إسطنبول (تركيا) - تواجه تركيا حالة من الضبابية وعدم اليقين ولا تبدو واثقة من إمكانية الحصول على تنازلات أميركية بشأن مواصلة شراء النفط والغاز الإيراني، الذي تحتاجه بشدة وذلك قبل أيام من إعادة فرض العقوبات الأميركية على قطاع النفط الإيراني. ويرجح محللون بقاء الموقف الأميركي غامضا خاصة وأن الولايات المتحدة تتأهب للانتخابات النصفية ولا تريد إدارة الرئيس دونالد ترامب ارتفاع أسعار النفط مع اشتداد العقوبات على طهران بعد انتهاء الانتخابات المقررة في السادس من نوفمبر المقبل. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، في أنقرة “لقد نقلنا إلى واشنطن مطالبنا بالإعفاء من هذه القضية”، مشيرا إلى أن أي قرارات أميركية “أحادية الجانب” تضر بمصداقية الولايات المتحدة. وكانت إيران أكبر مورد للنفط الخام إلى تركيا في العام الماضي، حيث أرسلت إليها 11.5 مليون طن من الخام مقارنة بنحو 6.9 مليون طن في العام السابق، وفقاً لهيئة تنظيم سوق الطاقة التركية. ومازالت تركيا، وهي عضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، تتعامل مع تداعيات الجولة الأخيرة من العقوبات العالمية على إيران، والتي تم رفعها عام 2015 بعد أن وافقت طهران على تقليص برنامج أسلحتها النووية. 280 ألف برميل باعتها إيران للشركات الخاصة من بين مليون برميل، وفق وزارة النفط الإيرانية وينتظر المستثمرون قرار الولايات المتحدة بشأن فرض غرامة على “هالك بنك” الحكومي التركي في قضية تتعلق بالعقوبات. وكانت واشنطن قد طالبت أنقرة بدفع غرامة تصل إلى 37.5 مليار دولار لمعاقبة المصرف لانتهاكه العقوبات المفروضة على إيران من خلال تحويل مليارات الدولارات لصالح الحكومة الإيرانية. وحكمت محكمة أميركية في مايو الماضي، على محمد هاكان أتيلا، وهو مسؤول تنفيذي سابق في هالك بنك، بالسجن لمدة 32 شهراً لدوره في مخطط ضخم للنفط مقابل الذهب يستهدف تجنب العقوبات الأميركية على إيران. وتحولت شخصية رئيسية تركية متورطة في المؤامرة، قالت إنها قدمت رشى لمسؤولين في الحكومة التركية، إلى شاهد ملك، وأدلى هذا المسؤول، الذي لم يكشف عن هويته، بشهادته حول تلك القضية في نيويورك. ويقول نجدت بامير، رئيس لجنة الطاقة في حزب الشعب الجمهوري إن بلاده لا تزال تفضل النفط الخام الإيراني لأن طهران على ما يبدو تقدم أسعارا أرخص نسبيا من الموردين الآخرين للمساعدة في تخفيف تأثير العقوبات على اقتصادها. وتأتي العقوبات الأميركية المزمع فرضها على إيران، في وقت تشهد فيه العلاقات بين أنقرة وواشنطن تراجعا في عدد من القضايا الأخرى تتعلق بالإرهاب وما يحصل في الشرق الأوسط. واستبعد أحمد قاسم هان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ألتن باش في إسطنبول، أن تقدم تركيا على تحدي الولايات المتحدة بشكل كامل، لكن لا ينبغي أن نتوقع الامتثال الكامل لعقوبات إيران. وتستطيع أنقرة استخدام هذا كذريعة لتجنب التدابير الأميركية، خاصة إذا كانت قادرة على الإشارة إلى انتهاكات من قبل عمالقة مثل الصين، وهي مستورد رئيسي آخر للنفط الإيراني وليست مسرورة بمشروع واشنطن المنفرد. مولود جاويش أوغلو: أي قرارات أميركية أحادية الجانب تضر بمصداقية الولايات المتحدةمولود جاويش أوغلو: أي قرارات أميركية أحادية الجانب تضر بمصداقية الولايات المتحدة وقال هان “يشرع ترامب في مغامرة ساذجة ومحفوفة بالمخاطر. وقد يفوز في النهاية، لكن ذلك سيعني الدفع بحلفاء، بما في ذلك تركيا، إلى معسكر عالمي متنام من الاستياء ضد الولايات المتحدة”. وفي خضم هذه القضية، ذكر موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية (شانا) أن طهران بدأت أمس بيع النفط الخام لشركات خاصة لتصديره في إطار استراتيجية للالتفاف على العقوبات الأميركية. وتسيطر الدولة في إيران على تجارة النفط الخام. وقال مسؤولون إنه لم يكن بوسع شركات تكرير النفط الخاصة في وقت سابق شراء النفط الخام إلا من أجل تصدير المنتجات النفطية. ووفق بيانات موقع شانا، فإن من بين مليون برميل طرحت في بورصة الطاقة بيع 280 ألف برميل بسعر 74.85 دولارا للبرميل. وكانت إيران قد قالت في يوليو الماضي، إنها ستبدأ في بيع النفط للشركات الخاصة، في إطار جهودها لمواصلة تصدير النفط، وإنها ستتخذ إجراءات أخرى للتصدي للعقوبات بعد أن طلبت واشنطن من حلفائها وقف جميع الإمدادات الإيرانية. وقال الموقع الإيراني إن مبيعات النفط الخام جرت بزيادة قدرها 35 ألف برميل، دون أن يذكر أسماء المشترين. وطبقت واشنطن عقوبات على قطاعات التعاملات المالية والمعادن والسيارات بإيران في أغسطس الماضي، بعد انسحابها من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي كان يقضي برفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.
مشاركة :