفز البشرة على إفراز زيوتها الطبيعية وتنشط الدورة الدموية. ويعتبر الجبل الملحي الواقع شمال البحيرة الملحية موقعا سياحيا آخر يفضل السياح زيارته، إذ يبلغ ارتفاعه عشرين مترا وهو في الحقيقة أكداس من الملح يتجاوز وزنها 60 ألف طن. وإذا نظر إليه المار من المكان سيجده جبلا ثلجيا أبيض يثير الفضول. وثمة أشياء كثيرة تميز منطقة بحيرة الملح الملونة وهو اهتمامها البالغ بالحماية البيئية والأحيائية، حيث تعالج المياه المهملة والنفايات المهملة بصورة خاصة، وأما بعض التماثيل الفنية المنصوبة في المنطقة فموادها ومكوناتها مأخوذة من النفايات الصناعية التي تم تعقيمها. ووفق المؤرخين، في محيط البحيرة التي يعود تاريخها إلى 500 مليون سنة، هناك الكثير لاستكشافه، حيث يمكن للسياح زيارة معبد يونشي الذي بني في عهد سلالة تانغ ومعبد جوان جونغ وغيرهما الكثير من المعابد. وعلى جوانب البحيرة الملحية الملونة، سيستمتع الزائرون بالمساحات الخضراء المترامية الأطراف، وكذلك بلورات الملح العالقة في كل مكان وخاصة على جوانب البحيرة، في مشهد خلاب يخطف الأنفاس.
مشاركة :