أكد مختصون أن الفن التشكيلي لغة مؤثرة على المتلقي إذا ما اتسمت بالصدق والشفافية لأنها تحمل رسائل فلسفية وجمالية تعدل مسار قضايا إنسانية، وقال مدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف الفنان التشكيلي فيصل الخديدي إن هذا الفن يعد "لغة مؤثرة على منتجها ومستقبلها متى ما اتسمت بالصدق والنضج وكانت محملة برسائل فكرية وفلسفية وجمالية، فالفن يؤثر ويتأثر"، مشيراً إلى أنه يؤثر في المجتمع وفي تقديم رسالة "والشواهد كثيرة على تأثير الفن في العالم من تعديل مسار قضايا إنسانية أو اعتراض على سلوك سلبي وتهذيبه، فالفن حياة في حد ذاته كما أنه يؤثر في الحياة". وأكد الخديدي بأن الفن التشكيلي لغة عالمية "وهو أيضاً لسان حال المجتمع ويستمد قضاياه من المجتمع وبجميع أساليبه ومدارسه، يوجد له رسالة ومحمل بكثر من القضايا التي تنبع من المجتمع وتساعد على المشاركة في حل مشكلاته الاجتماعية". من جانبه أوضح الفنان التشكيلي يوسف إبراهيم أن "الفن التشكيلي والعلاقات اللونية والكتلة والتوازنات لها تأثير مؤكد على المتلقي وأحياناً تؤثر بنفس القدر على الفنان ذاته وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع والمحيط بشكل عام". مستشهداً بأمثلة على هذا التأثير ومنها "أن أحياءً أو جسوراً أو مباني تغير سلوك المحيطين بشكل كبير فقط لأن ألوان بعض العناصر تغيرت. وهذا الأمر دعا مهندسي العمران واختصاصيي السلوك للاستعانة بفنانين تشكيليين لوضع البصمة التشكيلية حتى تتناسب مع مستهدفات التصميم وهذا ملاحظ في بعض أحياء باريس مثلاً والتي كانت مناطق تكثر فيها الجريمة ولكن بتغيير ألوان وأشكال بعض المباني وتدخل الفنان التشكيلي فيها تحولت إلى مناطق أقل جريمة وأكثر هدوءاً وسلماً. والأمثلة كثيرة منها حائط برلين أصبح مجموعة من الأعمال التشكيلية وتغيرت دلالاته فقط بتدخل التشكيلي إلى دلالات أخرى، وبالتالي تغير حتى إحساس المارين والمحيطين به. ما أود أن أقوله إن تأثير الفن التشكيلي كبير على المجتمع ومشاكله وتحسينه إذا تم ذلك بشكل مدروس وبعين وإحساس وفكر فنانين وتشكيليين حقيقيين، وهذا يمتد على كل محيط في حياتنا، فالفن هو احتياج حقيقي وليس إضافة جمالية وديكورية وتزيينية فقط. نعم هو احتياج لتهذيب أخلاقيات وسلوكيات وحتى أحياناً يصل إلى تغيير مبادئ وقيم ومشاعر". من جانبها قالت الفنانه التشكيلية كريمة المسيري إن هذا الفن بشكل خاص له دور في تهذيب سلوكيات الفرد وتحسين دوره المجتمعي "أما الفنون بشكل عام فهي حالة ثقافية تعبر عن المخزون الحضاري لأمة من الأمم، بحيث تشكل الفنون الهوية الخاصة بهذه الأمة، فكل أمة لها فن يميزها عن غيرها، ونحن في وطننا العربي لنا أيضاً فننا الخاص"، وأشارت المسيري إلى أن الرسم يعتبر أداة تعبيرية هامة "يمكن أن تستعمل من أجل أن تُعبِّر عن الأفكار المختلفة التي تجول في خاطر الإنسان، مما يجعل لها تأثيراً كبيراً على كل من يراها ويتفاعل معها بصرياً. قد يكون في بعض الأحيان معبّراً هاماً عن بعض الأحداث التي حدثت في الفترة التي عاش فيها الرسام، فبالرسم يمكن إظهار حالات النصر، والإصرار، والعزيمة وكافة الحالات التاريخية الإنسانية. يعتبر مجسداً للجمال، حيث يعتبر هذا الفن واحداً من أفضل الفنون التي يمكنها أن تعبّر عن الجمال بطريقة جذابة وجميلة، وذلك باستعمال الخطوط والألوان والعديد من الأدوات الأخرى وعلى رأسها الخيال والفكر. يزيد الإبداع وينشط الدماغ ويساعد الإنسان على امتلاك عقل جميل، وهو حاضنة للثقافة والهوية لمجتمع من المجتمعات أو أمّة من الأمم ممّا يجعله فناً هاماً جداً بالنسبة لكافة الشعوب". مضيفة بأن "الفن التشكيلي وسيلة علاجية تعتمد على الاعتقاد بأن العملية الإبداعية المشاركة في التعبير الفني عن الذات لمساعدة الناس على حل الصراعات والمشاكل وتطوير المهارات الشخصية وإدارة السلوك وزيادة الثقة بالنفس والوعي الذاتي، وتحقيق البصيرة". فيما قالت الفنانة التشكيلية ليلى الحارثي "إن أي شخص يرى عملاً فنياً فإن ذلك ينعكس عليه بالإعجاب أو بالارتياح أو عدمه وإحساس يحكم به على العمل الذي أمامه"، مشيرة إلى أن الفنان التشكيلي السعودي حاضر في مختلف القضايا وصولاً إلى القضايا العالمية "وهناك عدد كبير من التشكيليين يعنى باختيار موضوعاته وتظهر في أعماله قيم اجتماعية تعنى بتهذيب الأخلاق وتحمل رسالة للمجتمعات الأخرى تعكس مستوى عالياً من المهنية الفنية الجمالية مع الرسالة الإنسانية النبيلة". يوسف إبراهيم
مشاركة :