"يبدو أن لمخيمات اللاجئين والنازحين نجوماً ودرجات أيضاً، تماماً كالفنادق".. هذا ما يقوله بعض سكان #مخيم_الركبان_للنازحين_السوريين على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، الذي يضم نحو 50 ألف نازح تقريباً، حيث يقيّمون مخيمهم بـ"صفر نجمة"، في إشارةٍ منهم لانعدام أبسط مقومات الحياة فيه. ويقع هذا المخيم داخل الأراضي السورية على مقربة من قاعدة التنف العسكرية على الحدود مع #الأردن والعراق ضمن منطقةٍ أمنية أنشأها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية في العام 2016. يأس السكان من الحديث لوسائل الإعلام ووصل الأمر لدى بعض سكانه إلى عدم الحديث عن معاناتهم لوسائل الإعلام، ويقولون عن ذلك إن "هذا الأمر لا يجدي نفعاً، لقد تحدثنا كثيراً ولم يكن هناك نتيجة لنقل معاناتنا إلى العلن". وقال رجل مسن من سكان المخيم لـ"العربية.نت": "نعيش مجاعة حقيقية والمساعدات توقّفت منذ عدّة أشهر، وعلى العالم أن يعرف أننا نعاني هنا ونطالبه بمساعدتنا". ويعيش هذا المسنّ السوري في خيمةٍ متواضعة وبدائية كحال أقرانه في المخيم، إذ تتوزع الخيم بشكلٍ عشوائي في الصحراء التي أنشئ فيها هذا المخيم قبل أكثر من 4 سنوات، بالإضافة لبعض الغرف الطينية التي تكاد تقع فوق رؤوس قاطنيها. وقالت زوجة ذلك المسنّ لـ"العربية.نت": "لا نستطيع أحياناً شراء ربطة خبز لغلاء سعرها، ونتدبر أمورنا كيفما كان". ومنذ تأسيس المخيم في العام 2014، لم تصل مساعدات كافية لسكانه، وكان بعضها من المملكة الأردنية عن طريق منظمات دولية منها الأمم المتحدة، لكن الأردن أغلق حدوده أمام تلك المساعدات عقب تفجير لتنظيم "داعش" في تلك المنطقة في العام 2015. ومنذ ذلك الحين لم يدخل إلى المخيم سوى قافلة واحدة للمساعدات بداية العام الجاري. يعتمدون على مواد تموينية مهربة ويعتمد سكان المخيم بشكل أساسي على تأمين موادهم الغذائية على عمليات التهريب من ريف السويداء الشرقي وبعض مدن وقرى القلمون، فيما فرض #النظام_السوري قيوداً أمنية على تلك المناطق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وفقدانها، ليترك سكانه أمام مجاعة فعلية. وينتظر الأهالي وصول المساعدات إليهم من الأمم المتحدة عبر دمشق بعد موافقتها على ذلك مؤخراً، لكن سوء الأحوال الجوية والعواصف الرميلة التي تجتاح المنطقة منعها من ذلك. ومع قدوم فصل الشتاء، يعاني سكان المخيم أكثر فأكثر، لاسيما أن مواد التدفئة غير متوفرة هي أيضاً، وتبدو أسعارها "باهظة" كما يقول السكان، حالها حال المواد التموينية. الخدمات الطبية شبه معدومة وبعض النساء توفين نتيجة ذلك وتكشف احصائيات الإدارة المحلية في مخيم الركبان والتي يترأسها الشيخ فيصل الحدّار عن وجود حالات مرضية بين سكان المخيم. وتقول الأرقام إن "هناك ما يقارب 3000 حالة مرضية، أكثر من نصفها مزمنة، ومن بينها 1000 حالة مرضية لدى الأطفال". ومن بين هذه الحالات 150 واحدة منها بحاجة لدخول المستشفيات. ويفتقر المخيم للمراكز الطبية، لكن هناك ممرضون وبعض الأطباء يعملون في عياداتٍ غير مجهزة فيما يضطر سكان المخيم المرضى إلى السير نحو كيلومترٍ واحد لتلقي العلاج ضمن الأراضي الأردنية في مركزٍ طبي يتبع للأمم المتحدة. وأكد سعيد سيف وهو صحافي سوري من داخل المخيم لـ"العربية.نت" أن "هناك نقطة طبية واحدة وهي غير كافية مقارنة بعدد سكان المخيم، وخدماته شبه معدومة". وأضاف "يعمل في هذه النقطة بعض الممرضين والأطباء ولكنهم عاجزون عن ممارسة مهنتهم لعدم وجود مستلزمات طبية كافية". وأوضح "في ما يتعلق بحالات الولادة، هناك قابلات قانونيات، لكن بعض حالات الولادة القيصرية تتم داخل #الأراضي_الأردنية في نقطة طبية للأمم المتحدة، الأمر الذي يزيد من مصاعب النساء هنا في المخيم"، مشيراً إلى أن "بعض النساء توفين لعدم وجود مستشفيات قريبة من المخيم عندما كنّ بحاجة لعمليات الولادة القيصرية". وفاة طفلين هذا الشهر في المخيم وهناك صعوبات كثيرة تكاد لا تحصى لدى الأهالي، لكن التنسيق يحصل في بعض الأحيان بين "جيش العشائر" والجيش الأردني، لنقل المرضى منهم بهدف تلقي العلاج داخل الأراضي الأردنية، بالإضافة لتقديم خدمات أخرى بسيطة لسكان المخيم كمياه الشرب. وأعلنت منظمة "اليونسيف" عن وفاة طفلين سوريين في المخيم أوائل شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري لعدم تمكنهما من تلقي العلاج في المخيم. أطفال في سن التعليم لا يتلقون تعليمهم إلى ذلك، قال أحمد الصغيرة، وهو مدرّس ومسؤول التعليم في المخيم والذي يُشرف على مختلف مدراسه لـ"العربية.نت": "يوجد في المخيم عدد كبير من الأطفال في سن التعليم وجزء كبير منهم لم يدخل المدرسة، بينما الجزء المتبقي، فهم يتلقون تعليمهم في مدارسنا المتواضعة وفق إمكانياتنا البسيطة". وأضاف الصغيرة "جميع كوادرنا متطوعون ولم يتلقوا دعماً مادياً من أحد، باستثناء القرطاسية قدمتها منظمة اليونسيف العام الماضي". ويبدو مخيم الركبان مقطوعاً عن العالم الخارجي، إذ يستخدم سكانه الإنترنيت الفضائي للتواصل مع أهلهم وأقاربهم في سوريا وخارجها وسط انعدام شبكة الهواتف السورية، منتظرين في الوقت ذاته مساعدات الأمم المتحدة التي من المحتمل أن تصلهم في اليومين المقبلين، لتنقذهم من مجاعتهم الحالية.
مشاركة :